
ألقى خطيب جامع الراجحي ورئيس المحكمة العامة بطريف فضيلة الشيخ فيصل البغيل في صلاة الجمعة هذا اليوم خطبة عن المخدرات وخطرها احتوت على عدة رسائل لكل شرائح المجتمع للتعاون على محاربة هذه الآفة ومن يروجها ..
وذكر فضيلة الشيخ فيصل في خطبته ان من الجرائم العظيمة، والكبائر المهلكة والذنوب المفسدة للفرد والمجتمع المخدِّرات والمسْكِرات؛ فما وقع أحد في شباكها إلا دمرته، ولا تعاطاها أحد إلا أفسدته بأنواع الفساد، ولا انتشرت في مجتمع إلا أحاط به الشر كله، ووقع في أنواع من البلاء، وحدثت فيه كبار الذنوب، ووقعت فيه مفاسد يعجِز عن علاجها العقلاء والمصلحون.. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث”، وروى الحاكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “اجتنبوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر”…
واضاف فضيلته ان المخدرات أعظم ضرراً من الخمر؛ فهي محرمة أشدَّ التحريم، وأضرار المخدرات ومفاسدها كثيرة؛ منها ما عرفه الناس، ومنها ما لم يُعرف بعد. والمخدرات – بجميع أنواعها- حرمها الله وحرمها رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ سواء كانت نباتاً، أو حبوباً، أو مطعوماً، أو مشروباً، أو استنشاقاً، أو إبراً..”
ثم … ذكر الخطيب جملة من أضرار المخدرات ومنها:
تبدُّل طبائع الإنسان ومسخُه إلى شيطان من الشياطين، وتخليه عن صفات الصالحين.
السفه في التصرف؛ فيفعل ما يضره ويترك ما ينفعه.
فساد التدبير؛ فيفقد الفكر الصحيح والرأي السديد ولا ينظر إلا إلى لذة الساعة التي هو فيها.
فقدانه للأمانة، وتفريطه فيما يجب حفظه ورعايته؛ فلا يؤمن على مصلحة عامة ولا على أموال ولا على عمل، ولا يؤمن حتى على محارمه بل ربما وقع على أخته بل ربما وقع على أمه أعاذنا الله وإياكم؛ لأن المخدرات قد أفسدت عليه إنسانيته -والعياذ بالله-.
أن يكون متعاطيها عالةً على المجتمع؛ لا يقدم لمجتمعه خيراً، ولا يفلح فيما يُسْندُ إليه.
أن يكون متعاطيها منبوذا ومكروهاً حتى من أقرب الناس إليه.
تبديده لماله وعدم قدرته على الكسب الشريف فيلجأ إلى كسب المال بطرق إجرامية.. نسأل الله العافية.
تدهورُ الصحة العامة، والوقوعُ في أمراض مستعصية تُسلِم صاحبها إلى الموت.
فقد الرجولة، والميل إلى الفجور وقد رأينا وسمعنا عن كثير من المدمنين ممن شذت أجسادهم وأصبحوا يشتهون أن يطأهم الرجال نسأل الله العافية.
قِصرُ العمر؛ لما تسببه من تدمير لأجهزة البدن، ولما يعتري صاحبَها من الهموم والاكتئاب.
تسلط الشياطين على متعاطيها، وبُعْد ملائكة الرحمة .
حلولُ اللعنة لمتعاطيها إلا أن يتوب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “لعن الله الخمرَ وشاربها وساقيها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومبتاعها”..
وفي الحديث: “من شرب حسوة من خمر لم يقبل الله منه ثلاثة أيام صرفاً ولا عدلاً، ومن شرب كأساً لم يقبل الله صلاته أربعين صباحاً، والمدمن الخمر حقٌّ على الله أن يسقيه من نهر الخبال، قيل: يا رسول الله، وما نهر الخبال ؟ قال: صديدُ أهل النار” رواه الطبراني.
ضياع الأسر وانحراف الناشئة؛ لأنهم بدون عائل يسلكون الغواية.
ثقل الطاعة وكراهيتها وبغضها، وكراهية الصالحين وبغضهم وعدم مجالستهم، والبعد عن مجالس الذكر ومواطن العبادة، وحب الجرائم وإلف المعاصي، ومصاحبة الأشرار وصداقتهم ومودتهم.
ثم وجه الشيخ رسائل لعدة شرائح من المجتمع رسائل للتعاون على هذه الآفة فقال:
“ولكثرة مفاسد وأضرار المخدرات فقد حاربت الدولة.. .-أعزها الله- هذه المخدرات، وأعدت في المنافذ والمطارات مسئولين يحبطون ويكتشفون عمليات التهريب ويوقعون العقوبة على المفسدين بالتهريب… ولا يخفى عليكم جهود مكافحة المخدرات في هذا البلد وما يقومون به من دور فعال في حمايتنا جميعا من هذه المصيبة…
ويا أيها المسئول: أنت على ثغر كبير؛ فإياك أن يدخل الشر والدمار لى مجتمعك من المنفذ الذي وُضعتَ فيه؛ فإن ولي الأمر ائتمنك على مسئولية وأمانة تحاسب عليها أمام الله -تعالى-.
ويا أيها الأب والوصي والأخ والمدرس والأم والقريب: أحسنوا الرعاية على أولادكم – ذكورِهم وإناثِهم-، وجنبوهم جلساءَ السوء، وامنعوهم من أماكن الفساد، واحذروا عليهم من السهر مع رُفقة السوء، وامنعوهم من الدخان؛ فإنه بداية المخدرات والمفتِّرات.
وأنت أيها المروج.. أنت أيها المروج: كيف تطيب نفسُك -أيها المروج- بأن تدمر نفسَك ومجتمعك، وأن تسعى للإفساد والفساد في الأرض، وأن تكون من حزب الشيطان، وأن تكون من الذين يسعون في الأرض فساداً؟! أينفعك مالك؟! أتنفعك دنياك؟! أينفعك شيء اكتسبته من هذا الطريق حرام؟! اتق الله في نفسك، وارجع إلى الله -عز وجل-، وكن داعياً إلى الخير، ولا تكن سبباً في الشر وداعياً إلى الشر.. أيسرك لو أن ابنك ابتلي بالمخدرات … فكر بالوالدة المألومة المأسوفة التي تذرف الدمعات والأطفال الذين تيتموا وآباؤهم أحياء وبالزواجات اللاتي تثكلن وأزواجهن أحياء… أحياء ولكن بدون عقل ولا تدبير أهملوا من عالوا … أيها المروج دعوة واحدة من هؤلاء المظلومين المكلومين قد تكون سبيلك لجهنم وبئس المهاد وقد تكون بئسا ووبالا عليك في دنياك وفي ذريتك وأهل بيتك…
قال الله -تعالى-: (..َوتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2].” ا.هـ الخطبة الأولى
ثم وجه الشيخ في الخطبة الثانية رسالة لكل من ابتلي بالمخدرات فقال:
“رسالة لكل مدمن: من ابتلي بشيء من هذا فليتب إلى الله -عز وجل- فإنه بهذا يحسن إلى نفسه ويحسن إلى مجتمعه ويحسن إلى أسرته ويحسن إلى أقربائه بالتوبة إلى الله -عز وجل- والله -تبارك وتعالى- إذا علم صدق النية فإنه يعين على ذلك قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه الندم؛ فإنه من ابتلي بهذا فلا بد أن يأتي عليه يومٌ يندم فيه.. ولكن وقت الندم لا ينفعه؛ فبادر -أيها الإنسان- بادر أيها المبتلى بهذا.. بادر إلى التوبة إلى الله.
ومن احتاج إلى أن يعان ويشرف عليه طبيب لترك هذه المخدرات – فليتقدم إلى المراكز التي أعدتها الدولة وإلى الجمعيات الخيرية المعنية بذلك كجمعية مكافحة التدخين والمخدرات بشرق طريف… وليقبل نصح الناصحين، وليخلع هواه ويبتعد عن هواه وعن رفقة السوء؛ فإن هؤلاء هم الذين أوقعوه فيما هو فيه، وسيوقعونه غداً فيما هو أعظم.. في نار جهنم، أو أن يقع في السجن بأسبابهم، وأن يضيع كثيراً من عمره أو يضيع عمره كله.
ولتعلم أيها المدمن أن كبار تجار المخدرات لم يذوقوها ولم يقربوها ويعتبرونها عيبا ونقيصة ولكنهم يتأولون التجارة بها وتوسوس لهم الشياطين بأنها من الكسب الطيب ولو كان كذلك لوزعه المروج على أبنائه وأهل بيته لكن القلوب والعقول تعمى رغم صحة البصر. والتجارة بالمخدرات ممحوقة البركة ومهما طال الزمن فإن مصيره السجن في الدنيا والعذاب في الآخرة إلا أن يتوب الله عليك … فبادر في التوبة فإن ضياع العمر في السجن
وأنت أيها المروج فإن كسب المخدرات ممحوق بركته عظيم إثمه وإن من البلاء ما هو مستعجل في الدنيا فاحذر أن يكون عقابك بلاء في ذريتك أو علة في صحتك فتخسر دنياك وأخراك …
أيها المسلمون- تعاونوا على الخير.. حاربوا الشر؛ فإن الله -تبارك وتعالى- جعل من صفات المؤمنين المسلمين أن يوصي بعضُهم بعضاً لكل خير، وأن يتآمروا بالمعروف وأن يتناهوا عن المنكر.. قال الله -تعالى-: (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر: 1 – 3].. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
هذا وصلوا -رحمكم الله- على خير البرية وأفضل البشرية، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله في كتابه، فقال عز وجل من قائل عليم: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب:56]. [3:59 PM, 5/5/2