
حاز الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية العديد من التقييمات المرتفعة من جانب المؤسسات الاقتصادية الدولية، آخرها تقييم وكالة “موديز” الذي صدر أمس، وثبَّت التصنيف الائتماني للسعودية عند المستوى A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة. وقبل تصنيف “موديز”، وتحديدًا في شهر أغسطس الماضي، حصل الاقتصاد السعودي على إشادة قوية من صندوق النقد الدولي في تقريره الختامي لمشاورات المادة الرابعة لعام 2018، الذي توقع أن يبلغ النمو الحقيقي للاقتصاد السعودي هذا العام قرابة 2 في المائة.
تعزيز الثقة
ولا شك في أن قوة الاقتصاد السعودي غير مرهونة بنظرة المؤسسات الدولية؛ فالاقتصاد السعودي يستمد قوته الحقيقية من المكونات التي ينهض عليها، والاستراتيجيات المتطورة التي يطبقها، لكن تقييمات المؤسسات الدولية تؤخذ في الحسبان كشهادات مهنية من جانب الأطراف والدول الأخرى في تعزيز ثقتها بأداء ومستقبل الاقتصاد السعودي، ولاسيما إذا كانت التقييمات صادرة عن جهات عريقة مثل وكالة “موديز” التي تأسست عام 1909م، وتخصصت في إجراء الأبحاث الاقتصادية والتحليلات المالية، وتقييم المؤسسات الخاصة والحكومية من حيث القوة المالية والائتمانية، بحسب ما ذكرت “ويكيبيديا”.
ويرسم تقييم “موديز” صورة قوية للاقتصاد السعودي، وذلك ما يُفهم من تفسير المصطلحات الاقتصادية التي كُتب بها. فتثبيت “موديز” التصنيف الائتماني للسعودية عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة يعني تمتُّع الاقتصاد السعودي بالتزامات مرتفعة، ومعرضة لدرجة منخفضة من المخاطر، وذلك ما يشير إليه المستوى “A1″؛ وهذا ما دعاها إلى منح الاقتصاد السعودي “نظرة مستقبلية مستقرة”، وهو تقييم يشير إلى وضع مستقبلي آمن ومطمئن للاقتصاد السعودي.
توقعات مرتفعة
والملاحظ في تقييم “موديز” هو تعاطي عناصره مع مسارات “رؤية 2030″؛ ما يعطي فرصة للمراقبين للتعرُّف على النتائج التي حققها الاقتصادي السعودي منذ تحوله إلى خطط “رؤية 2030” قبل نحو سنتين ونصف السنة، التي تعتمد في نهجها الأساسي على تنويع مصادر الاقتصاد، وعدم اقتصارها على النفط. وهنا يشير تقييم “موديز” إلى أن “القطاع غير النفطي السعودي يسهم في نمو أقوى لإجمالي الناتج المحلي، وأن تحصيل الإيرادات غير النفطية ارتفع بنسبة 43 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري”.
وفي جانب استهداف “رؤية 2030” لنِسَب نمو عالية ومنتظمة رفعت “موديز” توقعاتها لحجم نمو إجمالي الناتج المحلي السعودي خلال الفترة 2018-2019؛ ليصبح 2.5 في المئة و2.7 في المئة على التوالي، متوقعة تراجع العجز الحكومي من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة ذاتها إلى 3.5 في المئة. وبالنسبة لتوجه “رؤية 2030” بضبط وترشيد الإنفاق ذكرت “موديز” أن “حجم النفقات هذا العام يتماشى مع ما خطط له في الميزانية الحكومية، وأن هذا يدل على سعي الحكومة السعودية نحو ضبط مستويات الإنفاق طوال العام عن طريق التخطيط السليم والرقابة والضبط”.
ولا يعد تقييم “موديز” للاقتصاد السعودي مفاجئًا؛ ففي شهر إبريل الماضي صنفت “موديز” الائتمان السعودي عند المستوى A1، وأبقت على نظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد السعودي، وتوقعت أن يظل وضع الموازنة قويًّا بين 2018 و2020. كما أنه ليس “صكًّا بالثقة”؛ فالاقتصاد السعودي يستمد قوته من مكوناته وخططه، ولا يستمدها من جهات خارجية، ولكن يجري الاهتمام بتقييمات الجهات الدولية في ضوء المؤشرات التي تعطيها للنتائج التي حققها الاقتصاد السعودي بعد تطبيق خطط “رؤية 2030″، التي أعطى تقييم “موديز” مؤشرات قوية للعالم على أنها (الرؤية) تواصل قفزاتها نحو الازدهار والنهضة الشاملة التي وعدت بها السعوديين.