لاحت في الأفق مؤشرات تؤكد نجاح موسم الحج لهذا العام (1435هـ ـ 2014) قبل بدئه بأيام قليلة، بعدما أعلنت الجهات الحكومية المشاركة فيه عن استعدادها التام للموسم، بدءاً من استقبال ضيوف الرحمن في الأراضي المقدسة، وحتى الانتهاء من أداء مشاعرهم في يسر وسهولة، ومن ثم عودتهم إلى ديارهم سالمين غانمين.
وتسابقت الجهات الحكومية ذات العلاقة، فيما بينها، في الإعلان عن تفاصيل مشاريعها الجديدة، استعداداً للموسم، ولم يمنعها تقليل أعداد الحجاج للعام الثاني على التوالي إلى النصف تقريباً، عن تنفيذ مشاريع توسعية.
متوسط الإنفاق
وتوقعت دراسة صادرة من غرفة مكة المكرمة أن يبلغ عدد الحجاج هذا العام نحو 1.98 مليون حاج. وقالت إن متوسط إنفاق الحاج من حجاج الداخل سيكون 4948 ريالاً، بينما متوسط الإنفاق لحجاج الخارج بنحو 17381 ريالاً.
الإيرادات والتخفيض
واعتمدت الدراسة على هذا الافتراض لما يشهده الحرم المكي الشريف من مشاريع تطوير وتوسعة لزيادة طاقته الاستيعابية في السنوات المقبلة، الأمر الذي دفع إلى تخفيض عدد حجاج الداخل بنحو 50 بالمائة، وحجاج الخارج بنحو 20 بالمائة، كما كانت العام الماضي.
وتشير التوقعات نفسها إلى أن إيرادات الموسم قد تبلغ نحو 32 مليار ريال، بنسبة زيادة 3 بالمائة، عن العام الماضي (834 مليون ريال).
وأكدت الجهات الحكومية أن هذه المشاريع تم التخطيط لها بكل عناية ودقة، بعدما تأكد لها أهميتها وجدواها في نجاح أعمال الحج، والعمل على تسهيل أداء المناسك لضيوف الرحمن، وتضمنت قائمة هذه الجهات شركة المياه الوطنية، وإدارة قطار المشاعر، ووزارة الشؤون البلدية، والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وغيرها.
“كومباس” و100 مجمع دورات
ونظراً لأهمية الخدمات التي تقدمها شركة المياه الوطنية لضيوف الرحمن، فقدت اعتمدت خطة توسعية كبيرة؛ لتحديث هذه الخدمات في المشاعر المقدسة، وبالتوازي مع ذلك، وضعت خطة دقيقة لأعمال الصيانة، وفق المعايير العالمية، التي تضمن تقديم خدمات نوعية للحجيج في أكثر من ثلاثة آلاف مجمع لدورات المياه في مناطق المشاعر المقدسة، بدءاً من عرفات ومروراً بمنى ومزدلفة، بخلاف الدورات في الحرم المكي.
وزادت الشركة عدد دورات المياه العاملة، من خلال إجراء أعمال صيانة دورية للدورات المعطلة، موقنة أن الحجاج كافة يتكدسون في كل مشعر في أوقات بعينها، مما يتطلب تكثيف الخدمات وتحسينها.
وفيما اختارت الشركة تقنية “كومباس” العالمية لخطة تشغيل شبكتها في المشاعر المقدسة؛ لضمان الدقة وتحقيق المعايير العالية في أداء الخدمات للحجاج كافة، رأت أن تعتمد نظام “سكادا” لمراقبة الشبكة البالغ طولها أكثر من 400 ألف متر طولي، منها 85 ألف متر في مشعر منى. وأعلنت الشركة أنها أجرت أعمال صيانة شاملة لنحو 100 مجمع دورات مياه في مشعر منى، وأعمال صيانة مماثلة لأكثر من 30 بالمائة من مضخات المياه القديمة؛ لاستيعاب أعداد أكبر من الحجيج.
والجديد هذا العام، لجوء الشركة إلى استخدام الكاميرات في الكشف على شبكات الصرف الصحي التالفة والمسارعة في صيانتها؛ لضمان التشغيل بالدرجة القصوى. وتطبق الشركة برنامجاً خاصاً لمتابعة أداء ثلاجات المياه المنتشرة في طرقات المشاعر، والتأكد من نوعية مياه الشرب من خلال أخذ عينات منها وتحليلها؛ للتأكد من مطابقتها للمواصفات المعتمدة.
قطار المشاعر.. الطاقة الأعلى عالمياً
وبشأن قطار المشاعر، أعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية، استعداد القطار لتقديم خدمات التفويج لأكثر من 72 ألف حاج كل ساعة، وهي أعلى طاقة استيعابية لقطار في العالم، مشيرة إلى أنها أجرت أعمال الصيانة اللازمة للقطار؛ للتأكد من صلاحيته فنياً، وقدرته على تقديم الخدمة المطلوبة بالسرعة المحددة. وعقدت قبل أيام قليلة ورشة عمل تعريفية في غرفة مكة المكرمة، حول استخدام قطار المشاعر المقدسة وتفويج الحجاج المستهدف نقلهم بالقطار خلال موسم حج هذا العام.
ويبلغ عدد القطارات عشرين قطاراً، وتصل حمولة كل قطار إلى 3000 راكب، ويضم كل قطار 12 عربة بطول 300 متر، وتبلغ سعة كل عربة 250 شخصاً منهم 50 جلوساً و200 وقوفاً، ويبلغ عدد المحطات تسع محطات، ولكل مشعر ثلاث محطات، ويبدأ مسار القطار من محطة الجمرات، ويمر بمشعر منى ثم إلى مزدلفة ومنها إلى عرفات، ويخفف القطار من الزحام ويحافظ على نظافة البيئة من آثار التلوث الناجم عن عوادم السيارات.
رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف
وفيما سارعت الجهات الحكومية في الانتهاء من مشاريعها الجديدة، قبل بدء موسم الحج، رأت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، أن توقف جميع المشاريع التطويرية في المسجد الحرام مؤقتاً في منتصف شهر أغسطس الماضي، مع استمرار أعمال الصيانة الطارئة لمباني المسجد الحرام مع الساحات المحيطة به ودورات المياه على أن يعود العمل في تلك المشاريع بعد موسم الحج، بانطلاقة المرحلة الثالثة لمشروع رفع الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف وإزالة باب الملك عبدالعزيز.
وأوضحت الرئاسة أن الإيقاف سيتم تدريجياً، مع توفير المتطلبات التشغيلية اللازمة لخدمة قاصدي المسجد الحرام، مثل توفير مشارب سقيا زمزم وتأمين الأنظمة كالصوت والإنارة والتكييف وعناصر الحركة من سلالم كهربائية ومصاعد وجسور والتي وضعتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي التي تسعى الشركة المنفذة للمشاريع لتنفيذها خلال هذه الأيام وقبل موعد إيقاف حركة المشاريع.
توفير ساحات بالحرم المكي
ولم تنس الرئاسة أن تؤكد على توفير المساحات والساحات التي تخدم الحجاج والخدمات الأساسية كدورات المياه والمواضي، كما أوضحت أن المسجد الحرام سيشهد فتح بعض المواقع الجاهزة لخدمة ضيوف بيت الله الحرام من الحجاج واستعداداً لموسم الحج، حيث سيشهد الحرم المكي فتح أطراف صحن المطاف تدريجياً، بجانب الدور الأرضي والدور الأول ثم سطح الحرم للطائفين، مشيرة إلى أن هناك مشروعاً يشهد اكتمال المرحلة الثانية بربط دور السطح (سقف الدور الأول) مع توسعة الملك فهد، مع استئناف العمل في مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ لرفع الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف بعد الحج، بعد إزالة الجزء الأخير من المسجد الحرام ضمن المرحلة الثالثة والأخيرة في المشروع.
6 مشاريع بلدية لتسهيل الحركة
وتبقى مشاريع وأنشطة الإدارة المركزية للمشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة، ذات أهمية قصوى لخدمة الحجيج؛ حيث أعلنت الإدارة، التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية، عن ستة مشاريع خدمية عملاقة، سيشهدها موسم الحج الحالي، المشروع الأول يركز على معالجة مخلفات الذبح في مسالخ المشاعر المقدسة (المعيصم)، حيث تم توجيه دعوات لشركات متخصصة في معالجة تلك المخلفات، ويتضمن المشروع تنفيذ نظام للمحارق، يتم توريده من إحدى الشركات المتخصصة، مع نظام معالجة الانبعاثات الناتجة طبقاً لمواصفات الاتحاد الأوروبي؛ لمعالجة تسعة آلاف طن من مخلفات الذبح الناتجة خلال موسم الحج.
ويربط المشروع الثاني منطقة العزيزية بالدور الثاني لمنشأة الجمرات الحديثة، عبر إنشاء محطة إركاب ملاصقة لمحطة الإركاب، التي تم تنفيذها في المرحلة الأولى، وتنفيذ طريق لربط المحطة بطريق العزيزية العام. ويتكون المشروع من إنشاء محطة إركاب لنقل الحجيج من وإلى العزيزية، ملاصقة لمحطة الإركاب السفلية، التي تم تنفيذها في المرحلة الأولى من المشروع، والخاصة بنقل الحجيج من وإلى الدور الثاني للجمرات. ويتضمن المشروع ذاته إنشاء طريق رئيس، عرضه 40 متراً، وبطول 250 متراً؛ لربط محطة بطريق العزيزية العام.
وينقل المشروع الثالث الطريق رقم 63، وتحويله إلى مناطق صالحة للتخييم في عرفات؛ بهدف تسهيل عملية التحكم في منطقة الحجاج من مستخدمي القطار، ويوفر مساحة لنزول الحجاج في عرفات، ويتضمن المشروع الرابع إنشاء معبر للمشاة، غرب محطة المزدلفة رقم 2، لقطار المشاعر المقدسة، وتم إنشاء سلالم ثابتة وأخرى متحركة، بجانب معبر مشاة علوي على شارع العزيزية، بالقرب من محطة مزدلفة 2؛ لتسهيل انتقال المشاة بين ساحة المحطة والساحات الواقعة شمال غرب شارع العزيزية. وفيما يحمي المشروع الخامس، الحجيج من أخطار تساقط الصخور في أحد المواقع على طريق الملك عبدالعزيز، بوضع مصدات لهذه الصخور، يعزز المشروع السادس توسعة الساحة الغربية للجمرات بمساحة 40 ألف متر مربع من الجهة الشمالية، ويتضمن هذا المشروع إزالة جزء من كتلة جبلية مع إعادة تنظيم الاتصال مع شارع الأمير ماجد، وإعادة تنظيم التقاطع مع شارع المسجد الحرام بما يتناسب مع التوسعة الجديدة؛ لاستيعاب الحجاج ولتكون مخرجاً لهم باتجاه مكة المكرمة.