في القرون الوسطى أحكمت الكنيسة قبضتها على الدول والمجتمعات الأوربية وأصبحت تتحكم في كل شؤون الحياة سواء في الحياة الاجتماعية أو السياسية .
وتجاوز ذلك الى العلوم بمختلف تخصصاتها فلا يقبل أي اكتشاف أو نظرية علمية ما لم توافق مسلمات الكنيسة
وتعرض بعض العلماء للسجن والتعذيب لمخالفة نظرياتهم للكنيسة وتعرض الكثير من العلماء للسجن والتعذيب لمخالفته للكنيسة على سبيل المثال علم الفلك جاليليو جاليلي لقولة بمركزية الشمس ونتيجة لذلك ظهرت العلمانية والتي تريد فصل الدين عن العلم لتتحول بعد ذلك لفصل الدين عن الدولة .
نتيجة هذا التشدد الكنسي بدأت في منتصف القرن الثامن عشر ثورة على الكنيسة من الشعوب ومن الانظمة السياسية على حد سواء وبدأت بعض الدول بإنتزاع بعض صلاحيات الكنيسة وكان أولها ما يخص الأحوال المدنية وتحويله الى نظام مدني تشرف عليه الدولة .
وشيئاً فشيئاً أخذت صلاحيات الكنيسة تقل حتى وصلت إلى الحد الذي لا تملك فيه أي صلاحية وأقتصر نشاطها داخلها او بعض النشاطات من رجال الدين المسيحي وهو نشاط غير ملزم .
ونتيجة ردة الفعل على تشدد الكنيسة أضحى اليوم أغلب المسيحيين لا علاقة لهم بالمسيحية سوى الانتساب بالاسم دون معرفة ولا يمارسون أي من تعاليم الكنيسة وهنا ما نخشاه ولا نتمناه ونأمل أن لا يتكرر هذا في مجتعنا .
أبان عصر ما سمي بعصر الصحوة عشنا فترة تشدد طال الكثير من الممارسات المباحة فحرم عمل المرأة والتلفزيون والهواتف النقالة و التصوير والتصفيق وغيرها وزادت موجة التكفير ورأينا من يثور على والدية لينكر عليهم مما سبق تحريمة وتسيد الرأي الواحد الذي يرفض الجميع ولا يقبل الخلاف وانتهى عصر الصحوة
بدأنا ندرك تلك الأخطاء وهنا نأمل أن لا تكرر تجربة المجتماعات الأوربية لدينا وتكون ردة الفعل مماثلة فالمظاهر التي بدأنا نراها توحي بأننا نسير في نفس الاتجاه فرجل الدين الذي كان له الكلمة المسموعة لم يعد كذلك ونقدهم بات يجد القبول و تجاوز البعض آرائهم وكلمة التشدد باتت تتكرر كثيراً حتى أن بعض رجال الصحوة بدأت تتغير لغته المتشددة ناسياً أو متناسياً كل ما قاله سابقاً .
أتمنى أن لا تفضي بنا سنوات الصحوة التي انتهت إلى تجاوز ثوابت في الدين نتيجة غلو بعض رجالها وتشددهم .
حمد عايد العقيلي