وكان كيري حذر روسيا من أنها قد تواجه عقوبات اقتصادية وسياسية تؤدي إلى عزلها إذا واصلت توغلها العسكري في شبه جزيرة القرم، كما هددها بفقد عضويتها في مجموعة الثماني إذا واصلت تدخلها العسكري في القرم، ووصف ذلك بأنه “عمل من أعمال العدوان”.
من جهته، قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيدف إن زعماء أوكرانيا استولوا على السلطة بطريقة غير قانونية، وتوقع زوال حكمهم “بثورة جديدة” وإراقة دماء جديدة.
وأكد مدفيدف -في تدوينة على صفحته على فيسبوك الأحد- أن فيكتور يانوكوفيتش ما زال الرئيس الشرعي لأوكرانيا طبقا للدستور، رغم أنه لا يمتلك أي سلطة من الناحية العملية، مضيفا أنه “إذا كان مذنبا بحق أوكرانيا فلتتخذ إجراءات لتوجيه الاتهام رسميا له ومحاكمته”.
ومن ناحيتها، أعلنت الحكومة الألمانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على اقتراح للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بتشكيل فوري لبعثة تحقيق، إضافة إلى مجموعة اتصال يمكن أن تكون برئاسة منظمة الأمن والتعاون بأوروبا للبدء في “حوار سياسي” بشأن الأوضاع في أوكرانيا.
وأضافت الحكومة في بيان أن ميركل أخذت -في اتصال هاتفي أجرته مع بوتين- على الرئيس الروسي “انتهاكه للقانون الدولي عبر التدخل الروسي غير المقبول في القرم”، وكذلك المعاهدة المبرمة بخصوص الأسطول الروسي في البحر الأسود التي وقعت عام 1997.
دعوة للتهدئة
وفي هذا السياق، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير روسيا مجددا إلى تجنب تصعيد الأزمة وإعادة قواتها إلى ثكناتها، مشددا على أهمية عضوية روسيا في مجموعة الثماني للقوى الاقتصادية الكبرى “التي تمكن الغرب من التحدث مباشرة مع موسكو”، ومتحفظا على تصريحات نظيره الأميركي باحتمال طردها من المجموعة.
وبدوره أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندرس فوغ راسموسن “التصعيد العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم”، ودعا موسكو إلى “احترام جميع التزاماتها الدولية” وسحب قواتها من أوكرانيا والامتناع عن التدخل فيها بشكل أكبر.
وأوضح راسموسن في تصريحات للصحفيين أن الحلف يخطط “للانخراط في حوار مع روسيا” عبر المجلس الذي يضم الناتو وروسيا، مشيرا إلى أن مثل هذا الاجتماع يمكن أن يتم قريبا.
وعلى الصعيد الداخلي في أوكرانيا، قال رئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك إن بلاده “على شفير كارثة” بعد توعد روسيا بالتدخل عسكريا في أراضي بلاده، مؤكدا أنه إذا أراد الرئيس الروسي بوتين “أن يكون الرئيس الذي بدأ حربا بين بلدين جارين وصديقين، فإنه على وشك تحقيق هدفه.. إنه الإنذار الأحمر.. هذا ليس تهديدا، إنه في الواقع إعلان حرب على بلادي”.
كما كرر الرئيس الأوكراني الانتقالي ألكسندر تورتشينوف أن كييف تأمل التوصل إلى “حل سلمي” للأزمة. لكن مسؤولا أوكرانياً كبيرا أعلن تعبئة جنود الاحتياط في البلاد لضمان “أمن الأراضي وسلامتها”.
فقد السيطرة
يشار إلى أن أوكرانيا فقدت تقريبا السيطرة على إقليم القرم بعد انتشار قوات روسية وانضمام جل القوات العسكرية الأوكرانية إلى الحكومة المحلية التي تخطط للانفصال. وقد طلبت كييف دعما عسكريا غربيا, في حين هددت الولايات المتحدة روسيا بعقوبات ردا على “غزوها” أراضي أوكرانية.
وقالت مراسلة الجزيرة في شبه جزيرة القرم رانيا دريدي إن السلطات في كييف تفقد أسطولها في هذه المنطقة المتمتعة بحكم شبه ذاتي, والتي تقع جنوب أوكرانيا.
وأضافت أن جانبا كبيرا من القوات الأوكرانية أعلن ولاءه لحكومة إقليم القرم الذي يتمركز فيه أسطول البحر الأسود الروسي, بينما تحاط الثكنات الأوكرانية بقوات روسية.
وفي وقت سابق الأحد, قالت المراسلة إن الأسطول الروسي يحاصر سفنا تابعة للأسطول الأوكراني, وأدى لاحقا قائد سلاح البحرية الأوكراني قسم الولاء لحكومة القرم الموالية لموسكو, وهو ما دفع السلطات في كييف إلى تعيين بديل له واتهامه بالخيانة العظمى.
وبينما صادرت قوات روسية أسلحة من قاعدة رادار ومن منشأة تدريبية, حاصر نحو ألف مسلح قاعدة لجهاز حرس الحدود الأوكراني في القرم. ويأتي هذا التطور بعدما وضعت حكومة الإقليم كل الوحدات الأمنية والعسكرية الأوكرانية تحت سيطرتها.
وفي هذه الأثناء, أعلن رئيس برلمان جمهورية القرم المتمتعة بحكم شبه ذاتي فلاديمير قسطنطينوف أن أغلب سكان الإقليم الناطقين بالروسية سيصوتون لصالح تشكيل دولة مستقلة، وبالتالي الانفصال عن أوكرانيا في الاستفتاء حول وضع الإقليم والمقرر تنظيمه يوم 30 مارس/آذار الحالي.