.
في خطوة مهمة تعزز استراتيجية الشركة لدعم التدريب والتعليم بالمملكة في كافة القطاعات الصناعية المرتبطة بالطاقة، أعلنت أرامكو السعودية عن مشروعها لتشييد معهد للتدريب على الحفر الصناعي في المنطقة الشرقية.
جاء ذلك الإعلان خلال الاجتماع الذي عقدته دائرة الحفر وصيانة الآبار يوم الإثنين الماضي 25 جمادى الأولى 1436هـ (16 مارس 2015م) في قاعة البلازا في الظهران. حضر الاجتماع رئيس أرامكو السعودية، كبيرإدارييها التنفيذيين، الأستاذ خالد بن عبدالعزيز الفالح، وشهد وضع خطط المعهد خلال الاجتماع الذي استمر يومًا كاملاً، وشمل تقديم عروض وحلقات عمل شاركت فيها شركات خدمة ومقاولين. كما كان من بين حضور الاجتماع 41 ممثلًا لشركات عالمية ومحلية، بالإضافة إلى 16 من رؤساء شركات الحفر والخدمات.
دافعان وراء إنشاء المعهد
وقال الفالح في كلمته أمام الحضور إن هناك دافعين يقفان وراء إنشاء المعهد، يتمثلان في التوسع المزمع في الأعمال، و«التغيير الكبير في القوى العاملة»، الذي من المتوقع أن يتضح خلال السنوات القليلة القادمة، مؤكدًا أن نهج الشركة لمواجهة هذا التحدي يكمن في الاستفادة من القوى العاملة السعودية الناشئة والمتاحة من الشباب. «نحن بحاجة إلى توظيف وتدريب وتطوير الآلاف ممَّن سيساعدون أعمال الحفر لتلعب دورها في تحويل رؤية أرمكو السعودية إلى واقع»، مؤكدًا في الوقت نفسه على حتمية الوفاء «بمستويات الأيدي العاملة التي تتطلبها استراتيجيات السعودة لدينا».
وأشار إلى أن شركات الحفر وبُناة منصات الحفر والمقاولين سيكون لهم دور في تطوير المعهد ونجاحه، في الوقت الذي تدخل فيه الشركة في علاقة «استراتيجية» أكبر مع شركائها. «نحن عازمون على التعاون في تحقيق ذلك، ولن نتمكن من إنشاء مؤسسة عالمية تجسد أفضل الممارسات في تخصصات الحفر، ومركز للتميز في الابتكار الرائد في كل من تقنية الحفر والتسليم، ومحورٍ عالميٍّ حقيقيٍّ لتنمية المواهب في صناعة الحفر، ما لم ننجح في الجمع بين المعرفة والموارد».
وأضاف: «نهدف لإنشاء مرفق تدريب وتطوير موحد ومركزي لكامل القوى العاملة في الحفر، بغض النظر عن الشركة التي يعملون لديها. وهذا هو القصد من إنشاء هذا المعهد». إن الجهد التعاوني سيتيح للمعهد اكتساب «الكفاءة المتبادلة» في مرحلتي الإنشاء والأعمال الجارية على حدّ سواء. وأعرب عن ثقته أن معهد التدريب سيفي بأهدافه في المساعدة على «ضمان قدرة أرامكو السعودية على مساندة وإدامة النمو القادم».
أخلاقيات العمل
وفي بداية الاجتماع، عُرض فيلم يصور طاقم حفر في أرامكو أثناء تأديته لعمله، مما قدّم صورة حقيقية عن طبيعة عمل الحفّار. وعلق الفالح بقوله أنه يُعرف عادة عن الحفارين تحليهم بأخلاقيات عمل قوية، وأنهم كثيرًا ما يجدون أنفسهم يعملون في ظروف ومناطق عمل بالغة الصعوبة، قلَّ ما يراها الآخرون.
وأضاف: «ربما يكون الحفر أحد الرموز الأكثر إيجابية للسعودة لأنه أثبت أن السعوديين لديهم الرغبة والقدرة على العمل في أقسى وأشرس وأصعب الظروف التي يمكن تخيلها».
السعي لعكس الاتجاه
وقال الفالح إن وجود معهد متخصص في الحفر ذي سمعة عالية في المملكة أمر طال انتظاره، وأضاف: «رغم أننا نمتلك مايقرب من %25 من احتياطي النفط في العالم، إلا أننا ما نزال نعتمد على الآخرين لتدريب شبابنا من ملاحظي أشغال الحفر السعوديين، ونجلب الكثير من الكفاءات من الخارج. أليس من المفترض العمل على عكس هذا الاتجاه بحيث يرسل الآخرون موظفيهم للتدرب لدينا في المملكة، ونقوم نحن بتصدير الكفاءات السعودية التي تتمتع بمهارات عالية إلى الخارج؟» مؤكدًا أن هذا هو «أكبر ما يَعِدُ به هذا المعهد، إذا أخذنا بنهج استراتيجي طويل الأجل للتدريب على صناعة الحفر في المستقبل».
30000 سعودي مؤهل
وقدم نائب الرئيس للحفر وصيانة الآبار في أرامكو السعودية، الأستاذ داود الداود،عرضًا حدّد فيه دوافع وأهداف إنشاء معهد التدريب على الحفر الصناعي. كما كشف خلال نفس العرض عن أن الشركة سوف تحتاج لأكثر من ثلاثين ألفًا من السعوديين المؤهلين في الحفر بحلول عام 2020م.
وأكّد أن التقدم في تقنية الحفر ساعد موظفي الحفر في السيطرة على العديد من أبعاد عملهم، كما أدّى أيضًا إلى «زيادة التحديات من ناحية التعقيد والنطاق» في هذه الصناعة التي تتطلب برامج تدريبية شاملة ومصممة خصيصًا للموظفين.
ووصف الداود معهد التدريب بالفكرة النبيلة «التي كنا نفكر فيها منذ وقت طويل، ولكنه مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى للمحافظة على اكتمال مخزون المواهب في السنوات المقبلة. وهو الأمر الذي يتطلب إعداد العدة له الآن».
وأشار إلى أن الهدف الأكبر من إنشاء معهد التدريب يكمن في جهود السعودة، التي تتطلب من كل شركاء أرامكو السعودية من شركات أعمال التنقيب والإنتاج تحقيق معدلات للكفاءات المحلية لا تقل عن %70 بحلول عام 2017م. واختتم الداود كلمته بالقول: «إن كل الأرقام تسير في الاتجاه الصحيح، ولكننا نؤمن أن بوسعنا فعل المزيد».
وتحدث المدير العام للإدارة في شركة الحفر العربية، الأستاذ توفيق الهلال، عن المشروع وكيف يمكن تحقيق مثل هذا التحول في «الموارد البشرية». وقال إنه في عام 1992م، كانت نسبة السعودة في شركتهم %10. وبعد افتتاح مركزها للتدريب في الظهران في السنة نفسها، وصل المعدل الآن إلى %69 وهو في تزايد.
وأشار الهلال إلى أن الأمر لا يتعلق بمجرد مسألة توظيف الشباب السعودي، مستشهدًا بعدة أمثلة من الموظفين الذين ترقوا من مرحلة المبتدئين ليصبحوا رؤساء وفي مناصب كبيرة في الشركة.
التزام نحو المملكة
في ختام ورشة العمل النهائية وجلسة النقاش المستفيض، قدم النائب الأعلى للرئيس للتنقيب والإنتاج، الأستاذ أمين حسن الناصر، الشكر للمشاركين في جلسة التخطيط التي قدمت معلومات قيمة ومهمة حول إمكانات المرفق، وقال: «إن هذا يظهر مدى التزامكم ليس نحو أرامكو السعودية فحسب، بل نحو المملكة بشكل أشمل».
وشدّد الناصر أثناء تسليطه الضوء على بعض خطط أرامكو السعودية لزيادة نشاط الحفر خلال السنوات القليلة القادمة، على أن الوقت قد حان للبدء في بناء قوى عمل موثوقة ومؤهلة مع التركيز على السلامة. كما أشار إلى أن المرفق سيفيد المنطقة بأسرها، وليس فقط أرامكو السعودية.
وقال: «من المتوقع أن يزداد عدد الآبار، مما يحتم علينا أن نكون على استعداد لذلك، وتحدونا الرغبة لأن نعمل كفريق واحد وتقديم شيء يمكننا أن نفخر به كصناعة».
الجدير بالذكر أن مرفق التدريب هذا مايزال في مرحلة التصميم والتخطيط، ولكن أرامكو السعودية تخطط لبدء التدريب في غضون سنة في موقع مؤقت في بقيق إلى أن يكتمل بناء مرفق دائم وملائم للمعهد.