نحن أمة تجيد الكلام الكثير والتنظير الممل، فثقافة التنظير تسيطر علينا، وتستوطن أدمغتنا ومفاصلنا، الكل منا ينظر ويتفلسف ويقول، نجيد التنظير بامتياز، ولا نجيد الفعل والتخطيط، ننادي على الإصلاح والتجديد والتغير والتبدل والإفاقة، ونغرق بالتنظير والكلام والجدل والتخوين وتوزيع الاتهامات، لدينا تنظير مميز، لكننا نفتقد للتطبيق المميز، فثقافتنا تنظير، واقتصادنا تنظير، وإعلامنا تنظير، والتربية عندنا تنظير، وتعليمنا تنظير، والثقافة المرورية تنظير، وكيفية التعامل مع البيئة والناس والآخر والغريب تنظير، المعلم ينظر، والطالب ينظر، والأب ينظر، والأخ الأكبر ينظر، والتاجر ينظر، والمسؤول ينظر، والشرطي ينظر، وصاحب التاكسي ينظر، والشاعر ينظر، والراوي ينظر، ومسؤول الجمعية الخيرية ينظر، حتى الدعوة إلى الله صارت تنظيرًا، ولذلك نشاهد تأثيرها واهنًا وضعيفًا، والدليل ضعف تديننا ووهنه وشكليته وارتباطه بالمصالح والمطامع، رغم كل البرامج والخطب والطرق والأساليب التوعوية والتربوية والترغيبية والتحذيرية، ننظر أحيانًا بهدوء، وأحيانًا بغضب، ننظر حد الغليان، ثم نبرد بعدها لدرجة التجمد، وننسى أو نتناسى ما نظرنا به، ننظر عن المصداقية والمهنية والموضوعية والأخلاق والأمانة وفق ندوات وشعارات رنانة، لكننا لا ننتصر لها ولا نتقيد، ننظر بحقوق المرأة، وندعو لصيانة المرأة وحريتها وحمايتها وعدم هضم تطلعاتها، لكن حين يتعلق الأمر بميراثها، نرتد لزمن أبي جهل، وأبي لهب، بل أضل سبيلاً، ننظر بوجوب احترام القوانين والأنظمة والتشريعات، ونغضب بحدة أن طبق الحد الأعلى على قاطع الإشارة الضوئية الحمراء، ننظر عن وجوب الصدق والورع والخشية والتقوى، ونمارس في الخفي أبشع أنواع الرداءة والسقوط الأخلاقي، ننظر عن وجوب فك أسر سجين قاتل ونتناخى بجمع الديات له، وفق شعارات حماسية وبراقة، وقصائد وقصص إيثار، لكننا ننسى التآخي ويصيبنا الانفصام والتناقض وتتلبسنا الازدواجية في مساعدة أرملة مسكينة فقيرة لديها ست بنات قصر، وتسكن في إيجار، وتعاني من الديون المتراكمة، والأمراض المزمنة، ومتطلبات الحياة، وليس لها معيل أو معين، ندعو للانفتاح والتلاقي والتعايش مع الآخر، لكننا في قرارة أنفسنا نرفض ذلك مطلقًا ونمقته، ننظر بحقوق الجار، ووجوب زيارته وتفقده ووصله، ونأتي بالأدلة القرآنية، والأحاديث الشريفة، التي توصي بذلك وتدعو له، لكننا نتهاون في ذلك، ونتاشى تطبيقها عن عمد وقصد وعنوة، ننظر للعمل والإنتاج والابتكار ووجوب الاعتماد على الذات، لكننا نهرع بعجل وسبق نحو الآخر للابتكار والتطوير والتصنيع والإنتاج لنا، وفق حجج واهية ليس لها واقع ولا مقام، كثرة التنظير خلق منا أمة كسولة، وأصابنا بالتردي والنكوص، ولو طبقنا ما نقوله وننظر به ونتناقله ونتفلسف به من مبادئ وقيم ومثاليات وأخلاقيات في منتدياتنا ومحاضراتنا وغرفنا الخاصة وقاعاتنا الاجتماعية العامة ووسائل تواصنا الاجتماعي لصافحتنا الملائكة في الطرقات، ولوقف العالم كله احترامًا لنا وإجلالاً وهيبة وتقديرًا.
- 13/12/2025 وزير التعليم يكرّم “تعليم الحدود الشمالية” لتميّزه في تأسيس وحدة العمل التطوعي
- 12/12/2025 “المسند”: الشمس تبلغ أقصى ميل جنوبي والظل في ذروته مع الانقلاب الشتوي
- 12/12/2025 جمعية الأدب والأدباء تُكلف الأستاذ خالد الفريحي برئاسة صالون العويش الأدبي
- 11/12/2025 بالصور .. أمطار متوسطة على طريف
- 11/12/2025 إخبارية طريف تبارك للمهندس يوسف يحيى الزلباني حصوله على اعتمادين مهنيين في الإرشاد المهني
- 11/12/2025 بالفيديو والصور .. مدارس الوعد بطريف تقيم نشاطًا تعليميًا تثقيفيًا لطلاب الصف الثاني الابتدائي
- 11/12/2025 جامعة الحدود الشمالية تستضيف الاجتماع الثامن والعشرين لمجلس عمداء كليات العلوم الطبية التطبيقية في الجامعات السعودية
- 11/12/2025 بالصور.. مقبل بن فحيط السالمي يحتفل بزواج ابنه “مشعل”
- 10/12/2025 غرفة الشمالية فرع طريف تنفذ دورة “سفراء الحياة” للإسعافات الأولية لتعزيز الوعي المجتمعي
- 10/12/2025 بالصور.. فرق الطوارئ ببلدية طريف تُسرّع عمليات تصريف مياه الأمطار لضمان انسيابية الحركة في المحافظة
المقالات > التنظير أرهقنا كثيرًا وأصابنا بالنكوص!
(0)
(0)وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.turaif1.com/articles/419088564.html




























