برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة تبدو غريبة تنتشر بين الفتيات في المدارس العامة بل وحتى الجامعات والكليات . هذه الظاهرة هي الإعجاب الذي قد يتطور إلى علاقة مثلية قد تأخذ منحى خطيراً ليس فقط على الصعيد النفسي بل الجسدي والعقلي كذلك. فالفتاة تعجب بصديقتها إما لجمالها أو لمظهرها أو للبسها أو لمشيتها أو لأسلوبها ورقتها في الكلام فهي لا تجالس إلا هذه الفتاة، ولا تتكلم إلا معها، وتقوم بتقليدها في جميع شؤونها، وقد يتطور ذلك الإعجاب إلى ما يسمى بالحب حتى يصبح عشقاً وغراما وتعد سلوكيات خاطئة لدى كثير من الفتيات، ومن أبرزها ما يسمى بثقافة «الإيمو» للتعبير عن مشاعر الحزن والكآبة والخروج أحياناً عن القيم المجتمعية نحو الانفتاح غير المسؤول، وسلوك «البويات» والذي يشابهن بأفعالهن وحركاتهن الرجال..
هذه السلوكيات المدفوعة بعوامل اجتماعية ونفسية وثقافية بحاجة إلى توقف؛ ليس لتضخيم المشكلة، أو تعميم الحالات الفردية على أنها ظاهرة مخيفة ومخجلة لمجتمع بطبعه محافظ، أو الإساءة لمؤسساتنا التعليمية التي نقدر حجم تضحيات القائمين عليها، ولكن نتوقف هنا أمام حالات متنوعة ومتعددة وممتدة في أكثر من مكان طمعاً في نشر الوعي بين الفتيات، والتحذير من هذه السلوكيات التي تسيء إليهن وإلى أسرهن ومجتمعهن، والتأكيد على دور مؤسسات المجتمع في التكاتف للتقليل من آثار هذه السلوكيات على الفتيات.
الشذوذ العاطفي
يقول أ.د مالك إبراهيم الأحمد بجامعة الملك سعود أن غياب العنصر النسائي بهيئة الأمر بالمعروف أدى إلى تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا وسوف تستفحل إذا لم ينتبه لها ومعالجتها,وإن ممارسة السلوك يعني الالتزام بالفكرة التي أوجدت هذا السلوك سواء كان خاطئا أو سوياً، ولذلك كانت مهمة التربويين ومهمة التنشئة الاجتماعية هي التركيز الأعظم على الفكرة الأيدلوجية الصحيحة التي تنتج السلوك الصحيح وتبنيه وتستمر في عملية صيانته وتركيزه في الأجيال، وكان ذلك واضحاً في مناهج الإعداد المدرسي في التعليم العام، وكذا مستوى التعليم بمختلف مراحله، وفي المقابل نجد أن المجتمع بما يملك من وسائل مختلفة إعلامية ودينية وثقافية وتربوية وغيرها غير الرسمية تساهم مساهمة فاعلة في تركيز السلوك السوي، ولكن مع التغير الاجتماعي والتحديث الذي طرأ في المجتمع السعودي،ومن أهم أسباب ظهور الشذوذ الفراغ العاطفي الذي تعاني منه الفتاه فيما أحدث نوعاً من التحول في الكثير من المعطيات الثقافية والموروثات بمختلف أنواعها،ودخل على المجتمع السعودي الكثير من المنتجات الثقافية منها الجيد ومنها الرديء، وجاءت هذه المحدثات السلوكية عبر الوسائط المختلفة ودخلت كل بيت وكل تجمع سكاني وكان من الأفراد عرض هذه المنتجات على المحتوى الثقافي المحلي وعلى الدين الإسلامي والأيدلوجية المحركة له، وكان الرفض للبعض والقبول للبعض الآخر من هذه المنتجات السلوكية الوافدة، ومع تعرض المجتمع بأفراده إلى نوع من التوكيد المستمر بدأ البعض من أفراد المجتمع وخصوصاً الشباب في التقمص للكثير من هذه السلوكيات الوافدة بغض النظر عن حرمتها أو حلها أو صلاحيتها للمجتمع، ولكنها تخدم هذه الفئة من الشباب، وهذه الخدمة تكون في الغالب نوع من إثبات الذات أو الظهور بمظهر التميز أو التحدي أو الرغبة في تبني هذا النوع من السلوك، وفي جميع هذه الأحول فإن تبني مثل هذه السلوكيات يعد من الضعف في التكوين التربوي والأسري والثقافي في بنية الشخصية لهذه الفئة من الشباب، وفي المقابل يمكن القول إن المؤسسات التربوية والثقافية وكذا الدينية في المجتمع تشهد نوعاً من الضعف أو القصور في تناول مثل هذه المستجدات السلوكية وعدم القدرة على ملاحقة تلك التغيرات، بل تركت الأسرة وشأنها في مواجهة هذه التغيرات العاتية والمؤسسات التربوية لا تزال تدار بعقلية قديمة تصعب أن تتواءم مع المتغيرات السريعة والجديدة بل أنها لم تستطع إقناع الجيل الصاعد بجدوى المحتوى الثقافي للمجتمع، هذا الضعف على مستوى تلك المؤسسات المجتمعية جعل الأفراد أكثر قبولا للمعطيات الخارجية.
ظاهرة الإعجاب
من جهتها ترى الدكتورة شيخة العودة مستشارة التنمية البشرية والاجتماعية بالشرقية أن مجتمعاتنا مجتمعات راقية محافظة نمت ونشأت وتربت على الفضائل والإسلام أتى ليتمم هذه المكارم.والحمد الله في مجتمعنا كثير من الشباب والشابات مفخرة لدينهم ووطنهن لديهم من الفضائل والمميزات الإيجابية التي إن شاء الله فيما بعد نسلط عليها الضوء لتعم ويثبت الخير..وإن وجدت بعض السلوكيات الخاطئة والغريبة على مجتمعنا وتقاليدنا وعاداتنا وانتشرت بين الفتيات فهي ولله الحمد بنسب بسيطة ولا تعد من الظواهر الكبيرة .. وإن شاء الله لا تعدو كونها سلوكيات بالإمكان إنهائها كلياً و بمتابعة الأهل ومؤسسات التربية والمجتمع ككل.ومن أهم عوامل وأسباب وجودها وبروزها بين الفتيات..الثورة المعلوماتية الكبيرة في العالم والتقنيات الحديثة ( جوال الشبكة العنكبوتية- الفضائيات ) مما ساعد على وصول وغزو العادات والسلوكيات الغربية لأبنائنا .مما أضعف الاعتزاز بالهوية الدينية العربية وفي المقابل إعطاء الأهل لأبنائهم مزيدا من الحرية الذاتية بدون رقابة ولو عن كثب ( السماح بالزيارات بين الأصدقاء بشكل متكرر .. كثرة الذهاب للمجمعات والمقاهي والحفلات الشخصية) بدون وجود أباء أو أمهات.. أو دون معرفة بماذا يحصل في هذه الزيارات.. وفي ظل العولمة والغزو المعلوماتي غابت البيوت الأسرية الكبيرة التي تضم سابقا( الجدين والأعمام ..والأهل عامة ) حيث يكبر سابقاً النشء وتكبر معه عاداته وتقاليده التي رآها وشاهدها واقتدى فيها وهناك من يقوّم ويصوب السلوكيات ويحاسب النشء عل سلوكياتهم وثوابتهم مراعاة للضوابط العائلية,أما الآن فالقدوة الفضائيات والأصحاب والزملاء وهكذا.. وأصبح المؤثر خارجيا وليس أسريا.لذا يجب أن نتبنه إلى إيجاد بديل عن غياب بيت الأسرة الكبير ليحل بدروه كثير من المشاكل والسلوكيات الخاطئة لدى الشباب الآن..
وبالود التركيز على أثر غياب الرقابة من الأسر أولاً..والانشغال الطويل من الأبوين وعدم تفهمهم باحتياجات الأبناء الوجدانية والعاطفية أكثر من الاحتياجات المادية والاحتياجات الوجدانية مثل ( الحنو ومسح الرأس والمصافحة بحنان والتبسم والعناق الأبوي والهدايا بدون سبب .. الحوار الودي والمصاحبة ..الخروج في نزهة قصيرة مع الأبناء أو أحدهم كل مرة.. و مناقشة أمورهم الشخصية ومتابعتها)..
وحين تسألهم عن أسباب هذه السلوكيات يركز الشباب والفتيات في إجاباتهم أن السبب وراء سلوكياتهم الخاطئة ( أبوينا مشغولين عنا.. لا أحد يتفهمنا في البيت .. لم نسمع من أبوينا كلمة حب وحنان لم يقم أي احد من والدينا بعناقنا أو احتضاننا مثل أخوتنا الصغار- التفرقة في المعاملة السخرية والاستهزاء والانتقاد الدائم.)
وهناك أسباب أخرى فقد سُئلت بعض الفتيات الصغار (11 عاماً) ذات مرة عن سبب وقوعها في العُجب .. قالت أنها تحب فتاة في السن الجامعي وذلك لقصة شعرها وأنها ذات مرة ابتسمت لها فأحببتها وظللت أتبعها..وفي سؤالها :إلى أي مدى تحبينها ؟
قالت لو غضبت مني يوماً فلن استطيع الأكل أو الشرب وحتى النوم..ومن أهم الأسباب لوقوع الفتاة في الإعجاب اضمحلال القدوة الحسنة فأصبحت تقتدي بكل فتاة تتابع الموضة والأزياء وتتجمل وتبالغ في الزينة ولديها جرأة في قصة وتسريح شعرها ما يشبه شعر الرجال في شكله وطوله,ومظاهر العُجب والتعلق متعددة ومختلفة من فتاة إلى أخرى..
منها ظاهر ومنها مخفي فالمخفي أحاسيس ومشاعر وميل قلبي وخفقان القلب نحو الفتاة المعجب بها و الابتهاج بلقياها.. والحزن الشديد بفراقها.
والظاهرة منها المحادثات الطويلة والرسائل المتكررة والهدايا الدائمة .. الغيرة عليها من حتى أقرب الناس لها وكأنه تملُك تريدها أن تصاحب من تختاره هي لها وتريد أن تعرف أدق التفاصيل في حياتها وكل شي عن خصوصياتها حتى تصبح الفتاة الأخرى وكأنها في سجن لا تستطيع الحراك بدون أذن المعجبة بها..
توحيد اللباس والأزياء واقتباس اللهجات وطريقة التحدث والتقليد في كل شيء يخصها..
ويصل الحد بها الأمر أن تمنعها من الزواج أو تقوم هي باختيار الزوج لها بمعرفتها
لذا يجب على الفتيات عدم السماح لأحد التدخل في شئونهن والسيطرة عليهن .. وأن تضع حدود في التعامل حتى و كانت أقرب الصديقات لها
الإعجاب بين البشر أمر طبيعي جميل في حقيقته الطبيعية ، لأن بعض الناس يتميز بما يجعله محط أنظار الآخرين وتقديرهم وإعجابهم ، وإذا كنا بطبيعتنا البشرية ننجذب نحو من نعجب به ،للتأسي والإقتداء الحسن ..إلا أن هذا الانجذاب لا بد له من ضوابط تحد من التهور فيه ..
أما عن وجوده في تاريخنا .. فلله الحمد والمنة تاريخنا الإسلامي وحضاراتنا تاريخ عظيم ومليء بالفضائل والمكارم وإن روي عن البعض وجود هذه السلوكيات فلن نؤكدها لأننا لم نشهدها وليس من حقنا تأكيدها..وفي تأكيدي أنها روايات مغلوطة وليست صحيحة.. فلم نعلم عن تاريخ مجتمعاتنا الإسلامي إلا كل فضيلة وخير ..ونحن نفخر بتاريخنا الإسلامي القويم.
إذا وقع وحدث مشكلة العُجب .. الحل يكون كالتالي :
المتابعة من قبل الوالدين والأم خاصة .ومصاحبة أبنتها ومحاورتها بشكل دائم لحاجة الفتيات للكلام والحوار ..والإحساس بالقرب..
النصح باللين والرفق وعدم السخرية..
إجراء حوار تربوي لإدارة سلوك الفتاة وتصويبه..
تذكيرها بالله والتقرب إليه والتخوف منه وأن سلوك التعلق والعُجب يخالف الطبيعة التي فطر الله الناس عليها..
إبعادها عن البيئة المؤثرة فيها إما بنقلها من صفها إلى صف أخر أو إلى مدرسة أخرى أو حي آخر..
إشغالها بأعمال ومواهب تحبها الفتاة ..
مصاحبتها فتيات صالحات في مثل سنها أو أكبر لتوجيهها بشكل إيجابي..تجعلها تتقبل توجيهاتهن وتقتدي فيهن
ومن رؤيتي أحلل المشكلة إلى الفراغ العاطفي والوجداني وتضخيم هذا المصطلح من قبل بعض وسائل الإعلام والذي أعتبره البعض مبررا لسلوكيات الخاطئة ..و الذي أيضا أججه الإعلام وأطلق العنان للمشاعر بأسلوب مخجل وأجج بشكل خاص مشاعر الفتيات ويكفينا شاهد كمثال قريب ا المسلسل التركي ( نور ومهند ) والمشاكل التي وقعت بسببه ( تعلق تغيير أسماء الأولاد إلى أسم مهند الطلاقات الكثيرة بسببه ..)
ثم الثقافة المفتوحة والعولمة والقرية الصغيرة ..أضف إلى ذلك بعض أغذية الفاست فود والأطعمة الجاهزة التي تحتوي على منشطات جنسية ومواد قد يخفى علينا أثرها سواء في المحتويات أو حتى في ألوانها فمعروف علميا أن بعض المحتويات ودمج ألوان معينة تؤجج المشاعر وتنشط نواحي كثيرة في الإنسان..وتحرك مشاعره ..
حيث أثبت العلم الحديث والطب أن الألوان ذات اثر على سلوكيات الإنسان..فقديماً قال ابن سيناء “ينشط اللون الأحمر الدورة الدموية ولهذا يجب ألا ينظر الشخص المصاب بنزف دموي إلى أي غرض لونه أحمر والأفضل أن ينظر إلى الأزرق ذي التأثير المسكن الذي يخفف تدفق الدم.. يخفف من تدفق الدم .
لذا يجب أن ينتبه الأهل إلى نوعية الغذاء ومحتوياته واللباس وألوانه ومدى تأثيرها على الصحة والمزاج والسلوكيات وتحريك المشاعر ..والوعي به مسألة هامة..
أكيد لئن الأولاد سواء فتيات أو شباب يتأثرون نفسيا بما يحدث في أسرهم أو بين أبائهم مثل مشكلة الطلاق من أهم المشاكل التي تهدم كثيرا في شخصيات الطفل وتؤدي به إلى انفصام كثير من المفاهيم في حياته..وتحرك مشاعره إلى خارج البيت ..
من هو المسؤول عن انتشار هذه الظاهرة ومن يتحمل شذوذ الفتيات؟
المسئولية مشتركة فصعب أن نضعها فقط على الأبوين وإن كنا لا نبرر لهم الانشغال وعدم المتابعة الدائمة..فهناك الكثير من الأسر التي أحسنت التربية لكن هناك عوامل مؤثرة وقوية أخرى تهدم مابناه الأهل في أبنائهم
إذا نضع المسئولية على الأهل والإعلام بجميع وسائله وأشكاله والمدارس والتربويين ومناهج التعليم والمؤسسات الاجتماعية .. وأركز على أهمية الإعلام في قوة تأثيره وأثره على إصلاح أو إفساد سلوكيات وشخصيات الشباب ..وأقترح أن يكون هناك برامج مشتركة يشارك فيها مؤسسات المجتمع والتربويين في وسائل الإعلام لننح بشبابنا إلى منحى أيحابي في حياتهم وسلوكياتهم
جُد صحيح غياب الأبوين وانشغالهم عامل مسبب لكثير من السلوكيات الخاطئة عند شبابنا .. وكما أسلفنا أيضا غياب البيت الكبير الذي كان يسد ثغرة انشغال الأبوين أو أحدهما.. فالجدة التي كانت تحكي القصص والحكاوي التي تؤثر في شخصية وتعدل سلوكيات الأطفال فُقدت واستبدلت بالخادمات التي تختلف ثقافتهن وسلوكياتهن عن مجتمعاتنا..فالعم والخال ..الكل منشغل ولا أحد يتدخل في تربية أطفال غيره.. ولا يعتبر أي أحد فيه مسئول عن تصحيح أخطاء أبناء الآخرين
لوحظ انتشار هذه الظاهرة بالمدن الكبرى أكثر من الصغرى حيث ترسخت لدى الشباب والفتيات أنهم كلما بالغوا بهذه القصات وهذه الملابس الغريبة المقززة كلما كانت التحضر
جُد صحيح.. يكثر بروزها أكثر في المدن الكبيرة حيث تتوفر أكثر التقنيات الحديثة وإعطاء الأهل لأبنائهم حريات أكثر والسفر والتنقل الكثير وللأسف بعض النشء لديه مفهوم مغلوط عن التمدن والحضارة أوليس واضحاً عنده, فتقليد الغرب في عاداتهم وتقاليدهم و حتى في تقليعاتهم التي حتى الغرب أنفسهم ينبذونها يتبناها الشباب لدينا معتقدين أنهم في أعلى رتب الحضارة لذا على المؤسسات التربوية والاجتماعية تصحيح هذا المفهوم من خلال دروس أو محاضرات أو دورات اجتماعية تربوية وبشكل دوري
بنات الإيمو
“الإيمو” عبارة عن حالات شاذة في الخروج على القيم الأخلاقية وشعور دائم بالحزن والكآبة، وتصل أحياناً إلى حد الانتحار، كما تعبر عن حالة من التشاؤم، وهو ما يطلق على هذه الفئة “ايموشن”..
وأوضح الدكتور محمد النذيرالمستشار بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عادة ما تظهر مثل هذه العادات وغيرها بالنسبة للطالبات أو حتى الطلاب فيما يخصهم وعلى وجه الخصوص لدى المراهقين نتيجة التأثير الإعلامي السلبي، فهذه المظاهر تظهر في وسائل الإعلام في مثل الإنترنت والقنوات الفضائية، فالطالبة عندما ترى مثل هذه المظاهر الغريبة تنزع من داخلها للتقليد الأعمى وفي كثير من الأحيان بدون وعي وإدراك لحقيقة ما تقلده، والخطورة عندما تتدرج الفتاة للانغماس تدريجيا في تقاليد هذا المظهر أو تلك الجماعة، فهاهي جماعة “عبدة الشيطان” بدأت في الظهور في بعض الدول الإسلامية مع بالغ الأسى- وهي تقوم على معتقد أن الشيطان مظلوم ويجب نصرته بالعبادة، فمن يتخيل أن مثل هذا يمكن أن يكون له وجود في مجتمع إسلامي يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا.
ولا شك أن من أهم عوامل ظهور “الإيمو” و “عبدة الشيطان” و”البويات” و ” الجنسية المثلية” وغيرها بسبب ضعف الإيمان بالله من جانب، وضعف الشخصية من جانب آخر، فالشخصية الضعيفة والمترددة هي التي يسهل تقبلها لمثل هذه الظواهر الدخيلة، ثم الإعلام السلبي يرسخها ويروج لها، ويصفها بأنها علاج لشيء ما أو أنها نوع من التميز والإبهار، إضافة إلى أن هناك شخصيات يعجبها أن تتميز وتبرز نفسها بأية صفة كانت حتى لو على حساب القيم والأخلاق، وهذا من تزيين الشيطان لابن آدم لينجرف نحو التقليد الأعمى الذي يصب في النهاية في معصية الخالق عز وجل.
والإعجاب وغيره من الظواهر السلبية الأخرى التي ما كان للمجتمع أن يعرفها لولا اتصال العالم ببعضه بعضا ” أو ما يطلق عليه عصر القرية الكونية الواحدة” بسبب سهولة التواصل العالمي وانتشار وتداول الثقافات، وأصبح الضعيف حضاريا يتلقف ما لدى القوي حضاريا ليس في جوانب الحضارة والازدهار وإنما في جوانب العادات والسلوكيات السلبية،وتبقى لوسائل الإعلام من قنوات وإنترنت دورا رئيسا وعاملا كبيرا في انتشار ” الإعجاب” وغيره، ومرد ذلك لخواء بعض الأنفس من المعاني السامية والقيم الأخلاقية التي تجعلها ترفض مثل هذه المظاهر شكلا ومضمونا، وهذا ما أشار إليه ابن خلدون بأن المجتمع الضعيف يتبع المجتمع القوي في عاداته وثقافته، وهناك أسباب أخرى تبرز هذه الظاهرة”الإعجاب” مثل ضعف العلاقة الأسرية في المنزل من الوالدين لأولادهم، وانحسار دورهما في التربية والتأثير، والتربية بالعاطفة والحب، وحينما تفقد الفتاة الحب والعطف من والديها تبحث عنه- في نفس مهيئة لمثل ذلك- في مظاهر متعددة منها “الإعجاب”. ولهذا ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله- أثر تربية الوالدين بقوله : “فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سدى : فقد أساء غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبَل الآباء ، وإهمالهم لهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسنُنه ، فأضاعوهم صغاراً ، فلم ينتفعوا بأنفسهم ، ولم ينفعوا آباءهم كباراً” .
وأما ظواهر ” الإيمو” و”الجنسية المثلية” و”البويه” و”الإعجاب” وغيرها جذورها نشأت خارج العالم الإسلامي في مجتمعات فقدت الإيمان بالله والقيم والترابط الاجتماعي، وبروزها في خارج العالم الإسلامي لدى بعض الأفراد وليس كلهم، فهناك في الغرب والشرق أناس عاقلون يرفضون انتشار مثل هذه المظاهر بل وينبهون عن خطورتها.
فلو نظرنا إلى “الإيمو” مثلا فهي هي كلمة مشتقة من emotioional وتعني العاطفة والإحساس والمشاعر
وقد ظهرت أول مرة منتصف الثمانينيات عبر فرق موسيقية تدعو أغانيها إلى الانتحار والكآبة والتخلص من الحياة للوصول إلى ساحة المجد السوداء، وقد اتهمت جماعة ” الإيمو” بالتوظيف الخاطئ للعاطفة والدعوة إلى الشذوذ الجنسي والإلحاد ، والألم الجسدي من خلال تعذيب الجسد باعتباره طريقة للتخلص من الآلام ومشاكل الحياة، فهم يرسخون كره النفس والحياة والاكتئاب والحزن والعزلة الاجتماعية،ولديهم طقوس خاصة وقصات شعر ولباس يوحي بالحزن والموت وخلافه، وباعتناق مثل هذه المذاهب الخطيرة يتحول الإنسان إلى كتلة من الألم لينتهي به المطاف إلى عبادة الشيطان والانتحار-عياذا بالله- وقد نبه القرآن الكريم بأن الشيطان يتدرج في الإغواء من خطوة بسيطة إلى خطوة تؤدي إلى الهلاك أو العكس فهو لن يترك ابن آدم في حاله بل سيعمل على إضلاله بشتى الطرق، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان).
بالتأكيد هناك علاج، ويحسن العلاج أن يكون في بداية وجود الظاهرة وقبل تغلغلها، ودائما الوقاية خير من العلاج، ولا شك أن العلاج يبدأ من الأسرة والوالدين تحديدا في احتواء أولادهم، وإشعارهم بالحب والعطف، وتلمس احتياجاتهم النفسية والمادية والعمل على استيعابها وتوفير ما يمكن توفيره، وأيضا تساهم المدرسة والجامعة في توجيه الطلاب والطالبات في التنبيه لمثل هذه المظاهر والتحذير منها كونها دخيلة وتضعف من إيمان المسلم، وتعزيز ثقة الطلاب والطالبات بأنفسهم، وإيجاد مناشط تربوية تحتوي طاقاتهم وتعمل على توجيهها التوجيه التربوي الأمثل، وأيضا توجيه القدوة للنماذج الاجتماعية الصالحة، وأعظم قدوة لنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقتداءنا به هو مخرجنا من كثير من الأزمات والمشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية.
وأشدد أن وسائل الإعلام القنوات والإنترنت تتحمل جزء كبير من المسؤولية من جانب والأسرة والمدرسة والمنهج التعليمي من جانب آخر.
الوعي بشكل عام من قبل جهات ومؤسسات المجتمع له دور كبير في التصدي للظواهر السلبية والدخيلة، فلا يجب أن تنظر تلك المؤسسات الاجتماعية حكومية كانت أو خاصة لتقوم بدورها في هذا المجتمع الطيب، بل الواجب أن تهب لصناعة البرامج والفاعلية والأنشطة التي تلبي احتياجات الشباب من الذكور والإناث من ناحية الوعي والترفيه والاستيعاب، وهنا أؤكد على أهمية الجمعيات الخيرية في مناشطها وتخصصاتها المختلفة أن يعلو صوتها لتوصل رسالتها نحو الشباب وتتواصل معهم بشكل مثمر، وتخرج من قوقعتها إلى المجتمع ببرامج ومشروعات تصب في الوقاية أكثر من العلاج، ولو وجدت البدائل الفاعلة لانخرط فيها الشباب وتركوا ما سواها، وما تفضلت وذكرت من استفحال هذه الظواهر السلبية في المدن فأنا اتفق معك، ويرجع السبب إلى مجتمع المدينة أكثر تفتحا وأقل ضبطا اجتماعيا، ففي المدن المتوسطة والصغيرة يؤثر مراقبة المجتمع لنفسه في ضبط الظواهر الدخيلة، ويعمل عليها المجتمع سياج يحد من انتشاره بداخلها.
فالسلوك هو نتاج قناعات وأفكار، فكلما كانت الأفكار أكثر عمقا كلما كان السلوك أكثر وضوحا وإصرارا، ونقص الإيمان أو ضعفه يأتي نتيجة قصور البرامج التوعية الموجهة للشباب في التعليم والحياة العامة، مما يتيح الفرصة للأفكار الدخيلة والسلبية أن تغرس نفسها داخل عقول الشباب والفتيات، ويزيد الطين بله عندما تهتز المرجعية الدينية والشرعية في الإفتاء ويبدأ يتجرأ على الفتيات عن رب العالمين ممن لا يمكن أن يطلق عليه عالم بالشريعة أو مجتهد، فهو من نصب نفسه لهذا العمل، فهذه الفوضى في التصدر للفتيا سبب رئيس في إصابة الشباب بالحيرة والتردد وضعف رسوخ الإيمان والسلوك مما يجعلهم فريسة سائغة لمثل هذه الظواهر السلبية، فيجب احترام جهات الفتيا والعلماء والبعد عن إثارة الفتن في خلاف الفقهاء والبحث عن ما يوافق الهوى ويشتت الشباب أو يسيغ الفوضى الاجتماعية فالفتنة أشد من القتل!
بعيدا عن تقرير العقوبات لكل سلوك مخالف فأنا أرى أن التركيز على التوعية والاستيعاب والحكمة في التعامل مع احتياجات الشباب بما لا يخالف شريعة الله هو الأساس في تحصين المجتمع والشباب على وجه الخصوص من الهجمات الفكرية من خارج المجتمع المسلم والتي تستهدف الأخلاق والقيم وسلخ الشباب من دينه وقيمه وثقافته، فالمظاهر التي ذكرتها في اللباس والقصات والتقليد الأعمى كلها مظاهر عرضية لمرض يتعلق بأشياء جذرية سبقت الإشارة إليها من ناحية ضعف الشخصية والخواء الروحي لدى بعض الشباب وفقدان العاطفة والتحفيز من الأسرة وبعض مؤسسات المجتمع، وأنا أرى أن العلاقة بين الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين وزارتي التربية والتعليم العالي هي علاقة تكاملية تشاركيه لابد من استثمارها خاصة أنه تم توقيع مذكرات تعاون بينها، وهذا له أثر الإيجابي المستقبلي على تطوير برامج للشباب تهتم بأخلاقهم وقيمهم وتساهم في صناعة أفراد صالحين في مجتمعهم وفي حياتهم وسلوكهم.
البيئة المدرسية
ويشير الشيخ صالح التويجري مدير عام المكتب التعاوني وتوعية الجاليات بالخبر إلى أن.لاشك أن الفراغ العاطفي التي تعيشه الفتيات اليوم ، والانفتاح على الثقافات الأخرى ، يعتبران من أبرز ظهور مثل هذه السلوكيات التي تعتبر غريبة جدا عن ثقافتنا الدينية والوطنية ، مما يجعل مثل هذه السلوكيات قابلة للانتشار في المستقبل بشكل متزايد ، ما لم ينتبه له أولوا البصيرة من مسئولين ورجال أعمال وآباء ، فيعمل لها برامج وقائية للجيل القادم . من أسباب وقوع الفتيات في ذلك الفراغ الوجداني بالبعد عن التمسّك بهذا الدين العظيم الذي يلبّي احتياجات النفس البشرية من جميع النواحي ، كيف لا ؟ وهو هدي رباني أمرَنا به من خلقنا سبحانه ، فهو أعلم بمصالحنا وما تحتاجه نفوسنا ، فالبعد عن الله بالبعد عن أوامره بترك الصلوات ومباشرة المنهيات وعدم المبالاة بها ، يجعل الملائكة تبتعد ، والشياطين تقترب ، ويقع المكروه ، ومن أسباب ذلك : الإفراط في الإعجاب بتسليط جوانب معينة في ذهن الفتاة عن الأخرى ، فتبقى أسيرة لعاطفتها مبتعدة عن إعمال عقلها ، ولاشك أن الفراغ العاطفي سبب ظاهر في ذلك على حد قول الأول : أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى .. فصادف قلباً خاليا فتمكنا !! فلو امتلأ القلب بالحب المشروع لم يكن ثمة مكان للإعجاب المنحرف (ولا أقول الحب لأن الحب معنى شريف لا يلطخ بمثل هذه السلوكيات) !
ومن أبرز مظاهر الإعجاب بين الفتيات : المحاكاة التلقائية ، والبحث عن فرص لكثرة الحديث بلا فائدة ، والمراسلة العاطفية ، وعدم الصبر عنها في حال الغياب والبعد بكثرة البكاء وطول التفكير وتشتت الذهن . الغريب في الأمر : أن العديد ممن تقع في حبال الإعجاب لا تعرف أنها معجبة وبالتالي فهي تمارس عملاً لا تستنكره في داخل ذاتها ، وقد يلبّس أحيانا بلبوس شرعي كالحب في الله ، أو بلبوس طائفي أو قبلي ونحو ذلك !!لا أعرف أن لهذه الظاهرة جذور تاريخية في مجتمعنا
و يقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء ) فلا شك أن لهذه الظاهرة وغيرها علاج ، إذا تكاتفت الأساليب من قبل العديد من الوزارات ، بتكثيف برامج علاجية لإنقاذ فتياتنا من هذا السلوك الدخيل على مجتمعنا . أما على الصعيد الفردي فلا شك أن الفتاة التي تشعر بخطأ طريقها ، ستجتهد في النفور من هذا المأزق الشيطاني الخطير ، بأن تدرك أولاً أنها قادرة على السيطرة على مشاعرها وعواطفها ، كثير من الناس يحتجون بعدم القدرة على السيطرة على مشاعرهم باعتبار أن الإعجاب إذا وقع فلا مفر منه – زعموا – ، فأقول : حين تدرك الفتاة أن بمقدورها التحكم في مشاعرها ، فهذه أول خطوة نحو العلاج . ثانياً : ملأ الوقت بالنافع المفيد وعدم ترك فرصة للتفكير في الأمور الماضية لمن سبق أن ابتليت بمثل ذلك ، وعدم الذهاب للفراش “للنوم” إلا حين الشعور بالنوم كي لا تطيل الفتاة التفكير في ذلك . ثالثاً : تغيير البيئة الفاسدة ببيئة تحفّز على العمل والانجاز في أمورٍ ، تجعل الفتاة تجد انتماءً وولاءً كالعمل التطوعي مثلاً ، بالإغاثة كالقيام على رعاية الفقراء والمساكين والعناية بتربية الأيتام وتعاهدهم ، أو العمل الدعوي كدعوة غير المسلمات في المشاغل للإسلام ونحو ذلك ، مما تشعر الفتاة بقيمتها ، وأنها من الممكن أن تصبح عضوه فاعلة في المجتمع . رابعاً : اللجوء إلى الله بكثرة دعائه في أوقات الإجابة بكشف الملمة وإبعاد المصيبة ، والله سبحانه كريم لا يخيّب من دعاه .
و لا شك أن انتشار المشاكل الاجتماعية في مجتمعنا سبب في تفحّل هذه الظاهرة من حيث أن العديد بين الفتيات أصبحت لا تفكّر نهائياً عن أن ترتبط بزوج لما ترى وتسمع من مشاكل اجتماعية لدى القريب والبعيد ، والإشكالية في مجتمعنا تكمن في أن المتأذّي هو من يتحدّث ويكثر الشكاية بحجة (الفضفضة) ، أما المرتاح والسعيد فلا يتكلم ولا يطرح تجربته على أنها تجربة ناجحة – بحجة الخوف من العين أحياناً -، وبالتالي يطفو على السطح الحالات الفاشلة ، وبحكم أني مأذون عقود أنكحه ترد على العديد من المشكلات الوقتية التي من الممكن علاجها وعدم تفاقمها لو تمت المتفاهمة والتعقل من كلا الطرفين ، الشاهد : أني أسمع عن العديد ممن تسمع هذه المشكلات تزهد في الزواج ولا تفكّر فيه بتاتاً ، لما تسمع من مشكلات لدى القريب والبعيد ! ، فأقول للأمهات والزوجات : من المهم جدا الحديث عن التجارب الناجحة ، تجارب حياتية عامة أو مواقف خاصة ناجحة ، ولدي العديد من حالات الحب والعشق بين أزواج نجحت حياتهم بشكل رائع وملفت للنظر – والحمد لله – ولعلها تتاح قصة للحديث عن هذه التجارب الناجحة في المستقبل – أن شاء الله .
برأيي أن المسؤول عن انتشار عن هذه الظاهرة وغيرها هم نحن ، فمن أسهل الأشياء إلقاء المسؤولية على أطراف أخرى ، ونتقاذف المسؤولية ، وكأن الأمر – كما في المثل – مشكلاتنا من تفريط الجيل السابق وسيحلها الجيل اللاحق لعدم وجود الوقت الكافي لحلها !! – فهذا هروب وتخلي عن المسؤولية ، والشجاعة دائما : أن يقول كل واحد منا : أنا مسئول وسأعمل ما بجهدي وطاقتي ولو كان شيئا يسيراً ، المهم أن أعمل شيئاً ، سواء كنت مسؤولاً في دائرة حكومية أو رجل أعمال أو خطيبا في مسجد أو مسؤولاً في قطاع خيري ونحو ذلك ، المهم أن يستشعر كل واحد منا المسؤولية الملقاة على عاتقه ، ثم مباشرة ما يمكنه لحل هذه المشكلات التي تكون بعيدة عن الأنظار ، ويظن بعض الناس من أولياء أمور الفتيات أننا بعيدين عنها ، وأشكر جريدة عكاظ لشعورها بالمسؤولية بطرح هذا الموضوع بشجاعة ، والسعي لعلاجه بهذا المنبر الإعلامي واسع الانتشار ، بقي المسؤولية أن يتبنّاها كل من يقرأ هذه الأسطر فيجتهد في البحث عن الوسائل المتاحة له لإنقاذ الفتيات من هذه المشكلات التي تعانيها ، سدد الله الخطى وبارك في الجهود وحفظ علينا نساءنا وفتياتنا من سوء ومكروه .
المشاكل الاجتماعية
وقال خلف بن طريد الصقري أستاذ علم الاجتماع المشرف التربوي بتعليم الشرقية إن من الظواهر الغريبة التي لاحظنا انتشارها بين الفتيات المراهقات واللاتي لا زلنا في مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية والجامعية ظاهرة “الايمو”، وكذلك ظاهرة “البويات”، وغيرها من الظواهر الغربية الأخرى، مشيراً إلى أنها نتاج للعديد من العوامل الثقافية والاجتماعية والنفسية التي أثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على الفتاة مما جعلها تمر بحالة من “اللامعيارية”، وأصبحت بالتالي مهيئة نفسياً وجسدياً للامتثال لهذه السلوكيات الشاذة.
وأضاف أن من أبرز أسباب انتشار هذه الظواهر بين الفتيات ضعف الهوية الدينية، والاختلاط المنفتح دون قيود مع الثقافات الأخرى؛ وانتشار القنوات الفضائية التي تبث أفلاماً غربية أو مسلسلات عربية تحاكي هذه المظاهر الشاذة وتظهرها أحيانا بشكل جذاب وتضفي على سلوك نجومها وأبطالها المظاهر الجميلة الخادعة والحبكات الدرامية المغرية للتقليد والمحاكاة، مما تجعل الفتاة تقبل على تمثل هذا السلوك وعدم الخجل من الظهور بمظهر “المستر جلة” التي تحاكي وتقلد سلوك هؤلاء الفتيات في الأفلام والمسلسلات، كذلك من أكثر العوامل تأثيراً دور الأسرة والذي للأسف الشديد أصبح مغيباً بفعل أسباب مختلفة، من أهمها تنازل الوالدين عن واجبهما نحو توجيه وإرشاد أبنائهم للسلوك السليم، فأصبحت عملية التنشئة الاجتماعية باعتبارها الدور الأساسي الذي ينبغي أن يلعبه الوالدان يقوم به أشخاص آخرون مثل المربيات والخادمات، كما أن الحوار داخل الأسرة بين الوالدين وأبنائهما لا يلاقي اهتماما من الآباء والأمهات بالرغم من أهمية ذلك للتعرف على الأسباب التي تدفع هؤلاء الفتيات لممارسة هذه السلوكيات. كما أن هؤلاء الفتيات اللاتي يخرجن من المنازل بهذا المظهر بالتأكيد لولا موافقة أسرهن لما قمن بهذا السلوك المنحرف!.
وأشار إلى أنه بالرغم من أهمية دور الأسرة، إلا أن دور مؤسسات المجتمع الأخرى مثل المدرسة والجامعة يعد مهماً وأساسياً، وبخاصة أن الفتاة تقضي ساعات عديدة في هذه المؤسسات التعليمية، وتلتقي بزميلاتها اللاتي قد يكون بعضهن قرناء سوء يتعلمن منهن هذا السلوك فيصبحن عاملاً أساسياً في تمثل الفتاة لهذه المظاهر الرجولية كنوع من التقليد والمحاكاة، وفي ظل غياب الرقابة والتوجيه في المدرسة أو الجامعة تصبح هذه الأماكن بيئة مناسبة لتعلم هذا السلوك وشيوعه بين الطالبات.
وقال إن هذه الظواهر الاجتماعية قد تكون نتاجاً لحالة من اغتراب الفتيات عن المجتمع، نتيجة لعدم استيعاب احتياجاتهن المختلفة، فالمجتمع مطالب بأن يستوعب التغيرات الاجتماعية المحيطة بأفراده، وان يدرك أن الرفض لن يكون هو الحل الأمثل للتعامل مع الظواهر المستحدثة سواءً فيما يتعلق بهذا الأمر أو غيره، وهنا لابد من الاستفادة من الدراسات والأبحاث العلمية التي ترصد هذه التغيرات الاجتماعية وتقدم الحلول المناسبة لعلاج مثل هذه الظواهر وتحد من آثارها السلبية على الأفراد والمجتمع ككل.
العلاج النفسي
ويرى الاستشاري علاقات أسرية أخصائي تنويم إحائي الدكتور زهير حسن خشيم غياب الحس الديني,أوقد يكون اعتداء جنسي في الصغر,أو حب للتسلط واثبات القوة,أو لفت للانتباه,أو خلل في الهرمونات, كما قد يكون انهيار في تقدير الذات بسبب العنف أو القمع, إشباع شعور داخلي بالنقص كأن ترى نفسها ليست جميله فتلجأ لإبراز نفسها بشخصية غريبة من باب التغطية على ماتشعر به من نقص في الشكل,(تنفيس جنسي)safety sex الجنس الآمن(لاينتج عنه حمل) وسط المثيرات الإعلامية.
كما قلنا غياب الحس الديني والتي يغيب معها الرقابة الذاتية
كذلك من الأسباب كثرة أوقات الفراغ(فراغ زمني,روحي,فكري) وانعدام الهدف ,وغياب القدوة الحسنة في حياة الفتاة فلو نزلت الأم لمستوى بنتها المراهقة واطّلعت على عالمها واحتياجاتها وما تشعر به وجعلت منها صديقتها المقربة لأنشئت الأم من نفسها قدوة حسنه لبنتها فلن تضطر هذه البنت للجوء إلى أفكار غريبة أو الخروج عما هو مألوف لتلفت النظر لها ولن تبحث عن الحب والحنان لدى الغير بينما هي مشبعه عاطفياً في المنزل ولن تبحث عن طرق غير مألوفة لإثبات ذاتها لأنها شخصية متزنة ولو عطف الأب على ابنته واحتضنها ومارس معها لغة الحوار لحصلت على الأمن النفسي والفكر السليم والثقة بالنفس التي تجنبها الطرق الخاطئة.
ومن مظاهر الإعجاب وشم اسم أو حرف من اسم المعجبة على الجسم وضع أساور أو سلاسل أو خواتم بأشكال محدد تحمل رمز معين كرابط بين المعجبات ,وحين يحدث خلاف بين المعجبات قد تؤذي الفتاة نفسها بجرح معصمها أو بشرب كميات من الأدوية بداعي الانتحار!
-حقوق هذه العلاقة محفوظة بين المعجبتين فقط ولايجوز تدخل طرف ثالث وإن كانت تنتمي إلى (شله)فكل فتاه داخل الشله لها حبيبتها الخاصة.
ليس جذور تاريخية بل انفتاح ثقافي وإعلامي على الثقافات الأخرى والتي بعضها بعيد كل البعد عن أخلاق الإسلام والكرامة الإنسانية ,الجيد والسيئ موجود والاختيار مطروح أمام الجميع ومن هنا يختلف اختيار العاقل لما هو جيد عن اختيار الجاهل لما هو سيئ.
لو سأل الآباء أنفسهم من أعطاهم الصلاحية بتربية أبنائهم؟على أي أساس تربي أبنائك؟ماذا تعرف في تربية الأبناء؟
إذاُ العلاج يبدأ من الوالدين حيث التربية السليمة: كيف نغذي أبنائنا عاطفياً ,كيف نربي أبنائنا وسط التغيرات المتسارعة…,وهذا يحتم على الوالدين تثقيف أنفسهم واللجوء للمستشار الأسري باستمرار والالتحاق بدورات في تربية الأبناء التربية السليمة.
على الرغم من الهالة الوهمية التي صنعتها هذه الفتيات لأنفسهم فهم في داخلهم نفوس هشة قلقه مكبوته مشتته صنعت لنفسها ديكور خارجي فقط بحثاً عن القوة وبحثاً عن ذواتهم كوسيلة تغطية لنقص داخلي . العرض ليس مرض فهذه الظواهر هي أعراض لاضطرابات نفسية تم تغييبها بالتركيز على الظاهرة والانشغال بوضعها تحت أوصاف العيب متجاهلين ماهو أهم والذي هو السبب الدافع للجوء إحدى بناتنا لهذا النوع من الظواهر والنظر لها كأعراض لاضطرابات نفسية علاجها يكون بعلاج الأسباب المؤدية لهذه الاضطرابات.
فيما لمشاكل الاجتماعية تساعد على حدوث هذه الظاهرات وليس انتشارها.
هذه الظاهرات تعبر عن اضطراب في الشخصية وليس شذوذ لذا ما يهم هو لماذا نشأ و كيف نعالج هذا الاضطراب.أما بالنسبة للانتشار فهو من الانفتاح الثقافي كما ذكرت سابقاً.بالتأكيد .فغياب الوالدين يعني غياب التربية. تثقيف الوالدين وتدريبهم على كيفية التعامل مع هذه الظاهرة تثقيف وتدريب الكبار بان نكون قدوة عبر وسائل الإعلام والإعلام المفتوح الغير مراقب من قبل الوالدين هو الذي ادخل علينا هذه الظاهرة عن طريق الإعلام نستطيع التغير إلي أحسن
تذكر (قم لصلاتك قبل مماتك)
ومن ناحية تربوية نكتفي بمنعهم من الدخول الأماكن العامة حتي لا تكون ردة الفعل قاسية .
وأما هيئة الأمر بالمعروف دورها وعملها الأساسي الأمر بالمعروف وليس العقاب وزارة التربية والتعليم دورها في المدرسة التربية والتعليم
الوالدين أو غياب الوالدين عن الدين و البيت كان هو السبب الرئيسي لهذه الظاهرة .
ودور وزارة التربية والتعليم توعية الوالدين وتثقيفهم
والاضطرابات الهرمونية ممكن التحكم في وزن الهرمونات عن طريق الأدوية.وإذا كان السبب خلقي فيمكن علاجه بعملية جراحية أما اذا كانت تعتبر نفسها قبيحة فهذه ردة فعل سلبية تربيتها أو نشأتها مع عدد كبير من الأولاد أوإغتصابها أو التحرش بها في الصغر
حب التحكم و السلطة ما تعلمته من والدها المستبد هو العناد أو خالف تعرف أو ردة فعل جاهلة
مرحلة المراهقة
فيما أشار المستشار النفسي الدكتور محمد العنزي أن أسباب السلوكيات الخاطئة التي قد تحدث في أوساط الجامعات والمدارس إلى المرحلة العمرية التي يمر بها الأفراد، فسن المراهقة مرحلة تشتمل على الكثير من السلوكيات غير المدروسة من الفرد مما قد يسبب وقوعه في أخطاء، كذلك ضغوطات اجتماعية أسرية تسهم في تشكيل سلوكيات الأفراد والتي تظهر في محيطهم التعليمي دون أن يشعروا بأن تلك السلوكيات غير المقبولة إنما هي حالة تفريغية لتلك الضغوطات، كذلك نوع الجماعات التي ترتبط بها الفتاة أو حتى الشاب في الجامعة والمدرسة تدفع إلى ممارسة الكثير من المخالفات، مشيرة إلى أن تلك السلوكيات لايتحمل مسئوليتها الأبناء فقط، بل إن جزءاً كبيراً منها يتحمله مايحدث من مخالفات وثقافة أصبحت تنشر المخالفات بشكل محبب ومشجع فالقنوات الفضائية والإعلام يسهم في تشكيل تلك الدائرة، فهناك برامج تشجع على السلوكيات الخاطئة وربما تعتبر من يقوم بها بطلاً كبرنامج “ستار أكاديمي” وغيره.
الشذوذ السلوكي
وأكد أستاذ علم النفس وأخصائي العلاج الذهني السلوكي دكتور عبدا لله علبة أنه لاعلاقة للجينات في تحديد السلوك، ولذلك لابد من التميز بين الشذوذ السلوكي الذي قد يكون لدى البعض ناتج من شذوذ جنسي؛ وبين الأسلوب الحياتي في طريقة ارتداء الثياب أو قصات الشعر أو أي سلوك آخر، ولذلك هناك خلط في تقييم سلوكيات الأفراد، لا سيما خلال مرحلة المراهقة، والإشكالية تكمن في عدم تفهم كثير من الأسر لهذه المرحلة، كما أن الحكم على فرد بأنه مضطرب نفسياً لابد أن يخضع لمعايير محددة، ولابد الفصل بين الحكم القيمي وبين التشخيص العلمي.