تبرز القضية الفلسطينية كواحدة من أعقد القضايا الدولية على الساحة، فهي بحق قضية شائكة ، وأحداثها تسيطر على كافة وسائل الإعلام المحلى والعربي والدولي على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان.
فقديماً زعم اليهود أن لهم حقاً تاريخياً يجيز لهم إحياء إسرائيل البائدة منذ آلاف السنين ، وهذا الزعم باطل زائف لا نصيب له من الصحة ، قُصد به خداع الجماهير الساذجة في الغرب ، وتضليل هؤلاء الذين يجهلون حقائق تاريخ البلاد المقدسة ، ومما يؤكد بطلان هذا الزعم وزيفه أن " هرتزل " مؤسس الصهيونية لم يشر إلى هذا الحق التاريخي في كتابه " الدولة اليهودية " ، كما أن مؤتمر " بال " بسويسرا عام 1897م لم يسجل هذا الحق في قراره المشهور.
ونتيجة لهذا الزعم الذى سيطر على الصهاينة روجوا مقولة ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض )، وذلك لتبرير اغتصابهم لفلسطين ، فهم يرثون الإجرام كابراً عن كابر فى نفيهم وأكاذيبهم - على الدوام - وجود الشعب الفلسطيني وحضارته وتاريخه ، بل إنهم يتعمدون نفى الحقائق من كل تاريخ مكتوب لديهم والتي تثبت وتؤكد وجود الشعب الفلسطيني ، وأن فلسطين كانت مهد حضارة زاهرة طوال تاريخها العربي والإسلامي وقبله ، فهي مهد المسيح – عليه السلام- ومسرى الرسول محمد r.
وقد ساعد اليهود فى طمس ومحو هوية فلسطين العربية حلفاء ، لهم وزنهم على الصعيد الدولي مثل فرنسا وبريطانيا قديماً والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي ( السابق ) حديثاً ، فقد تأثرت وعانت فلسطين ومازالت تعانى حتى الآن من بريطانيا والولايات المتحدة ، فبريطانيا الكيان الذى سعى إلى ترسيخ وإقامة الحكم اليهودي فى فلسطين وتوطينه فيها قبل إجلائها عن فلسطين عام 1948 ، فقد تضافرت قوى الشر ضد العالم العربي خاصة فلسطين الدولة العربية المقدسة للمسلمين والمسيحيين على السواء، لإقامة حامية عسكرية تخدم مصالح الغرب بصفة عامة ، وتضرب أي حركة أو دولة إسلامية عربية تقوم مستقبلاً وتقف نداً في مواجهة الدول الغربية والأوربية ، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي مكنت اليهود من تثبيت دعائم مملكتهم في فلسطين رغماً عن العالم العربي وبمباركة من معظم دول العالم إبان إنشائها عام 1948 ، فقد وقفت بجانبها من بداية تقسيم فلسطين حتى وقتنا هذا من عام 2016 من جميع النواحي خاصة من الناحية العسكرية التي تكفل لها التفوق على معظم دول الجوار ، هذا فضلاً عن أن إسرائيل الآن تنكر وتنفى وجود الشعب الفلسطيني وترفض فكرة إقامة دولته وتزعم أنه لا وجود له ، رغم أن مسؤولا كبيرا من البيت الأبيض الأمريكي صرح في يوم الاثنين الموافق 22 / 3 / 2015 م أنه آن الأوان لإسرائيل أن تنهى احتلالها للأراضي الفلسطينية والتي احتلت اراضيها منذ أكثر من خمسين عاما .
وأمام هذا الإنكار والزيف والنفي لوجود الشعب الفلسطيني اغتصب اليهود فلسطين في غفلة من العرب ، وذلك لتفتيت وحدة العالم العربي واغتصابه والاستيلاء على ثرواته وخيراته ، وتنفيذ المخططات الاستعمارية التي وضعت مسبقا ، فاغتصاب فلسطين جريمة نكراء حدثت أمام الجميع ، وتحت سمع وبصر العالم كله بما في ذلك منظماته الدولية التي اتخذت مطية لارتكاب هذه الجريمة على يد بريطانيا والولايات المتحدة الكيانيْن اللذيْن نفذا هذه الجريمة وجعلا إسرائيل واقعاً ملموساً وحقيقياً على الساحة الدولية ، بل تعهدا ببقائها وحمايتها حتى عاثت في الأرض فساداً واستكباراً ، وأصبحت بين عشية وضحاها قوة عظمى من حيث الإمكانيات والسلاح.
ولعل أبلغ رد للعالم أجمع في أن فلسطين تم سرقتها ومحو هويتها العربية كان على لسان " ديفيد بن جوريون " نفسه أول رئيس وزراء لإسرائيل حيث قال - مستنكراً على زعماء الدول العربية الرضوخ والاستسلام لحقيقة سرقة فلسطين - لماذا ينبغي على العرب التوصل إلى السلام ؟ وإذا قُدر لى أن أكون زعيماً عربياً ما كنت أتصالح مع إسرائيل على الإطلاق ، فهذا أمر طبيعي ، فنحن قد استولينا على بلدهم ، حقيقة أن الله وعدنا بها لكن ذلك لا يعنيهم في شيء ، فديننا غير دينهم ، ونحن انحدرنا من إسرائيل حقيقة ، لكن كان ذلك منذ ألفى عام ، وذلك أيضاً لا يعنى لهم شيئاً ، لقد كان هناك معاداة السامية ومعسكرات الاعتقال النازية ، لكن ذلك ليس ذنبهم ، وهم لا يرون إلا شيئاً واحداً هو أننا جئنا إلى هنا وسرقنا بلدهم ، فلماذا ينبغي عليهم قبول هذه الحقيقة والكاتب بدوره يتساءل لماذا ينبغي على حكام العرب قبول هذه الحقيقة ولم يدافعوا عن حقوقهم حتى الآن ؟!!!
لكن من المؤكد يقينا أن دولة إسرائيل دولة زائلة سرعان ما تنقشع وتذهب بدداً كما يعتقد بذلك كثير من حاخاماتها وكهنتها ، ومهما تشنج المتعصبون من الزعماء والسياسيين فى الغرب وإسرائيل على السواء ومهما تلفعوا بدعاوى البحث عن السلام.
بقلم دكتور / عبدالله الوزان