تمر بنا هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوبنا، عظيمة في نفوسنا، هي الذكرى الثامنة لبيعة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- ملكاً لبلادنا الغالية. ومما لا شك فيه أن احتفالنا بيوم بيعة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- هو في حد ذاته احتفال بيوم خالد من أيام الوطن الغالي، بل إنه احتفال بيوم تاريخي في مسيرة هذا الوطن التي بدأها المؤسس، المغفور له بإذن الله، جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وسار على دربه أبناءه المخلصين من بعده.
ففي هذا اليوم لا بد أن يستشعر أبناء هذا الوطن قيمة ما نعيشه من تقدم وأمن ورخاء واستقرار، وانفتاح سياسي، وعدالة اجتماعية، وعدالة في التنمية في شتى مناطق المملكة، وحصول المرأة السعودية على المكانة اللائقة بها، والتي هي بلا شك جديرة بها بعد أن وصل مجتمعنا إلى ما وصل إليه من تطور ووعي مجتمعي تام، وبعد أن وصلت المرأة السعودية في بلادنا إلى مكانة عالية من الوعي والإدراك، نافست الرجل بل وفاقت عليه في كثير من التخصصات العلمية، فجاء قر ار خادم الحرمين الشريفين بانضمام المرأة لمجلس الشورى والمجلس البلدي، ممثلة في عضوية كاملة مرشحة وناخبة، تتويجاً للمرأة السعودية، ونقلة نوعية في تاريخ بلادنا الغالية.
فها نحن اليوم تهل علينا ذكرى بيعة مليكنا المفدى-حفظه الله- ولدينا لأول مرة في تاريخ المملكة ثلاثين سيدة، يشكلن خمس أعضاء المجلس، من خيرة بنات هذا الوطن ذوات المكانة العلمية والأدبية الرفيعة، وممن حصلن على أعلى الدرجات العلمية من جامعات وطنية وعالمية، يشاركن الرجل في إبداء الرأي وصنع القرار، على أساس علمي ووفق ضوابط شرعية لا تتعارض مع شريعتنا السمحاء وديننا الحنيف.
كذلك تهل علينا ذكرى بيعة مليكنا المفدى هذا العام، وتشهد بلادنا أضخم توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين، وذلك استكمالاً لما بدأه المؤسس، جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه وأبنائه الملوك من بعده تغمدهم الله بواسع رحمته ورضوانه، هذه التوسعة الغير مسبوقة في تاريخ
الحرمين الشريفين، والتي أمر بها خادم الحرمين الشريفين، أيده الله، تهدف إلى تطوير مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية، إذ أنها لا تستهدف فقط توسعة مبنى الحرم المكي بقصد استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين ليزيد عن مليوني مصل، بل أنها تستهدف أيضاً توسعة وتطوير الساحات الخارجية للحرم وجميع المرافق المساندة، وكل ذلك من شأنه تسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام، وتوفير مساحات هائلة تخلق حلولاً ناجعة للنقل العام، ليس ذلك فحسب بل أن هذه التوسعة العملاقة ستساعد بإذن الله على توفر فرصاً استثمارية طويلة المدى لبلاد الحرمين الشريفين.
إن إيلاء عملية التنمية البشرية اهتماما خاصاً باعتبارها حجر الزاوية في التنمية المستدامة وأساس النهضة في كافة مناحي الحياة، من أهم التحديات التي تحظى بجل اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين في الوقت الراهن. كما أن الاستثمار فـي رأس المال البشري، وبالذات في التعليم العالي والبحث العلمي، هو المحرك الرئيس لوتائر النمو في شتى المجالات، كما أدركته حكومتنا الرشيدة وأولته الاهتمام في خطط التنمية.
وقيادتنا الرشيدة بفضل الله تدرك تمام الإدراك أن عملية التنمية البشرية والاستثمار في رأس المال البشري هو حجر الزاوية في التنمية المستدامة وأساس النهضة في كافة مناحي الحياة، وأن التعليم هو الركيزة الأساسية التي تبنى عليها حضارة الأمم وتقدمها وتطورها، وأن نهضة الأمم وتقدمها مرهونة بالتعليم العصري الناجح. وعلى هذا الأساس حظي التعليم بشكل عام، والتعليم العالي بصفة خاصة، بدعم سخي متواصــــل، ورعاية منقطعة النظير من قبل خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله، حيث تجلى ذلك بوضوح في الخطط الخمسية للتنمية، التي جعلت التعليم بمؤسساته ومناهجه، من أولى الأولويات على مستوى الميزانيات التي ترصد له، وعلى مستوى التقدير والاهتمام الذي يناط به.
إننا ونحن نحتفل بهذا اليوم العظيم في نفوسنا، يوم بيعة مليكنا المفدى، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود- حفظه الله- يجب أن نزداد تصميماُ على البذل والعطاء والعمل من أجل استكمال ما قد بدأناه في طريقنا نحو المستقبل الأفضل، وحري بنا في هذا اليوم أن نُسَخّر منابرنا، ومؤسساتنا الأكاديمية والدعوية لرفع روح الولاء والانتماء لهذا الوطن في نفوس أبنائنا وبناتنا، لكي نمضي في طريقنا متمسكين بالوفاء والولاء لقيادتنا والتلاحم والالتفاف
حول مليكنا، محافظين على مقدرات وطننا ومكتسباته وإنجازاته لأن ذلك فيه الضمان الأكيد للسير بخطى ثابتة نحو مستقبل زاهر لأبنائنا بحول الله .
ولا يفوتنا هنا في جامعة الحدود الشمالية أن ننتهز هذه المناسبة الغالية على نفوسنا جميعاً بأن نذكر أبناءنا بمنجزات آبائهم وأجدادهم وقيادتهم الرشيدة، ونشحذ هممهم، ونشد على أيديهم من أجل الجد والعمل الدؤوب للمساهمة في البناء الحضاري وخطط التنمية التي أعدتها الدولة أيدها الله. ونهيب بجميع منسوبي الجامعة أن يبذلوا قصارى الجهد في سبيل رفعة جامعتهم وتطويرها، والوصول بها إلى التميز والإبداع والريادة خدمةً لوطننا الغالي .
وفقنا الله إلى ما فيه الخير والسداد، وحفظ بلادنا ومليكنا، وولاة الأمر فيها من كل سوءٍ ومكروه.