
نشرت صحيفة “لوبينيون” الفرنسية تقريراً بعنوان “ترغب المملكة في بناء إمبراطورية للغاز الطبيعي” والذي يتحدث عن التحول الاستراتيجي للمملكة ، من أجل تحفيز صناعاتها وتسويق هذا المورد الطبيعي وزيادة مداخيل الدولة الجديدة، التي تعتمد حالياً على البترول.
وأضاف التقرير أن اتفاق المملكة العربية السعودية لشراء الغاز الطبيعي الأميركي هو جزء من خطة تقدر تكلفتها بـ160 مليار دولار على مدى عشر سنوات لتطوير أصولها من الغاز، في حين يتوقع أن يتزايد الطلب على مصادر طاقة جديدة في مملكة غنية بالنفط لدرجة يفوق قدرتها وفقاً للتقديرات ، إضافة إلى كونها تُسهم في تشغيل مدن مستقبلية جديدة والمساهمة في تطوير الصناعات المحلية في قطاعات التصنيع والتعدين والتكنولوجيا ، إضافة إلى سعي المملكة للتوقف عن حرق النفط لإنتاج الكهرباء، نظراً لأنه يُخفض أهم مصدر للدخل – تصدير الذهب الأسود.
كما ذكر التقرير أن الاتفاق المبرم من المملكة العربية السعودية لشراء الغاز الطبيعي المسال من سيمبرا للطاقة Sempra Energy والذي كشفت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال”، يرسم أُولى خطواتها في دخول السوق – من خلال شراء وبيع الغاز الطبيعي المسال – إذ لطالما تخلفت عن منافسيها مثل قطر ومؤخراً الولايات المتحدة ، حيث تعد تلك الصفقة واحدة من أكبر الصفقات التجارية على مستوى الغاز الطبيعي المسال على الإطلاق وأكبرها حجماً منذ عام 2013، وفقاً لشركة وود ماكنزي، شركة استشارية مُتخصصة في مجال الطاقة مقرها المملكة المتحدة ، حيث تبلغ مدتها 20 عاماً وتتعلق بشراء شركة أرامكو السعودية 5 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً من مشروع تصدير سيمبار الجاري تطويره في بورت آرثر، تكساس.
وقد دشنت أرامكو في شمال المملكة العربية السعودية في نواحي مدينة طريف، إنتاج الغاز الطبيعي بنجاح باستخدام تقنيات التكسير، التقنية التي ساهمت في طفرة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، والتي كانت نادراً ما تستخدم في المملكة العربية السعودية.
ويُستخدم الغاز لتشغيل منشأة تعدين ما، وبذلك يرسم لمحة عامة عن كيفية توفير هذا الغاز صناعات طاقة جديدة في المستقبل.
كما كثفت أرامكو جهودها لإنتاج الغاز الطبيعي على حقول كبيرة في منطقتها الشرقية الغنية بالنفط، وبدأت الشركة بإجراء دراسات زلزالية في بعض أجزاء البحر الأحمر، حيث يعتقد البعض بوجود رواسب غاز طبيعي كبيرة.
وقال ستيوارت ويليامز، المحلل في وود ماكنزي، والذي بحث في مشاريع الغاز في المملكة العربية السعودية، إن “الغاز أمر يعملون على تطويره تطويراً كبيراً. فهم يرغبون بالاستفادة من كل جزء منه”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أمين الناصر: “إننا نشهد فرصاً كبيرة في هذا السوق وسنواصل البحث عن شراكات استراتيجية من شأنها تلبية الطلب العالمي المتزايد على الغاز الطبيعي المسال”.
وأعلنت أرامكو في أول نشرة سندات لها أن طلب المملكة على الغاز الطبيعي سيزيد على الأرجح بنسبة 40% بحلول عام 2030 وقد يتجاوز قريباً قدرة الشركة.
ويمنح الاتفاق مع شركة “Sempra” السعوديين حصة من الغاز الطبيعي دون الحاجة إلى إيجاد مصادر جديدة للإنتاج.
ويُعد احتياطي الغاز السعودي صعب الاستغلال ومكلف مقارنة بغيره من المنتجين الرئيسيين مثل روسيا.
ولطالما تجاهلت السلطات السعودية الغاز واعتبرته أمراً تكميلياً وأقل ربحية من النفط على الرغم من امتلاكها رابع أكبر احتياطي للغاز.
ويقول مسؤول الأعمال الذكية في شركة بوتن آند بارتنرز للاستشارات، جوسون فير ومقرها نيويورك، إن “هذا الاتفاق يسمح للمملكة العربية السعودية الدخول إلى السوق وهي إشارة قوية للسوق”.
ومن المتوقع أن يتراجع الطلب على النفط الخام خلال الـ15 عاماً القادمة، حيث تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى الانتقال إلى مرحلة الاحتراق الأنظف أو الطاقة المتجددة، بالتوازي مع ذلك من المتوقع أن يزداد الطلب على الغاز بحوالي 50% من اليوم وحتى عام 2040 وفقاً لشركة BP PLC.
ويقول الناصر إن السعودية ترغب أولاً في تلبية الطلب المحلي على الغاز قبل تصديره لكن استهلاك المملكة للغاز الطبيعي ارتفع بنسبة 60% تقريباً بين عامي 2007 و 2017، بحسب الدراسة الإحصائية لشركة BP، مما أدى إلى بناء محطات غاز جديدة.