هل جرّبت يومًا أن تضع أذنك على قلب إنسان بعد أن سمع كلمة حب؟ هل رأيت كيف يتبدّل النبض فجأة وكأن أنغاما خفية تعزف في داخله؟ الكلمة ليست هواءً يخرج من الفم.. الكلمة كهرباء، برق، زلزال صغير يهز الروح ويعيد تشكيلها في لحظة!
الكلمة قد تكون كفًا ناعمة تربّت على كتفك فتنهض، أو خنجرًا يغرس في صدرك فتسقط. هي ليست مجرد "قال" و"سمعت"، بل قنابل مشاعر، حقن أمل، جسور إلى الغد أو هاويات إلى العدم.
حين تقول "أنت تستطيع"،فأنت تمنح الآخر جناحين يحلّق بهما فوق الجبال. ولا تدرك أنك أطلقت صاروخًا من الثقة في عروق الآخر، وحين تقول "لن تنجح" فأنت زرعت لغمًا في طريقه قد ينفجر كلما خطا خطوة للأمام.
الكلمة ليست أداة للتواصل فقط؛ بل هي كيمياء للجسد، تُطلق هرمونات السعادة أو تبعث سموم التوتر، تغيّر المزاج وتلوّن الدم. كلمة "أحبك" تُشعل الأكسجين في الرئتين، وكلمة "أكرهك" تخنق الهواء في اللحظة نفسها.
الكلمات أشبه بكائنات حيّة؛ تتكاثر، وتتمدد، وتهاجر من فمك إلى أذن الآخر، ثم تستقر في أعماقه لتصبح جزءًا من تاريخه الشخصي. هناك كلمات تسكن الأرواح للأبد، تضيء كالنجوم، أو تلسع كالعقارب.
لذلك.. لا تتعامل مع الكلمات كأنها لعبة. كل كلمة تخرج منك إمّا سهم رحمة أو رصاصة غدر. إمّا مفتاح جنة أو بوابة جحيم.
فاحذر.. ثم احذر! لأن كلماتك لا تموت. إنها تمشي في الطرقات، تعيش في ذاكرة الآخرين، وتعود إليك يومًا ما، إمّا لتصافحك أو لتصفعك.
فلتكن كلماتك جنونًا جميلًا، عاصفة من نور، حريقًا من أمل.. ولتدع أثرًا لا يُمحى. لأن الطاقة الخفية في كلماتك.. هي سلاحك الذي لا ينفد، وأعظم ما يخلّدك بعد رحيلك.
________________
*الهيئة العامة لتنظيم الاعلام الداخلي