بعد المتابعة والبحث،نجحت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحافظة القطيف مؤخرا،فى القاء القبض على شاب عشريني متهم باستدراج فتاة واغتصابها في إحدى المزارع بالمحافظة بمرافقة 4 أشخاص كانوا معه.
كما اكد مصدر مطلع ان الإجراءات بدأت من مكالمة أجرتها الفتاة الى فرع الهيئة أكدت فيها بانها تعرّضت للتغرير من قبل شاب عمد الى استدراجها وقام باغتصابها برفقة أربعة أشخاص آخرين لا تعرفهم. وأضاف المصدر أن الفتاة «20 « عاما اشترطت على الهيئة التكتم التام على القضية وعدم إبلاغ ذويها، قبل سرد التفاصيل لأعضاء الهيئة، واعترفت بأن علاقتها بالشاب بدأت منذ العام الماضي عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»، موضحة أنها تواصلت معه بعدها عن طريق الهاتف، ومع تكرار الاتصالات أبدى إعجاباً بها ورغبته الصادقة بالزواج منها. وأضاف المصدر ان الشاب طلب منها إرسال صورها عبر تقنية الـMMS إلا أنها رفضت، مما دعاه إلى حيلة أخرى بتكرار طلب اللقاء بها وبعد ان اطمأنت اليه بعض الشيء.
وطبقاً لرواية الفتاة فإن الشاب الموقوف قام باركابها سيارته الخاصة ومن ثم الإنطلاق بها إلى إحدى المزارع القريبة بالمحافظة وطلب منها النزول إلا أنها رفضت فقام بإنزالها بالقوة وإدخالها الى غرفة داخل المزرعة وقام بفعل الفاحشة بها ومواقعتها بالقوة. وطلبت الفتاة من الشاب الستر عليها بالزواج فأظهر المتهم القبول في بداية الأمر إلا أنه عمد للتهرب منها بعد ذلك. وأكد المصدر أنها تعد مغررا بها قانونا وهذا حال الكثير من الحالات التي تقوم الهيئة بضبطها وخاصة في الفترة الأخيرة بمختلف مناطق المملكة، مشيرا الى إن القضية تم التعامل معها بكل سرية حفاظا على سمعة الفتاة وسمعة ذويها.

التحرش والاغتصاب
غياب الوازع الديني، انتشار الفضائيات والقنوات الإباحية، تحرر المرأة وخروجها إلى المجتمع، غياب التوجيه الأسري، تراجع الدور الأخلاقي للمجتمع وللنظام التعليمي، وأخيراً الفراغ لدى الشباب والشابات.
كل ما ذكر في الأعلى هي الأسباب التي تستخدم دائماً عند محاولة فهم الدوافع والأسباب خلف زيادة حالة الاغتصاب والتحرش الجنسي “المعاكسات” في السعودية التي ارتفعت بصورة مقلقة في المملكة.
ففي عام 1427 هجرية ارتفعت نسبة التحرش الجنسي إلى 215 بالمائة عن العام الذي سبقه فيما ارتفعت نسبة حالات الاغتصاب إلى 75 بالمائة في العام ذاته، استنادا إلى تقرير وزارة الداخلية السعودية.
ولا يختلف شخص على أن الأسباب التي ذكرت هي أسباب حقيقية وتساهم بصورة كبيرة في ما يحدث في المملكة، ولكن ما يحدث في المملكة مختلف عن ما يحدث في بعض الدول الأخرى ويوجد جانب يغفل الجميع عن ذكره في تحليلهم لما يحدث ألا وهو الصدمة الحضارية للأفراد في المجتمع.
والصدمة الحضارية التي يتعرض لها أبناء المجتمع السعودي تأتي على نوعين: النوع الأول ويمثل الصدمة الحضارية الناتجة عن الاختلاط المفاجئ بالثقافات الأجنبية والغربية، أما النوع الثاني فهو ناشئ عن الصدمة الحضارية الداخلية التي يتعرض لها أصحاب الهجرة الداخلية الذين ينتقلون من مجتمع القرية المحافظ البسيط إلى مجتمع المدينة المنفتح الكبير.
وفي كلتا الحالتين تأثر الصدمة على أبناء المجتمع بسبب غياب مؤسسات تعليمية ودينية وفكرية واجتماعية تساعد على إنضاج الأفراد وتهيئتهم للانخراط في المجتمع على اختلاف المنطقة الجغرافية والخلفية الثقافية والاجتماعية له.
لا نستطيع إنكار دور الغريزة الجنسية في زيادة حالات إذ أن الغريزة هي الدافع الأول للتفكير الجنسي عند الفرد ولكن قيود المجتمع والأسرة والدين دائماً ما تكون العقبة أمام انطلاقها.
ولكن المهاجرون الداخليون في المملكة وعلى الرغم من الدافع الغريزي، يتأثرون بأسباب أخرى اجتماعية في حالات تحرشهم بالنساء في المدن.
إذ تبدأ الصدمة عند الفرد السعودي القادم من مجتمع القرية أو الهجرة المحافظ عند قدومه إلى المدينة حيث نمط الحياة متغير تماماً. فهنا يرى نساء في الشوارع وفي الأعمال وفي المستشفيات، ويرى بعضهن يركبن مع سائقين. وبالنسبة للمهاجرين الداخليين فإن هذه الأمور تعتبر تعدياً على عرف المجتمع الصحيح الذي ينتمي هو إليه ويرى أنه هو المجتمع السعودي الحقيقي.
ويزداد الأمر سوءاً عندما يرى السعودي القادم من القرية نساء أجنبيات في المملكة من جنسيات عربية وغير عربية لا يلتزمون بنوعية وطبيعة الحجاب الذي تلتزم به النساء في قريته.
ويبدأ في النظر إلى هؤلاء النساء على أنهن عاهرات ويعرضن أنفسهن في المجتمع للرجال ولا عجب أن نسمع من هؤلاء الأفراد ألفاظ قبيحة وخادشة للحياء العام لوصف النساء في المدينة.
ويزداد إحساسه بالنقص وتتسع الصدمة الحضارية لديه عندما ترفض إحدى بنات المدينة التحدث إليه وهو يرى بأنه العفيف الشريف وهيا الخارجة عن حدود ما أنزل الله. ومن هنا تبدأ نزعة الاغتصاب لديه، إذ بسبب ضعف الطبيعة البشرية لا بد له من إيجاد وسيلة لرد كرامته وكبريائه المجروح وأفضل الوسائل هي الانتقام في صورة الاغتصاب.

ومشكلة غالبية الأفراد المهاجرين من فئة الشباب الذين يأتون إلى المدينة، يأتون إليها وهم طلاب بهدف الالتحاق بجامعتها. وهذه هي إحدى المشكلات الكبيرة التي يواجهها المجتمع السعودي إذ أن غالبية الجامعات الكبيرة في المملكة توجد في المدن الكبيرة.
وعدد الذين يفضلون العيش في المدن عال جداً فبحسب الإحصائيات الرسمية فإن 85 بالمائة من سكان المملكة يعيشون في المدن. ومعدل الهجرة الداخلية من القرية إلى المدينة عال جداً في المملكة ولنأخذ مدينة جدة على سبيل المثال الذي يوجد فيها ما لا يقل عن مليون مهاجر داخلي بحسب ما أوردته إحصائيات أمانة المدينة، جاءوا إليها من القرى والهجر والبوادي المجاورة وأقاموا مساكن لهم في أحياء جدة العشوائية.
وعندما نقول أن تعداد مدينة جدة يتراوح بين الثلاثة ملايين والأربع ملايين نسمة فإننا نتكلم عن ثلث إلى ربع المجتمع قادمون من خارجه بدون تعليم كافي ومن خلفية بدوية ومحافظة ومتشددة دينياً مختلفة تماماً عن العقلية المنفتحة لدى سكان المدن الأصليين. فما هي النتيجة الحتمية لوجودهم في المجتمع وهم لا يستطيعون الانخراط ثقافياً أو فكرياً أو حتى عملياً ووظيفياً فيه فهم ليسوا عمالة مؤهلة ومدربة؟
ويوجد نوع أخر من المصدومين حضارياً في المملكة ولكن هؤلاء هم أبناء المجتمع بصورة عامة الذين انفتحوا بصورة مفاجئة على سيل من القنوات الأجنبية ومواقع إنترنت التي يشاهدون فيها كل ما لا يشاهدونه في مجتمعهم المحافظ.
وبغض النظر عن أي النوعين من المصدومين حضارياً يؤثر سلباً على المجتمع، فإن غياب الأسرة والوازع الديني والمؤسسات التعليمية التي تحث على الأخلاق الفاضلة هي العوامل التي ساهمت في التوتر الاجتماعي الذي يعيشه الفرد المصدوم والذي لا يستطيع تقبل وجود المرأة في الحياة العامة.

ولكن الهجرة الداخلية قديمة في المملكة وهذا الوضع اللا أخلاقي لم يكون موجوداً بهذه الصورة الكبيرة في السابق. وهنا سيعرف الجميع تراجع دور العائلة وقلة الوازع الديني وغياب دور المؤسسات التعليمية في تهيئة الفرد للانخراط في المجتمع.
والذي يتحدث مع غالبية القادمين من خارج المدن إلى المدن الكبيرة في السعودية في السنوات العشر الأخيرة سيلحظ أن هؤلاء الناس لديهم انفصام شديد في الهوية. فهم يرون أن أبناء المجتمع المدني ليسوا سعوديين مثله ولا يهتم لهم ولا يشاركهم أي إحساس أو شعور تجاه أي قضية أو مسئولية عامة.
أن المهاجرين الداخليين الوحيدين الذي تكيفوا مع المجتمع هم الذي جاءوا إلى المدن قبل عشرين عاماً أو أكثر حينما كانت مجتمعات المدن الكبرى أقل انفتاحا وكانت العائلة والمسجد والمدرسة تمارس أدوارها بصورة أفضل مما هي عليه الآن. وكان هناك مجتمع “الحارة” الذي يعرف فيه الجميع بعضه بعضاً ولا يمكن لغريب أن يتصرف فيه كما يحلو له.
وفي ظل تراجع دور الأسرة والمسجد والمدرسة والحارة لا عجب أن نرى إذا زيادة في حالات التحرش الجنسي في المدن والتي تصدر في غالبية الحالات من الأفراد القادمين من مجتمعات صغيرة وغير قادرين على الانخراط في المجتمع السعودي الكبير.
وإن كان لا يوجد هناك دراسة دقيقة وإحصائيات واضحة حول هوية مرتكبي حالات التحرش والاغتصاب ولكنها مشاهدات متكررة ومعلومة لدى سكان المدن.