
قطع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الطريق تمامًا على كل الحملات المشبوهة التي تستغل حادثة وفاة المواطن السعودي جمال خاشقجي في القنصلية العامة للمملكة في إسطنبول لخلق رأي عام ضد السعودية، والتحريض عليها، وابتزازها، بتشديده على وجهة القرار السعودي في القضية عبر بُعدَيْه الإنساني والرسمي. فإنسانيًّا أعرب ولي العهد عن إدانته الشديدة لحادثة موت خاشقجي واصفًا إياها بـ”البشعة”، ومؤكدًا في الوقت نفسه أنها آلمت كل السعوديين. وفي المسار الرسمي شدد على أن الحكومة السعودية اتخذت كل الإجراءات الممكنة لتقديم الجناة إلى العدالة، وأنهم سينالون العقاب الرادع على جريمتهم.
تعاون مميز
ولم يقتصر أسلوب المكاشفة الذي اعتمده ولي العهد في الحديث عن الواقعة المؤسفة لخاشقجي على توضيح وجهة القرار السعودي فحسب، بل شملت المكاشفة أيضًا التعاون بين السعودية وتركيا في القضية؛ إذ أكد خلال حديثه اليوم (الأربعاء) في جلسة “مبادرة مستقبل الاستثمار” أنه تعاون مميز، ويمضي في طريقه للوصول إلى الحقيقة التي سيستند إليها في معاقبة المتورطين في الجريمة على الوجه الذي تقتضيه العدالة.
وكما لوحظ من متابعة ردود أفعال المتابعين لحديث ولي العهد عن خاشقجي، فإن مكاشفته فاجأت كل الأوساط، وأصابت بعضها بالذهول، وخصوصًا أولئك الذين تأثروا بالدعايات المعادية للسعودية. وأزالت براعته المعهودة في شرح مواقف بلاده، وجديته في عرض مسارات الإجراءات التي اتخذتها السعودية لاستجلاء حقيقة ما جرى لخاشقي، أي لبس أو شكوك قد تكون ساورت البعض في التزامات السعودية حيال العدالة، وتجاه مواطنها الذي فقد حياته.
استغلال المغرضين
وبدد ولي العهد كل الأوهام المتعلقة بحالة العلاقات السعودية – التركية؛ فالمرجح أن الكثير من المتابعين لم يتوقعوا استمرار تحلي العلاقات بين الرياض وأنقرة بهذا العمق والدفء الذي أبرزه الأمير محمد بن سلمان في حديثه عن خاشقجي، الذي جاء اتصاله الهاتفي اليوم بالرئيس رجب طيب أردوغان امتدادًا له. وجاء تأكيد ولي العهد بأن محاولة استغلال المغرضين وفاة خاشقجي ستفشل في إحداث شرخ بين السعودية وتركيا ليثبت للجميع حرص الرياض على علاقتها بأنقرة.
ومن المعلوم أن تخريب وإفساد العلاقات بين السعودية وتركيا يمثل أحد أهداف الدول والأطراف المغرضة، ولكن كَشْف ولي العهد مستوى التعاون المميز بين البلدين في مسار التحقيقات الجارية في حادثة خاشقجي أكد للعالم أن الوصول إلى العدالة هدف مشترك لكل من السعودية وتركيا، ولا يوجد هناك ما يدعو للاعتقاد بخلاف ذلك. ولا شك أن مقولة ولي العهد بأنه “لن يحدث شرخ بين تركيا والسعودية طالما أن هناك الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأن هناك ولي عهد اسمه محمد بن سلمان، ورئيس تركي اسمه رجب طيب أردوغان”، قد عبرت بوضوح عما تحظى به العلاقات بين الدولتين الشقيقتين في أولويات القادة الثلاثة، وبعثت برسالة قوية، أظهرت إلى كل المهتمين ما تنعم به العلاقات السعودية – التركية من متانة ورسوخ.