أعدت المملكة العربية السعودية عدتها نحو المستقبل، إذ التحقت بركب الدول الكبرى، من خلال التركيز على الإنتاج والصناعة بدلا من الاستهلاك، وبناء المواطن القوي المتعلم المدرك، مغلقة كل الطرق في وجه دعاة الكسل والخمول، إذ تحظى السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بثقل عالمي كبير يقف وراءه جدار استنادي من الإنجازات الكبيرة، وها هي المملكة على موعد مع المستقبل إذ سيفتتح صرح صناعي استثنائي، سيمكن اقتصاد الوطن من التصدي والوقوف في وجه كل العثرات والتحديات الاقتصادية الصعبة، كما سيمكن الافتتاح الجديد قطاع التعدين من إنتاج المزيد من الأسمدة الفوسفاتية، ليصبح معدل الإنتاج السعودي الثالث عالميا باستثمارات ضخمة بلغت 86 مليار ريال في مدينة وعد الشمال وحدها، فيما توازن كفة الإنتاج بين وعد الشمال ورأس الخير بإجمالي إنتاجي يبلغ نحو ستة ملايين طن، إضافة إلى ثلاثة ملايين أخرى سيتم إنتاجها بعد استكمال مراحل البناء لمشروع “فوسفات 3”.
ودعما للمواطنة ومن منطلق تنفيذ واجبات الدولة تجاه الشعب، أصدرت المملكة قرارا ملكيا في 2012، لبناء مدينة وعد الشمال، لتنمية منطقة الحدود الشمالية، التي كانت ولا تزال الدرع الأمين لحماية البلاد، وحلقة الوصل الرابطة للسعودية بمحيطها العربي من الجهة الشمالية، وعلى الرغم من الواقع الملتهب التي تعيشه الأمة العربية، بسبب التدخلات الإيرانية، والعبث الذي تسبب فيه “الملالي” في سورية والعراق ولبنان واليمن، ينام المواطن السعودي ليله الطويل، دون قلق أو خوف على غده، فحكومة خادم الحرمين التي أدركت أهمية الاستثمار بالمواطن السعودي، وابتعاثه في كل أقطار الدنيا، ليتلقى علومه المتنوعة من المجالات كافة، وليعود إلى حضن الوطن ويقدم كل ما لديه من علوم في صناعة مستقبل الوطن، فها هي المشاريع العملاقة في المملكة تدار بإيد سعودية سواء كانت في أرامكو أو الجبيل أو رأس الخير أو وعد الشمال، كما أن هذا الشباب الطموح يحمي الحمى ويذود عن الوطن، فمنهم من قضى شهيدا في سبيل الله ومنهم من جرح، ومنهم من لا يزال يرابط رافعين شعار إما النصر وإما الشهادة في سبيل الله.
«وعد الشمال» وصواريخ الملالي
تضم مدينة وعد الشمال الصناعية منظومة نموذجية متكاملة من المصانع، إذ توجد فيها شركة معادن وعد الشمال للفوسفات بملكية تصل لنحو 60 في المائة لشركة معادن العربية السعودية “معادن”، بشراكة استراتيجية مع “سابك” 15 في المائة، و”موزاييك” الأمريكية 25 في المائة، أكبر منتج لأسمدة الفوسفات في العالم، باستثمار بلغ 30 مليار ريال، من خلال منشآت ومرافق عدة تابعة لها، إذ سينتج المصنع بقدرته الإنتاجية الكاملة 16 مليون طن، ليضع المملكة على سلم القوى الإنتاجية في العالم، إذ ينتج المصنع بقدرته التشغيلية ثلاثة ملايين طن من الأسمدة على شكل منتجات جاهزة وهي: سماد فوسفات الأمونيوم، الأسمدة الفوسفاتية المركبة، و440 ألف طن على شكل منتجات تحويلية تشمل: حمض الفسفوريك النقي، وكذلك فوسفات ثنائي الكالسيوم، فيما تنتج “رأس الخير” ثلاثة ملايين طن أخرى من الأسمدة.
وعلى النقيض تماما، عملت حكومة “الملالي” على استثمار أموال الشعب الإيراني في الشر والدمار والنار، إذ شيدت المصانع الحربية لبناء صواريخ مهترئة أكلها الصدأ، لا فائدة منها سوى تدمير أحلام اليمنيين، في حين يعاني الشباب الإيراني من البطالة المفرطة إذ تتجاوز النسبة 20 في المائة، كما يعيش الاقتصاد الإيراني حالة من التدهور والدمار، بعد أن تهاوت العملة إلى أدنى حد مقابل الدولار الأمريكي، كما كان لسياسة الملالي أثر كبير في الحياة الضنكى التي يعيشها الشعب، إذ تستثمر أموال طائلة لتمويل الحروب في سورية واليمن، في حين يعيش المواطن الأمرين، ربما يعترض البعض على فكرة أن تمد جسور الخير والمحبة لتصنع الرفاه الاقتصادي والتنمية في البلاد، ليؤيدوا دعم التسليح والإنفاق على مشاريع التسلح، لكننا مع إمساك العصا من النصف فلا خير في أمة لا تستطيع أن تحمي نفسها ولا خير في دولة شعبها جوعى.
الاقتصاد عمود التوازن
تدار الجهود الاقتصادية في المملكة بعوامل عدة منها: الأمن والاستقرار السياسي، وقوة عسكرية تحقق الأمان، وجذب رؤس الأموال، وفتح المشاريع التجارية والتنموية في مختلف مناطق المملكة.
تنبهت دول عدة، إلى أهمية التوازن الاقتصادي والاستثمار التنموي وتحقيق التنمية المستدامة فكانت ألمانيا واليابان مثالين على الدول التي تخلت عن الحروب وسفك دماء شعوبها والشعوب الأخرى، وشقت طريقها الصناعي، لتصبح هاتان الدولتان قبلة استثمارية عالمية، تغلبت على أقوى الاقتصادات الأخرى، حتى تمكن الاقتصاد الياباني بدعم الدولار الأمريكي بالمال عند تعرضه للأزمة الاقتصادية العالمية في 2008.
برامج اقتصادية حدودها السماء
وضعت حكومة خادم الحرمين أساسا جديدا لتطوير الصناعة، من خلال البرنامج الوطني للصناعة والخدمات اللوجستية، الذي ضم أربعة قطاعات رئيسة، إذ اهتم بصناعة التعدين التي ستدر على الاقتصاد الوطني خمسة تريليونات ريال، من خلال استغلال الموارد المعدنية غير المستخدمة، إضافة إلى زيادة إنتاج الذهب والمعادن الأساسية بمعدل 10 أضعاف، لزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 200 مليار ريال، في حين تقدم الحكومة للشعب أكثر من 450 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في قطاع التعدين، إذ سيوفر القطاع توفير 1200 فرصة استثمارية للقطاع الخاص بقيمة إجمالية تتعدى 500 مليار ريال بحلول 2035.
وسيعمل القطاع الآخر الذي يعرف بقطاع الخدمات اللوجستية، تحويل المملكة إلى مركز عالمي للخدمات اللوجستية، من خلال تحسين أداء المؤسسات والهيئات العامة في قطاع الخدمات اللوجستية، الذي سيستحدث 343 ألف فرصة عمل جديدة بحلول عام 2030، ما سيؤمن دخلا إضافيا للناتج المحلي الإجمالي بنحو 137 مليار ريال، إذ ستتجاوز صادرات المملكة لتبلغ 500 مليار ريال بحلول عام 2030.
فيما سيوفر قطاع الطاقة، أي القطاع الثالث تنمية شاملة في مصادر الطاقة المتجددة في المملكة لإنتاج 9.8 جيجاواط بحلول عام 2023، لرفع كفاءة توليد الطاقة إلى 41 في المائة بحلول عام 2020، والتقليل التدريجي من استخدام الوقود السائل، إضافة إلى إعادة هيكلة قطاع الطاقة لتعزيز التنافسية، من خلال إطلاق مبادرة “برنامج القدرة التنافسية لإصلاح أسعار الطاقة” للتخفيف من الآثار المترتبة على إصلاحات أسعار الطاقة، لرفع سعة إنتاج الغاز وشبكات توزيعه من 14 إلى 17.8 مليار قدم مكعبة قياسية بحلول عام 2020، وزيادة مشاركة القطاع، وتخصيصه بشكل كامل بحلول عام 2020.
كما سيدعم القطاع الرابع “الصناعي”، مجال المنافسة لتحقيق الأرباح في الأسواق العالمية، لتعزيز ودفع عجلة نمو قطاع الصناعة، من خلال التركيز الاستراتيجي على 12 تجمعا صناعيا، لرفع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى أكثر من 700 مليار ريال بحلول عام 2030، التي ستؤدي إلى زيادة قيمة صادرات الصناعات التحويلية إلى 425 مليار ريال، والتي ستؤدي إلى مضاعفة عدد الوظائف في القطاع وصولا بها إلى أكثر من 1.4 مليون وظيفة بحلول عام 2030، لتمكين القطاع الخاص من 1000 فرصة استثمارية بقيمة 1.5 تريليون ريال، من خلال تبني الثورة الصناعية الرابعة والأتمتة والتقنية الروبوتية.
وجميع هذه العناصر تؤدي إلى طريق الأمن والاستقرار في المملكة، إذ ستنشط الحركة الاستثمارية الأجنبية، التي ستحضر لضخ أموالها في المملكة ما يعني بناء المزيد من الاستثمارات الغربية، التي يتعين على دولها الحفاظ على مصالحها في الخارج، التي تعد مصدرا لدخلها، وبهذا تضرب المملكة عدة عصافير بحجر واحد.