يقبل من الجميع أن يتحدث عن حرية الرأي وحقوق الإنسان بإستثناء الرئيس التركي فالجميع شاهد وتابع السلطان التركي خلال الأيام الماضية وهو يعتلي المنبر بشكل متكرر ليتحدث بحنيته وعاطفته عن حقوق الإنسان ويستبسل بالدفاع عن المظلومين ويختار من الكلمات اودعها ومن العبارات مايخيل إليك أن هذا الرئيس ينتمي الى عصر الخلفاء الاوائل فلا فرق بينه وبين عمر
الفاروق العدالة والمعنى واحد وما أن بدت أزمة خاشقجي رحمه الله حتى تصدر القنوات واصبح محط الأنظار كباحث عن الحقيقة ومناصراً لحرية الرأي .
وعشرات البسطاء استمالهم هذا الحديث وخدعتهم الخطب ولكن من يتابع الصحافة والصحفيين بالتأكيد سيصاب بحالة ذهول كيف له أن يتجرأ ويتحدث عن الصحافة ويدافع عن منتسبيها
لذلك نقول كل العالم حق له ان يدافع عن الصحافة ونقبل منه الا الرئيس التركي لماذا ?
اصدرت لجنة حماية الصحفيين والتي تتخذ من نيويورك مقراً لهاً تقريراً عام ٢٠١٧ ذكرت فيه أن تركيا
وللسنة الثانية على التوالي تأتي في المركز الأول في اعتقال الصحفيين حيث بلغ عدد المعتقلين ٢٦٢ حول العالم وتصدرت تركيا العالم ٧٣ صحفياً والكثير منهم لم توجه له اتهامات ويتعرضون للضرب والاهانات والبعض منهم لا يُعرف عنه أي شئ
اما في عام ٢٠١٦ فقد بلغ عدد المعتقلين ٢٥٩ وتصدرت تركيا ايضاً دول العالم بـ ٨١ صحفياً
وهذه الأرقام يمكن الرجوع لها في bbc في عدد ١٤ ديسمبر ٢٠١٧
ونشرت صحيفة زمان التركية نفس التقرير ولكن بمزيد من التفصيل فإضافة الى ان ١٤٢ صحفيا تركياً مشردين خارج تركيا بعد ان وجهت لهم تهم حيث تذكر ايضاً صحيفة زمان التركية وكل ذلك في عددها الصادر ٢١ يونيو ٢٠١٨ أنهم ( يتعرضون لأنواع متعددة من التنكيل والإساءة والتعذيب والانتهاك البدني والنفسي كُشف عن بعض حالاته، وهناك حالات كثيرة لم يكشف عنها بعد )
وذكرت منظمة العفو الدولية بتقريرها ٢٠١٧ / ٢٠١٨ وهو منشور في موقع المنظمة ان السلطات التركية يجب ان تضع حد لحملاتها الأمنية ضد الصحفيين وذكرت أن أغلب المعتقلين كان بسبب انتقادهم لبعض سياسات الحكومة
واضافة ان الحملات لم تقتصر على الاتراك بل تجاوزتها الى الاجانب العاملين في تركيا فقد تعرض بعضهم للاعتقال او الطرد او سحب الرخصة ناهيك عن الذين تم فصلهم فيصلون الى أضعاف هذه الارقام وقد اطلقت رويتر على تركيا لقب زنزانة الصحفيين فثلث صحفيين العالم المعتقلين او المجهولي المصير في تركيا ففي عام مات ٦ صحفيين في سجون تركيا لا أحد يعلم مصيرهم او كيف ماتوا ، وفي عام ٢٠١٦ قتل ١٧ صحفياً تركياً وتذكر بعض الصحف التركية أن هذا ماتم الكشف عنه اشارة الى انه قد يكون العدد أكثر
ومن لطيف الاخبار ان أنجيلا ميريكل الالمانية التي ادلت بدلوها وتحدثت عن المملكة اربع مرات في يومين اعتقلت تركيا الصحفي الألماني دينيز يوجيل ولم توجه له اي اتهامات ولم يسمع احد أنها وحكومتها اتخذت اي اجراء وبقي يعاني ظروفا قاسية من التنكيل والضرب والاهانات وخرج بعد فترة بدون ادانة حتى ان الصحفيين الالمان منحوه جائزة الشجاعة في حين اتهم المانيا بالخيانة
هذه الارقام هي أمثلة و مدون ومنشور أكثر من اغلاق قنوات ومصادرة صحف وايقاف رؤساء تحرير وهذه الارقام ليست سرية بل تجدها في مواقع المنظمات والهيئات ونقلتها جميع وسائل الاعلام بمافيها صحف وقنوات تركية وهذا فقط في ٢٠١٦ / ٢٠١٧
والحديث هنا لا يعني أننا نستهين بأحد ولكن هم يقولون رواية السعودية غير مقنعة وهل هذا الصخب الاعلامي والتجييش والاستنفار كل ذلك حرصهم على حقوق الانسان
يعني شعاراتهم هذه مقنعة في سوريا وحدها قتل ٧٠٠ الف باسلحتهم ودعمهم نحن العرب لا نصع اسلحة
الرئيس التركي صاحب الارقام القياسية التي ذكرنا بعضها تجعلنا محقين في اختيار العنوان
بقلم : حمد عايد العقيلي