اخبارية طريف : محليات
أشار اللواء الدكتور علي بن حسين الحارثي، المدير العام للسجون بالسعودية، إلى أن السجون السعودية تسعى حالياً لتطبيق الأحكام البديلة، وتطالب بإلزام القضاة بها لمنع تكدُّس المساجين، مؤكداً أن الإصلاحات في السجون السعودية تتوالى باستمرار، وموضحاً في حديث، خص به “سبق”، بذل جهود كبيرة وفق خطط مدروسة لتطوير قدرات العاملين من ضباط وأفراد، وتنمية مهاراتهم الشخصية؛ للتعامل بشكل أفضل مع المساجين. كاشفاً أن الدراسات العلمية أثبتت أن قراءة وحفظ القرآن الكريم أو بعض أجزائه أدَّيا دوراً مهماً في تقوية الرقابة الذاتية للمستفيدين من العفو، وأضافا بُعداً جديداً في عملية تنمية سلوكهم وتعديله؛ ما حال دون عودتهم للإجرام.
وقال اللواء الحارثي: “الإدارة العامة للسجون في السعودية تهتم بنزلائها من مختلف النواحي الإنسانية، وإن الإصلاح هدف رئيسي تسعى إليه؛ فهي تدرس الحالات النفسية للنزلاء، وتشخّصها؛ لإيجاد الحلول والعلاج المناسب لنوعية مشاكلهم وقضاياهم، بما يمنع عودتهم قدر المستطاع للسجون مرة أخرى بإذن الله”.
وعن تطبيق بدائل للعقوبات؛ من أجل التخفيف من تكدس السجون السعودية، أكد أن الإدارة العامة للسجون تنتظر إصدار دليل استرشادي لتطبيق عقوبات بديلة عن السجن، من خلال إقرار تطبيق بدائل السجون رسمياً؛ بهدف الحد من تأثيرات السجن السلبية على صحة ونفسيات نزلاء الإصلاحيات وعلاقاتهم بمجتمعاتهم، وتخفيفاً للتكدس داخل الإصلاحيات، ومنع عودة النزلاء إلى السجن بعد خروجهم.
وطالب اللواء الحارثي بأن يكون تطبيق البدائل إلزامياً، وليس كمبادرات فردية من بعض القضاة، مستشهداً بالتجربة الناجحة لقاضٍ محكمة المويه الشيخ محمد بن عبد العزيز آل عبد الكريم، في تطبيق عدد من بدائل السجن على المحكوم عليهم في القضايا التي ينظرها، ومنها الحُكم على مراهق طعن زميله بتنظيف جمعية تحفيظ القرآن.
ويعتبر اللواء الحارثي هذا التوجه الإبداعي متوافقاً مع تعاليم الإسلام السمحة، التي لم تحدِّد جرائم التعزير؛ ما يوسِّع من سلطة القاضي. موضحاً أن للقاضي سلطة اختيار العقوبة المناسبة لطبيعة الجرم وشخصية الجاني، وظروف ارتكاب الجريمة، وما يحقق مصلحة المجتمع، وما يحقق إصلاح شأن المنحرف، ويمنعه من العودة للانحراف، ويمنع التصاق وصمة السجن بالسجين، ويفتح أمامه باب التوبة الواسعة دون افتضاح أمره.
وعن مقترح إلغاء صحيفة السوابق للسجناء المعفى عنهم أوضح الحارثي صدور قرار وزاري متضمن شروط تسجيل السابقة، بأن تكون العقوبة الجزائية على أمر محظور ومعاقَب عليه شرعاً أو نظاماً، وبعد ثبوت الإدانة بناء على حُكم نهائي، وأن تكون العقوبة المحكوم بها إما حدًّا شرعياً غير حد المسكر، أو حد المسكر للمرة الرابعة فأكثر، والسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات، وإذا اجتمعت عقوبتان كالجَلد الذي لا يقل عن ثمانين جَلدة، والسجن الذي لا يقل عن سنتين، أو الغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف ريال.
وحول ما يُقال من أن عودة المفرج عنه للسجن مرة أخرى ترجع لفشل السجون السعودية في تحقيق أهداف الردع أو الإصلاح، قال الحارثي لـ”سبق”: “لماذا لا نقول إن ذلك بسبب عدم تقبّل المجتمع له، وعدم قدرته على الاندماج فيه، وفي كثير من الأحيان نجد ردة فعل المجتمع أكبر، من خلال وصمه بالانحراف، وهذا قد يكون سبباً من الأسباب، وهذا الأمر لا يمكن حصره في سؤال واحد؛ فهناك الكثير من المؤلفات قامت بدراسته دراسة مستفيضة”.
مؤكداً أن السجون في مختلف دول العالم تشهد تطوراً ملموساً في أشكال التعامل وطبيعة وأهداف العقاب؛ فلم تعد وظيفة السجون تقتصر على الجانب المتعلق بسلب حرية المحكوم عليه، وإنما أصبح من أهم أهدافها تأهيله لحياة بعيدة عن الانحرافات والعلل الاجتماعية؛ لذلك فإن العناية التي يتلقاها النزيل تشمل مختلف نواحي شخصيته.
وأشار إلى أن الإصلاحات في السجون السعودية تتوالى، وباتت ترتكز على نزع بذور الانحراف من نفس النزيل وصولاً لتحقيق الهدف الأسمى المتمثل بعودة النزيل فرداً صالحاً، من خلال تنفيذ العديد من برامج الرعاية والإصلاح والتأهيل التي تهدف إلى إعادة فكر ذلك السجين إلى حالة من الاستقرار والاعتدال في التصرفات؛ على اعتبار أن الجريمة في حقيقتها ما هي إلا سلوك فكري منحرف.