يمر الإنسان خلال حياته بمراحل نمو على كافة الاتجاهات ويصاحب هذا النمو تغيرات كمية ونوعية داخلية وخارجية سلبية وإيجابية وتلعب البيئة الدور الأبرز في ذلك وللنجاح في جميع ما سبق أسباب عدة من أهمها الرغبة أو الاستعداد وكذلك البيئة المحيطة ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من أين النجاح أو بعبارة أخرى هل يأتي من داخل الإنسان أم من خارجه.
في الماضي كانت الظروف الخارجية والصعوبات التي يتعرض لها الفرد هي من تصنع منه إنساناً ناجحاً ومتفوقاً سواءً كان على المستوى الدراسي أو الاجتماعي أو العملي فكم يتيماً شق طريقة في هذه الحياة باقتدار وكم من معدمٍ تسلق سلم المجد حتى وصل الى قمته وتربع عليها وكم من مسكينٍ تمرد على ظروفه وروضها لصالحه فأصبح مثلاً ربما يحتذى به وفي المقابل كم فرداً كان يعيش حياة مادية مستقرة وفشل دراسياً وعملياً واجتماعياً أما اليوم فقد أصبح الترف والغنى عامل فشل وأصبح اليتم عامل هدم للفرد وطريقاً للضياع اليوم أصبح المسكين عضواً فاسداً في المجتمع وأصبح الفقير فقيراً للتعليم والتربية وناقماً على المجتمع برمته.
إنها مفارقات غريبة فقد انقلب الحال إلى حال في الحقيقة أنا أوجه أصابع الاتهام إلى هذا المجتمع الزائف في جميع تصرفاته وتوجهاته فالتعليم لم يعد قادرًا على محاربة هذا الزيف بل ربما أصبح عاملاً مساعداً له ولكم في شبابنا أسوة سيئة قبل أكثر من سبع سنوات باشر لدي في المدرسة معلمين من القطيف وكانوا نموذجاً للنجاح أجزم بأنه يحتذى به وبعد مرور عدة أيّام استضفتهم في منزلي ومعهم ثلة من أصدقائهم من نفس البلد ويعملون في مدارس أخرى في المحافظة فسألتهم ماذا كُنتُم تعملون قبل مباشرتكم العمل الحكومي بعد أن تبين لي أنهم تخرجو قبل التعيين ببضع سنوات وكانوا يمارسون الأعمال المختلفة في القطاع الخاص فمنهم من عمل مندوب مبيعات ومنهم من عمل سائقاً لباص إحدى الشركات ومنهم من مارس التجارة على مستوى ضيق وغير ذلك لا أخفيكم أنني استشفيت منهم ضعف موارد أسرهم المادية وعلى الرغم من ذلك اقتحموا الحياة بمرارتها حتى جاءتهم الوظيفة الحكومية فأبدعوا خير إبداع .
أما في المقابل وفِي مجتمعنا البدوي الأصيل فبعد التخرج هناك حالة من السبات العميق تنتاب الشاب إلى أن تأتي الوظيفة الحكومية ولو بعد دهر فيصبح الابن عالة على أهله ومجتمعه المملكة العربية السعودية الجديدة تحتم علينا تغيير ثقافتنا نحو العمل ونحو النجاح فلم يعد للكسل والخمول مكاناً لمن أراد أن يصنع لنفسه مكاناً مرموقاً ولم يعد للشكوى والتشاكي آذاناً صاغية والسؤال الملح من أين يأتي النجاح .. والله من وراء القصد .
كتبه: عريف بن حسيان الرويلي