دعا خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، رابطة العالم الإسلامي، إلى القيام بالتعاون مع العلماء وأهل الرأي في جميع الدول الإسلامية بوضع برنامج عمل إسلامي لعلاج مشكلات الأمة وتحصين شعوبها ضد أخطار الغزو من الخارج، وتداعيات الجهل في الداخل، ودعم أواصر الوحدة الإسلامية، مؤكداً أن البرنامج يجب أن يعتمد على الحوار الموضوعي بين الشعوب المسلمة وقياداتها، ويتبنى برنامجاً فاعلاً للتثقيف والتوعية بما في الإسلام من حلول للتحديات والمشكلات المستجدة، ويركز على أسباب تحقيق وحدة الأمة، والتكامل والتضامن بين شعوبها، ويحذر من مخاطر الفرقة على كيانها، ويعمل على تفعيل الإصلاح والتنمية على أسس صحيح الإسلام، ويحمي الأجيال الشابة من الجنوح نحو الإفراط أو التفريط في أصول الدين وحقوق أوطانهم.
وقال خادم الحرمين الشريفين خلال كلمة خاطب فيها المشاركين من العلماء، التي ألقاها نيابة عنه الأمير خالد الفيصل، أمر منطقة مكة المكرمة، خلال افتتاحه بعد ظهر أمس، مؤتمر العالم الإسلامي.. المشكلات والحلول، الذي يعقد في رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة: إنكم تجتمعون اليوم على أمر جلل لبحث المشكلات المستجدة، ومدارسة مجريات الأحداث في بعض أرجاء عالمنا الإسلامي، لاستنباط الحلول الناجعة لها من واقع شريعتنا الإسلامية الغراء، القائمة على منهج الوسطية والاعتدال، وإنها لمسؤولية جسيمة وأنتم لها أهل وكفء بإذن الله، مبيناً أن المشكلات المستجدة يواجه فيها محاولات لتفريق الشعوب الإسلامية وتفكيك وحدة الأمة ورفع شعارات الطائفية والمذهبية.
وتابع: نحمد الله أن شرف أهل هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين، وضيوف الرحمن من الحجاج والزوار والمعتمرين، وهدانا إلى التمسك بكتابه الكريم وسنة نبيه المشرفة، شريعة ودستوراً لا نحيد عنه ولا نميل، ووفقنا إلى العمل على تحقيق الأخوة والتضامن بين المسلمين، ومتابعة قضاياهم، والاهتمام بالمشكلات التي تواجههم، يقيناً بأن في الإسلام لكل مشكلة حلاً، وفي شريعته الغراء لكل معضلة علاجاً، لافتاً إلى أن لمخرجات عصر العولمة، وما صاحبها من التطورات والتحولات العالمية السريعة، التي ضربت كل الأرجاء، جعل من المملكة تدرك أهمية حماية المجتمع المسلم من الجنوح عن الأصالة الإسلامية، والتأثر بتلك التحولات العالمية، التي برزت معها آفة الإرهاب، وآلته الضالة المدمرة، فتصدت له المملكة بكل العزم والحسم، وعالجته بوسطية الإسلام، وفككت خلاياه، ودحرت الفئة الضالة العاملة عليه، وكشفت شذوذها الفكري، فحققت ـــ بعون الله وتوفيقه ـــ الأمن والأمان للوطن والمواطنين والمقيمين وضيوف الرحمن.
وأوضح خادم الحرمين الشريفين أن النظرة الفاحصة المدققة لما يجري الآن من أحداث في بعض البلاد الإسلامية، وما يهدد باستهداف بعضها الآخر، تؤكد الحاجة الماسة إلى جهود معشر العلماء والدعاة، وقادة الفكر السديد في العالم الإسلامي، ذلك أن المرجعية الغائبة لتلك الأحداث، إنما تتمثل في الجهل بصحيح الدين الإسلامي، وتفرده بتحقيق الإصلاح، وتقديم الحلول الناجحة لكافة المشكلات.
وأضاف: من أجل ذلك توالت دعوتنا إلى تضافر جهود العلماء الراسخين في العلم مع جهود المؤسسات الرسمية في الدول الإسلامية، لعلاج مشكلات الأمة وإصلاح أحوالها، واليوم نبتهل فرصة هذا الجمع الكريم، لهذه النخبة المباركة، لنجدد الدعوة إلى تحقيق هذا الهدف الجليل من خلال عدة آليات نرى في مقدمتها: علاج مشكلة الجهل بالإسلام من خلال التعريف بصحيح منهجه، تطبيق وسطية الإسلام العظيمة في مجالات الحياة كافة، ووضع الآليات العملية الكفيلة بتحقيق وحدة الصف الإسلامي ونبذ الفرقة وما يؤدي إليها من دعوات طائفية مغرضة، وتوجهات حزبية ضيقة تشتت صفوف المسلمين وتعبث بوحدة الأمة، وتفعيل العمل المشترك والتواصل بين قادة الأمة وعلمائها، وأهل الرأي فيها، والتعاون في علاج المشكلات وتحقيق الإصلاح بالرؤى والحلول الإسلامية.