ولأن المملكة، قيادة وحكومة وشعباً، باتت تمثل الرقم الأصعب في معادلة موازين القوى العربية والإقليمية، كان واضحاً للغاية أن هذه البلاد طيلة مسيرتها المظفّرة، وبقياداتها الواعية، حتى عهد ملك الحزم، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أصبحت في السنوات الأخيرة، رمّانة الميزان في العلاقات الدولية المؤثرة، سياسياً واقتصادياً. وما وقوفها الشجاع بوجه الأطماع والمؤامرات الإقليمية في اليمن وسورية، إلا خير مثال.
ولعل ما تشهده المملكة، من مناورات عسكرية، هي الأهم والأكبر في تاريخ المنطقة، تحت عنوان «رعد الشمال»، إلا واحدة من التكتيكات السعودية بمؤازرة ومشاركة 20 دولة عربية وإسلامية وصديقة، إضافة إلى قوات درع الجزيرة الشهيرة، حيث تشكل «رعد الشمال» التمرين العسكري الأكبر من نوعه من حيث عدد الدول المشاركة، والعتاد العسكري النوعي من أسلحة ومعدات عسكرية متنوعة ومتطورة منها طائرات مقاتلة من طرازات مختلفة تعكس الطيف الكمي والنوعي الكبير الذي تتحلى به تلك القوات، فضلاً عن مشاركة واسعة من سلاح المدفعية والدبابات والمشاة ومنظومات الدفاع الجوي، والقوات البحرية، في محاكاة لأعلى درجات التأهب القصوى لجيوش الدول ال20 المشاركة.
وكما تشير القراءات الأولية لغالبية المحللين السياسيين والعسكريين، فإن تمرين رعد الشمال، يُمثل رسالة سعودية واضحة، تؤكد أن المملكة وأشقاءها وإخوانها وأصدقاءها من الدول المشاركة تقف صفاً واحداً في مواجهة كافة التحديات والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، إضافة إلى التأكيد على العديد من الأهداف التي تصب جميعها في دائرة الجاهزية التامة والحفاظ على أمن وسلم المنطقة والعالم.
والرسالة الأهم، أن المناورات الأضخم في التاريخ السعودي الحديث، تكشف للجميع، عن قدرة المملكة على الحشد الدولي، وقيادة أي تحرك سياسي في الفضاء الدبلوماسي، أو العسكري على الأرض، بما يعني أيضاً أن قيادات الدول المشاركة، تتفق تماماً مع الرؤية السعودية في ضرورة حماية السلام وتحقيق أقصى درجات الاستقرار في المنطقة..
وهذا يعني أيضاً، أن قوة المملكة الناعمة، والحكيمة المشهورة تاريخياً، يمكن أن يكون لها مخالبُ أيضاً، تساهم في عملية الردع الاستباقي ضد مكامن الخطر الإقليمية، بما يسهم في توفير الأمن والأمان ليس للشعب السعودي فقط، ولكن للمنطة والإقليم ككل.