
تكشف الأحداث الجديدة الخاصة بقضية وفاة الصحفي جمال خاشقجي، عن حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على استجلاء الحقائق من مصادرها، ونشر ما يتم التوصل إليه أولاً بأول، إذا لم يكن يضر بسير التحقيقات.
وهذا ما حدث اليوم، عندما كشف مسؤول سعودي أن جمال خاشقجي؛ تُوفي في القنصلية نتيجة خطأ ارتكبه “فريق التفاوض”؛ موضحاً أن خاشقجي؛ تُوفي بسبب كتم النفس خلال محاولة منعه من رفع صوته وفق تقريرٍ أولي.
واختفى خاشقجي يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2018 بعد دخوله مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول، بهدف الحصول على معاملات تتعلق بزواجه من المواطنة التركية خديجة جنكيز.
رواية المسؤول السعودي، ليست جديدة، أو مختلفة عن الرواية السابقة، التي أعلنت فيها المملكة عن وفاة خاشقجي داخل القنصلية، حيث تضمنت الرواية الأخيرة معلومات أكثر دقة وإجابات عن أسئلة حائرة كانت تنتظر للإجابات، توضح تفاصيل ما حدث لخاشقجي منذ اللحظة الأولى لدخول مقر القنصلية، وحتى لحظة وفاته.
منطقية السرد الذي جاء به المسؤول، جعل العديد من الدول تقتنع به وتؤيده، وتوجه الشكر إلى حكومة خادم الحرمين الشريفين لحرصها على توضيح ملابسات الحادث، ومحاسبة المقصرين الذين حاولوا تخبئة معلومات مهمة حول ما حدث لجمال خاشقجي داخل القنصلية، ويدعم هذا الحرص الأوامر الملكية الأخيرة، بإقالة نائب رئيس المخابرات العامة أحمد عسيري، والمستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني، على خلفية القضية ذاتها، هذه الأوامر تعزز المصداقية والشفافية في التحقيقات الجارية حاليًا.
المعلومات التي أوردها المسؤول السعودي، كانت خلاصة تحقيقات مكثفة وطويلة وشاقة، تقوم بها الجهات المعنية مع 18 متهمًا، لمعرفة الحقائق التي تنتظرها دول وقادة العالم، الذين أشغلتهم قضية جمال خاشقجي طيلة الأيام الماضية، ولهذا تحرص السلطات السعودية على أن تكون التحقيقات شاملة، والمعلومات التي تحصل عليها صادقة ومنطقية، حتى يصدقها العالم ويقتنع بها، وبالتالي يغلق ملف القضية والجدال المحيط بها.
ويتفق الكثيرون على أن حديث المسؤول السعودي اتسم بالتسلسل المنطقي للأحداث، وذكر أدق التفاصيل التي أودت بحياة جمال خاشقجي، وكشفت التحقيقات أيضًا عن تجاوزات فريق التحقيق مع الصحفي السعودي واستخدام العنف معه عندما علا صوته أكثر من اللازم، ومثل هذه المعلومات قد تحتاج إلى المزيد من التفسيرات والتوضيحات، وهذا ما أكده المسؤول نفسه، عندما أعلن أن التحقيقات جارية مع الـ18 متهمًا الذين حققوا مع خاشقجي، للتوصل إلى كافة المعلومات الصادقة، ومضاهاتها مع ما حدث في أرض الواقع.
ولا يستبعد المحللون أن يستكمل مشهد ما حادث داخل القنصلية السعودية في تركيا، خلال الأيام القليلة المقبلة، عندما تنتهي السلطات السعودية من كافة التحقيقات من المتهمين، وستكون الجهات السعودية الأحرص من غيرها على استيضاح الحقائق مكتملة ومستوفية شروط المصداقية، حتى تكون مقنعة للعالم، الذي ينتظر من الحكومة تفسيرات لما حدث لخاشقجي.
وتسود الأوساط السياسية والاجتماعية، شعور قوي بأن المملكة قادرة على كشف الحقائق للعالم بأكمله، وستكون هذه الحقائق مدعمة بالأدلة والبراهين، التي لا يساورها الشك أو يخالطها التخمين، ليس لسبب سوى أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تسعى لتعزيز العدل الممزوج بالمصداقية، باعتبار أن المتوفى مواطن سعودي، له حقوق، وتم التعدي عليه بفعل تجاوزات مسؤولين في القنصلية.