وكان سقوط الصواريخ على بلدة اللبوة أحدث هجوم على هدف شيعي داخل لبنان بعد أن استعادت قوات الجيش السوري ومقاتلو جماعة حزب الله اللبنانية السيطرة على بلدة يبرود الحدودية من مقاتلي المعارضة السنة يوم الأحد.
وأدت هزيمة مقاتلي المعارضة السورية في يبرود إلى تدفق اللاجئين والمقاتلين عبر الحدود إلى بلدة عرسال في سهل البقاع اللبناني وبعد ذلك بساعات استهدف تفجير سيارة ملغومة انتحاري معقلا محليا لجماعة حزب الله الشيعية.
وتنجر المنطقة الحدودية باطراد إلى لهيب الصراع الدائر منذ ما يزيد على ثلاث سنوات في سوريا حيث تستهدف القوات السورية وسلاحها الجوي قواعد المعارضة المسلحة على الحدود ويطلق مسلحون يعتقد أنهم من مقاتلي المعارضة السورية صواريخ على البلدات الشيعية لمعاقبة حزب الله على دعمه للرئيس بشار الأسد.
لكن هزيمة قوات المعارضة في يبرود قد تؤدي إلى تفاقم التوتر الطائفي في شتى أنحاء لبنان كما قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في سهل البقاع في ظل وضع مضطرب بالفعل.
وفي بلدة العين القريبة من الحدود قال طلال محيي الدين (35 عاما) وهو صاحب متجر “الكل خائف بشأن المستقبل. إنهم يخشون ان يثير المسلحون الذي فروا بعد سقوط يبرود متاعب هنا.”
وقال في إشارة إلى شوارع البلدة الخاوية والمنازل والمتاجر “لا يغادر أحد منزله. الجميع في حالة استنفار.”
والتقى رئيس الوزراء تمام سلام بقائد الجيش العماد جان قهوجي يوم الاثنين وقال بيان من مكتبه إنه طلب من قيادة الجيش “اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لضبط الاوضاع في المناطق البقاعية الحدودية”.
وعندما سقطت الصواريخ على بلدة اللبوة ذات الأغلبية الشيعية وتقع على بعد نحو ثمانية كيلومترات من بلدة عرسال السنية اتخذ مسلحون مواقع في الشوارع ووجهوا بنادقهم شرقا باتجاه الحدود الجبلية مع سوريا. وقفز آخرون إلى سياراتهم وانطلقوا بها في حين دوت أبواق مركبات الطواريء.
وقال الجيش في بيان إن اربعة صواريخ في المجمل سقطت على المنطقة مما أدى إلى إصابة شخص. وفجرت قوات الأمن في وقت سابق سيارة يشتبه بأنها ملغومة ومشطت بلدة الفاكهة بحثا عن الأشخاص الذين وضعوها.
نصر وخوف
وجاء الهجوم على بلدة اللبوة في أعقاب تفجير انتحاري قتل فيه ثلاثة أشخاص في بلدة النبي عثمان القريبة يوم الأحد. وأعلنت مجموعتان إسلاميتان يشتبه بأن لهما علاقات مع مقاتلي القاعدة السنة في سوريا مسؤوليتهما عن الهجوم.
وارتفعت لافتات صفراء لجماعة حزب الله في موقع الهجوم يوم الاثنين. وكتب على إحداها بجوار شعار الجماعة “دمنا أقوى من إرهابكم.”
وألحق الانفجار أضرارا ببعض المباني في المنطقة ومن بينها حانوت حلاق كان مقعد الحلاقة الملتوي ظاهرا من بابه. وفي الطريق جثمت سيارة لحقت بها أضرار وأخرى محترقة.
وقتل شخص في البلدة نفسها يوم السبت بعد سقوط عدة صواريخ قادمة من محيط عرسال.
وبينما كانت الجرافات تزيل الانقاض والزجاج المتناثر من موقع الانفجار يوم الاثنين سخر المارة مما وصفوهم “بالارهابيين” وهو المصطلح الذي تستخدمه الحكومة السورية وحزب الله لوصف مقاتلي المعارضة السورية.
وقالت ساكنة تدعى منى طايع (48 عاما) وتعمل في الزراعة مثل كثيرين في المنطقة “هؤلاء الارهابيون لا دين لهم. لا يعرفون الله.”
وشككت في إمكانية استعادة الجيش اللبناني للأمن على أراضيه قائلة إن المهمة تقع إلى حد كبير على عاتق حزب الله. وأضافت “الجيش اللبناني يساعد ولكن بقدر استطاعته.”
كانت يبرود آخر معقل لمقاتلي المعارضة السنة على الجانب السوري من الحدود وأدى سقوطها في أيدي الجيش السوري ومقاتلي حزب الله إلى احتفالات في ضاحية بيروت الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية يشوبها خوف من التعرض لهجمات انتقامية وشيكة.
وقام ما يزيد على 100 شاب بعرض على دراجاتهم النارية في شوارع المنطقة يوم الأحد ملوحين بأعلام حزب الله ومطلقين أبواق دراجاتهم وذبحت بعض الأغنام أمام مسجد.
لكن بعد ساعات انتشر مقاتلو حزب الله في الشوارع عقب وقوع التفجير الانتحاري في البقاع. وسد جنود الجيش مداخل الضاحية وتراكمت السيارات في صفوف طويلة عند حواجز التفتيش القليلة حيث تعرضت السيارات لتفتيش دقيق.
ورغم حالة التوتر استبعد السكان القريبون من الحدود يوم الاثنين نشوب حرب جديدة في لبنان جراء الصراع السوري ووصفوا الوضع بأنه ليس أكثر من مشكلة أمنية تواجه السلطات.
وقال أكرم شماس (43 عاما) صاحب متجر في اللبوة إنه يتوقع المزيد من التفجيرات بسيارات ملغومة في لبنان بعد سقوط يبرود لكنه استبعد اندلاع حرب شاملة.
وأضاف “لو كانت ستحدث حرب أهلية لكانت قد وقعت بعد معركة القصير” في إشارة إلى بلدة اخرى كان يسيطر عليها مقاتلو المعارضة قرب لبنان واستعادتها قوات الأسد بمساعدة حزب الله العام الماضي.
وفي سهل البقاع فجر الجيش يوم الاثنين سيارة ملغومة على بعد خمسة كيلومترات تقريبا شمالي موقع تفجير الأحد الانتحاري. وشوهدت بقايا السيارة المحترقة في بستان من أشجار اللوز على سفح تل على مشارف بلدة الفاكهة الصغيرة.
وكانت مركبات الجيش من طراز همفي المزودة برشاشات ثقيلة تتحرك على قمة التل والجنود اللبنانيون بملابس الميدان يجوبون الحقول والبلدة ويتخذون مواقع على جوانب الطرق بحثا عن الرجال الذين كانوا في السيارة.
ومنع المرور من اللبوة إلى عرسال ربما لمنع المقاتلين السوريين السنة الذي يحتمل أن يكونوا قد دخلوا عرسال من الاشتباك في مواجهات مع سكان اللبوة الشيعة.
وقال رئيس بلدية عرسال علي المجيري لرويترز “الطريق لدخول عرسال والخروج منها مقطوع” مضيفا أن ما يربو على 400 أسرة وصلت إلى عرسال على مدى الثماني والأربعين ساعة الأخيرة.
وقال إن زهاء 100 جريح ورد أنهم عولجوا في مستشفى ميداني في عرسال لم يكن من بينهم سوى بضعة مقاتلين لكن يحتمل أن مقاتلين آخرين لجأوا إلى المنطقة الحدودية الوعرة المحيطة بالبلدة.
وفي مدينة طرابلس في الشمال قالت مصادر أمنية إن الجيش اشتبك ليل الاحد مع مقاتلين أطلقوا صواريخ على مواقع عسكرية في المدينة الساحلية. وقتل 12 شخصا في اشتباكات استمرت أربعة أيام نتيجة للتوتر في المدينة بين السنة وأبناء الأقلية العلوية.
وخلال اللقاء مع العماد قهوجي أعطى رئيس الوزراء اللبناني توجيهاته إلى قيادة الجيش “باعتماد الحزم مع المخلين بالأمن في عاصمة الشمال وعدم التهاون مع أي جهة تعرض للخطر استقرار المدينة وحياة أبنائها وممتلكاتهم وأرزاقهم”.