تَوَقّع مختصون ومسؤولون في شركات طاقة، أن تواصل أسعار النفط الخام تقلباتها السعرية خلال الأسبوع الجاري، بعد أن اختتمت الأسبوع الماضي على تراجع؛ لكنها ربحت على أساس أسبوعي للأسبوع الرابع على التوالي؛ حيث صعد خام برنت 3.3% وارتفع الخام الأمريكي 3.2%.
وتكتسب الأسعار دعمًا قويًّا من تراجع المخزونات الأمريكية ومن استمرار تعطل المنشآت النفطية في الولايات المتحدة جراء إعصاريْ إيدا ونيكولاس، ومن استمرار تعافي الطلب في ضوء بيانات قوية للواردات النفطية في كل من الصين والهند.
وأوضح المختصون، أن الضغوط العكسية التي تكبح مكاسب الأسعار، تتمثل في زيادة العرض من مجموعة “أوبك +” بنحو 400 ألف برميل يوميًّا على أساس شهري وعودة الإنتاج الليبي إلى المستويات الطبيعية بعد فترة تعطل بسبب الاحتجاجات، ومن عودة جزئية للإمدادات النفطية الأمريكية.
وذكروا أن تقديرات “أوبك” لوضع السوق النفطية وفق التقرير الشهري الأخير، بثت حالة من التفاؤل والمعنويات الصعودية؛ حيث توقعت “أوبك” أن الطلب العالمي في عام 2022 سيزداد بمقدار 4.2 ملايين برميل يوميًّا إلى 101 مليون برميل يوميًّا؛ وهو ما يعد أعلى من مستويات ما قبل الجائحة؛ بينما تركت “أوبك” توقعاتها للطلب لعام 2021 دون تغيير عند 96.6 مليون برميل يوميًّا.
ولفتوا إلى أن المخاوف من تداعيات انتشار متغير “دلتا” من فيروس كورونا تتجه بقوة نحو الانحسار؛ وهو ما يفسر المكاسب الأسبوعية المتلاحقة للنفط الخام للأسبوع الرابع على التوالي؛ حيث تستمر السوق في التأقلم والتعامل بهدوء مع حقيقة انتشار المتغير الجديد سريع العدوى.
وفي هذا الإطار، قال روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش آي” لخدمات الطاقة: إن التقلبات السعرية ما زالت تهيمن على السوق بسبب الشكوك حول وتيرة عودة الإمدادات الأمريكية مقابل تقديرات إيجابية للطلب صدرت في الأسبوع الماضي من قِبَل منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية؛ لافتًا إلى أن ارتفاعات الأسعار هي الأقرب للهيمنة على السوق في الأيام المقبلة.
من جانبه، يرى دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة “تكنيك جروب” الدولية، أن العرض يتقلص بسبب اختناقات الإنتاج الأمريكي؛ بينما ينمو الطلب مع انتشار اللقاحات وانخفاض الإصابات الجديدة بالوباء؛ لكن في المقابل نجد ضغوطًا سلبية جديدة على الأسعار بعدما قدمت الصين بعض الإشارات الهبوطية في ظل تضاؤل نموها الاقتصادي ومع اتخاذ حكومتها قرارًا بالإفراج عن 7.4 ملايين برميل من احتياطياتها البترولية الاستراتيجية؛ ردًّا على انقطاع إمدادات النفط من الولايات المتحدة.
وذكر أن الصين تحاول تهدئة وتيرة صعود الأسعار، التي تفاقم من الضغوط التضخمية على دول الاستهلاك بشكل أساسي؛ لكن بيع المخزونات الصينية ربما لا يحدّ كثيرًا من ارتفاع الأسعار؛ خاصة بعدما شهدت الهند -وهي ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم- انتعاشًا اقتصاديًّا قويًّا، كما انخفضت بشكل ملحوظ حالات الإصابة بفيروس كورونا والوفيات هناك وفق ما نقلته اليوم “الاقتصادية”.
وأضاف “بيتر باخر” المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، أن أسعار النفط الخام ربما تواصل مسيرة المكاسب في الأسبوع الجاري مع ارتدادات محدودة، خاصة إذا استمر تقلص مستوى المخزونات النفطية الأمريكية؛ مشيرًا إلى انخفاض مخزونات النفط التجارية بمقدار 6.4 ملايين برميل في الأسبوع الماضي؛ بينما تتطلع السوق إلى انخفاضات جديدة قد تتجاوز 2.5 مليون برميل.
وأشار إلى أن ارتفاع الدولار يكبح أسعار النفط الخام وفق العلاقة العكسية بينهما، كما أن بيانات الاقتصاد الأمريكي المتأرجحة في الأسبوع الماضي لم تسهم في دعم أسعار النفط الخام؛ حيث انخفضت مؤشرات أسواق المال الأمريكية جزئيًّا وتراجعت بيانات السوق في الصين.
بدورها، ذكرت “أرفي ناهار” مختصة شؤون النفط والغاز في شركة “أفريكان ليدرشيب” الدولية، أن الطلب شهد ضغوطًا واسعة في المصافي الأمريكية في الأسبوع الماضي بسبب العواصف ونهاية موسم القيادة؛ لكن الطلب الأمريكي ما زال مرتفعًا بنحو 17% على أساس سنوي مقارنة بـمستويات 2019.
وأشارت إلى أن استمرار انقطاع الإمدادات الأمريكية بسبب إعصار أيدا، كان السبب الرئيسي وراء تعكير صفو السوق؛ حيث لم يكن أي شخص في السوق يتوقع مثل هذا التداعيات الطويلة بسبب الإعصار والممتدة منذ ثلاثة أسابيع؛ مما أدى إلى استمرار الاضطرابات في الإنتاج، لكن الانضباط الرأسمالي ظل التركيز الأساسي للمشغلين الأمريكيين.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط الجمعة مع استئناف شركات الطاقة في منطقة خليج المكسيك في الولايات المتحدة، الإنتاج، بعد أن أدى إعصاران متتاليان في المنطقة إلى توقف الإنتاج.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 33 سنتًا، ليصل سعر التسوية إلى 75.34 دولارًا للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 64 سنتًا، لتبلغ عند التسوية 71.97 دولارًا للبرميل. وعلى مدار الأسبوع، صعد “برنت” 3.3%، وارتفع الخام الأمريكي 3.2%، بدعم من شح الإمدادات الناجم عن توقف الإمداد بسبب الإعصار. وجاء تراجع الجمعة بعد خمس جلسات متتالية من المكاسب لخام برنت.
وسجل “برنت” الأربعاء في أعلى مستوياته منذ أواخر يوليو، وسجل الخام الأمريكي أعلى مستوياته منذ أوائل أغسطس، وعادت تدفقات صادرات النفط الخام من ساحل الخليج مرة أخرى، بعد أن استنزف الإعصاران نيكولاس وأيدا 26 مليون برميل من الإنتاج البحري.
وأفادت “رويترز”، الخميس، بأن استئناف الأنشطة يتواصل مع توقف نحو 28%، من إنتاج الخام الأمريكي في خليج المكسيك، وأضافت شركات الطاقة الأمريكية هذا الأسبوع منصات نفط وغاز طبيعي للأسبوع الثاني على التوالي؛ رغم أن عدد الوحدات البحرية في خليج المكسيك ظل دون تغيير، بعد أن ضرب إعصار أيدا الساحل قبل أكثر من أسبوعين.
وقالت شركة خدمات الطاقة “بيكر هيوز”: إن 14 منصة بحرية في خليج المكسيك أغلقت منذ أسبوعين بسبب استمرار الإغلاق الناجم عن “إيدا”، وفي الأسبوع الماضي، عادت أربع منصات بحرية إلى الخدمة، وأشارت إلى أن عدد منصات النفط والغاز، وهو مؤشر مبكر للإنتاج المستقبلي، ارتفع تسعًا إلى 512 في الأسبوع المنتهي في 17 سبتمبر؛ وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2020.