وقال عباس إنه اتخذ القرار الحالي بعدما تنصلت إسرائيل عن إخلاء الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى المعتقلين منذ قبل أوسلو. وأضاف: «أطلق سراح ثلاث دفعات، أما الرابعة فكان المفروض أن يطلق سراحها يوم 29 الشهر الماضي، ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا وعدنا بإطلاق سراح الأسرى العزيزين على قلوبنا والذين امتنعنا من أجلهم عن الذهاب إلى منظمات الأمم المتحدة لمدة تسعة أشهر، ولكن مع الأسف الشديد كل مرة يقال لنا الحكومة الإسرائيلية ستجتمع لأجل إطلاق سراحهم، لكن إلى الآن لم يحدث شيء، وكان اليوم (أمس) آخر موعد لتجتمع الحكومة الإسرائيلية لهذا الغرض، لكن لم يحصل هذا على الإطلاق».
وتابع: «عرضنا الأمر على القيادة، وقلنا إذا لم يطلق سراحهم فإننا سنبدأ في الذهاب والانضمام إلى 63 منظمة دولية واتفاقية ومعاهدة، وكان موقف القيادة الموافقة بالإجماع على أن نوقع عددا من الاتفاقيات للانضمام إلى المنظمات والمعاهدات».
وكانت القيادة الفلسطينية أقرت قبل يوم واحد فقط من هذا القرار التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة إذا لم تفرج إسرائيل عن الأسرى، حسب ما أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف.
وقال أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط» بعد انتهاء الاجتماع: «هذه الخطوة، تأتي ردا على إخلال إسرائيل باتفاق الإفراج عن الأسرى حتى 29 من الشهر الماضي». وأضاف: «وعدنا جون كيري بأن يقرر الإسرائيليون حتى الثلاثاء (أمس)، الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، لكنهم لم يفعلوا». وتابع: «توجهنا هذا معروف لكيري وغيره».
وردا على سؤال حول أهم الاتفاقيات قال أبو يوسف: «أهمها اتفاقية جنيف الرابعة حول حماية المدنيين، ومعاهدة تنظيم علاقات السلك الدبلوماسي، وميثاق حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، واتفاقية مكافحة الفساد».
وتوجه عباس بالسؤال لأعضاء القيادة الفلسطينية، إذا ما كانوا موافقين على الخطوة، فصوت الجميع من دون استثناء مع قرار الانضمام إلى المؤسسات الدولية، ثم طلب أبو مازن اتفاقية الانضمام ووقعها وسط تصفيق طويل من قبل الحاضرين.
ونقل تلفزيون فلسطين مراسم توقيع الوثيقة على الهواء في تحد واضح ومباشر. وقال عباس: «إن الاتفاقيات الـ15 سترسل فورا.. لا أعتقد أننا نحتاج إلى الموافقة من أجلها وإنما الانضمام إليها مباشرة».
لكن عباس حرص على ألا تعد خطوته هذه موجهة ضد الأميركان، قائلا: «هذه الخطوة لا يقصد بها مناكفة أحد، نحن لا نريد استخدام هذا الحق ضد احد، ولا نريد أن نصطدم مع الإدارة الأميركية بالذات لأنها تساعدنا وبذلت جهودا كبيرة، لكننا لم نجد طريقة أخرى، كما أن هذا الإجراء حق لنا، ووافقنا على تأجيله لمدة تسعة أشهر، ولم نلغه أبدا».
وأكد عباس أنه سيواصل العمل من أجل اتفاق سلام من خلال المفاوضات والمقاومة السلمية الشعبية، مشدا على أنه سيستغل كل لحظة متبقية قبل الموعد المحدد لانتهاء المفاوضات. وأَضاف: «سنواصل السعي للوصول إلى حل يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس، تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وحل عادل لقضية اللاجئين».
وجاء قرار عباس قبل يوم واحد من لقاء مفترض مع كيري في رام الله. وقال عباس لأعضاء القيادة إنه سيعود للاجتماع بهم بعد لقائه بكيري، لكن مصادر ألقت بكثير من الشكوك حول إمكانية عقد اللقاء اليوم بسبب غضب أميركي من خطوة الرئيس.
وأعلن مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية، أن الوزير كيري ألغى اجتماعه مع الرئيس عباس في رام الله بخصوص إجراء محادثات في اللحظات الأخيرة بشأن تمديد مفاوضات السلام مع إسرائيل. وأكد: «لن نسافر غدا».
كما ردت مصادر سياسية إسرائيلية على عباس باتهامه بخرق المعاهدات بين الجانبين. وقالت المصادر السياسية الكبيرة على ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، أن «قرارات الرئيس عباس تعتبر تغييرا لقواعد اللعبة، وسيكون لها نتائج خطيرة على كل المستويات، بعد أن أفشل مهمة كيري قبل قدومه غدا للتوصل إلى اتفاق». وقالت مصادر في مكتب نتنياهو: «إن السلطة تقوم عمليا بإلغاء اتفاق أوسلو عبر القفز عن المفاوضات والتصرف كدولة مستقلة». وأضافت: «كشف عباس عن وجهه الحقيقي في رفضه للتوصل إلى حلول وسط للأزمات التي تعترض طريق المفاوضات».
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس الفلسطيني وجد نفسه سيدفع ثمن الاتفاقات مع إسرائيل عدة مرات ومن دون إنجازات كبيرة بعدما رفضت إسرائيل إطلاق سراح أسرى 48 وإطلاق سراح أسرى من وزن مروان البرغوثي، القيادي في فتح، وأحمد سعدات مسؤول الجبهة الشعبية، ومن دون تجميد كامل للاستيطان.
وأضافت المصادر: «الرئيس نقل الكرة إلى ملعب إسرائيل والولايات المتحدة بدل أن يعود للعب معهم من جديد في نفس اللعبة». وفاجأ عباس الإسرائيليين والأميركيين على حد سواء بخطوته وسط ذروة المساعي التي يبذلها كيري لإنقاذ المفاوضات.
وكان كيري الذي قطع زيارة لباريس الاثنين وجاء على وجه السرعة إلى إسرائيل والتقى نتنياهو ثم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، في محاولة لإنقاذ المفاوضات، وضع صفقة تتضمن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، ومئات آخرين في وقت لاحق، مع تجميد هادئ وجزئي للاستيطان، مقابل تمديد المفاوضات عاما إضافيا، ووعود بإطلاق سراح الجاسوس اليهودي المعتقل في الولايات المتحدة جوناثان بولارد. وعقب أبو يوسف: «رسميا لم يعرضوا شيئا، كانت كلها وعود من دون تنفيذ».