من جهة أخرى نددت هيئة حقوق الإنسان الإسلامية في بريطانيا بتقرير لجنة الشؤون الداخلية بمجلس العموم ووصفته بأنه يستهدف المسلمين ويعكس هواجس لدى الكثيرين تربط المجتمع الإسلامي بالتهديدات الأمنية. وانتقدت الهيئة في بيان لها التركيز على المسلمين في التقرير وربطهم بالإرهاب ووصفته بأنه غير متناسب وغير متناسق ويقوم على التمييز ضد المسلمين. وأشار البيان إلى أن توصيات اللجنة بضرورة سحب الجنسية ممن يسافرون للقتال في سوريا باعتبارهم يمثلون تهديدا إرهابيا تنطوي على نهج انتقائي يستهدف المسلمين، فبينما ينضم بعض اليهود البريطانيين إلى الجيش الإسرائيلي لم يعرب أي سياسي عن مخاوفه من احتمال عودتهم من الأراضي الفلسطينية المحتلة لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في بريطانيا. وتقول وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية إن أعداد البريطانيين الذين يتوجهون إلى سوريا للانضمام للحركات المسلحة هناك بلغ نحو 500 شخص. وقال رئيس اللجنة البريطانية كيث فاز إن الهجمات الأخيرة التي شنتها تنظيمات مثل تنظيم الشباب وحركة بوكو حرام تؤكد أن التهديد الإرهابي للمملكة المتحدة ما زال ماثلا كما كان منذ 13 عاما عندما وقعت هجمات 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن.
من جهته قال جيل دي كيرشوف المنسق الأوروبي المكلف بشؤون مكافحة الإرهاب «الشرق الأوسط» بأن نتائج الاجتماع الأمني الذي استضافته بروكسل أول من أمس، بمشاركة دول أوروبية وأخرى عربية وإسلامية إلى جانب الولايات المتحدة ستكون نتائجه إيجابية على جميع الأطراف المشاركة، لأن الملف الذي جرت مناقشته في الاجتماع وهو مواجهة تجنيد وتسفير الشباب للقتال في سوريا، لا يشكل تحديا بالنسبة للاتحاد الأوروبي فقط وإنما هو أيضا تحد يواجه دول في جنوب المتوسط ومنها دول في شمال أفريقيا. وأضاف سننجح في خططنا لمواجهة هذه المشكلة، لو تعاونا بشكل مشترك في مجال تبادل المعلومات والتجارب العملية الجيدة، وسيكون لهذا نتائج إيجابيا للجميع. وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»» في بروكسل أن الدول العربية والإسلامية يمكن أن تلعب دورا كبيرا في هذا الصدد مثل توجيه الرسائل المعتدلة لمواجهة الفكر المتشدد وتطبيق استراتيجية للاتصال، والتواصل مع أطراف أخرى معنية بهذا الملف وأيضا مراقبة الحدود. وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» قالت جويلية ميلكوية وزيرة الداخلية في بلجيكا: «يمكننا من وضع آليات مشتركة وصارمة وأيضا تبادل للمعلومات الاستخباراتية، وأشادت بدور دول الجوار وخاصة تركيا في مواجهة هذا الأمر. وقالت: «تمكنا خلال الأشهر الماضية من توقيف أعداد من الشباب بفضل تبادل قوائم بأسماء المشتبه بهم، وذلك قبل سفرهم إلى سوريا. وأضافت أيضا أتمنى من البرلمان الأوروبي، القادم، العمل من أجل التوافق على وضع خطوط عريضة لاستراتيجية موحدة للتعاون في ملف تبادل البيانات للمسافرين والبيانات الشخصية الأخرى. وانطلاقا من الشعور المتنامي بالقلق، لدى عدة دول أوروبية، بسبب ظاهرة تجنيد وتسفير الشباب صغار السن إلى سوريا، للقتال هناك، تواصلت المشاورات رفيعة المستوى، بحضور وزراء داخلية ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وأربع دول عربية وإسلامية هي تركيا والأردن وتونس والمغرب لبحث سبل مواجهة هذا الأمر، وأظهرت التصريحات على هامش الاجتماع وجود اتفاق على ضرورة تكثيف التعاون البيني والإقليمي مع دول الجوار ومن خلال بلورة إجراءات مشتركة رادعة مثل توجيه خطاب مضاد للتطرف والتوجيه في المجال التربوي والتعامل مع منظمات المجتمع المدني المختلفة. وتشديد المراقبة على الحدود وأيضا المراقبة على وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة الفكر المتشدد فضلا عن المزيد من التنسيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية ونوهت الوزيرة البلجيكية، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الفرنسي برنارد كازنوف، عقدته على هامش الاجتماع، إلى ضرورة التعاون مع كبرى شركات الإنترنت ومحركات البحث لمراقبة مواقع الإنترنت وتوعية المعنيين بضرورة الامتناع عن نشر صور وأفلام ونصوص يمكن أن تؤثر في الشباب وتحفز تجنيدهم. ولفتت الوزيرة البلجيكية النظر أن مسألة تجنيد الشباب لا تأتي بالضرورة من الأئمة في المساجد، بل من الدعاة الذين يتواجدون غالبا خارج الدول الأوروبية ويستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي لتسويق أفكارهم العنيفة وتكثيف تأثيرهم الضار على الشباب. وقالت: «من هنا ضرورة إعطاء اهتمام خاص للدعاية عبر الإنترنت ما يستدعي تعاونا دوليا، خاصة مع الولايات المتحدة الأميركية»، وشددت على ضرورة تعميق التعاون سواء بين الدول الأوروبية وبين الدول الشريكة بشأن تبادل المعلومات حول المسافرين وتسجيل الأشخاص المشتبه بهم ونشر المعطيات الخاصة بهم لدى كافة السلطات المعنية في الدول الأوروبية.
كما ناشدت ميلكيه البرلمان الأوروبي، القادم أي ما بعد الانتخابات الأوروبية في 25 الشهر الجاري، العمل من أجل التوافق على وضع خطوط عريضة لاستراتيجية موحدة للتعاون مع هذا الملف الهام، خاصة بشأن تبادل المعلومات والبيانات بشأن الأشخاص المشكوك بهم، من جانبه، أكد الوزير الفرنسي أن بلاده وكذلك بلجيكا قد وضعتا خططا وإجراءات محددة لمواجهة هذا الأمر، حيث «حصلنا على نتائج مرضية خاصة في مجال ثني الشباب عن التوجه لسوريا، ولكن المشكلة أن عملنا يتكسب صفة استخبارية سرية، لذلك لا يمكننا نشر النتائج بشكل كامل، لأن العمل مستمر ولن ينقطع»، على حد تعبيره.