لم نكن نعيش الحياة بتعقيداتها اليوم بل كنّا نعيش حياة بسيطة تكاد تخلو تماما من المنغصات التي ظهرت والتي تفننا نحن في إظهارها مع الثورة التقنية التي غزوناها وغزتنا فأصبحنا مِلكاً لها لا مُلوكاً عليها ، كان الحب خاليا من الزيف وكانت الأخوة رباط من الصعب أن ينفك ، وكان الكرم الحقيقي فخراً لصاحبه ، وكان الابن بانياً لوالده وأهله وكانت الصداقة صدقاً ليس هناك ما هو أصدق منه.
وكانت الأم مدرسة لابنتها تعلمها الحشمة والاحترام وفنون الاهتمام بالمنزل ، وكان الجار مكملاً لجاره ومجارياً له في الضراء قبل ضدها.
كان يجمعنا النهار ويفرقنا غياب الشمس على أمل اللقاء غداً ، ومنذ حلول عام 1990 وحتى اليوم انقلب الحال وأصبح ما قبله أعوام نتغنى بها ونتذكر معها الأطلال .
اليوم أصبحنا نعيش على صفيح ساخن وكلما زاد الانفجار المعرفي زدنا شوقاً لتلك الأيام الأخوة أصبحت أعباء ، والحب أصبح دهاء. والكرم أصبح رياء ، والابن أصبح عناء ، والصدق أصبح شقاء ، والأم أصبحت حسراء ، والاحترام أصبح غباء ، والجار أصبح دماء ، والنهار أصبح مساء.
نعم أيها الأحبة انقلب الوضع رأساً على عقب وبتنا نقاوم أي دعوة للعودة إلى الصواب بل إننا نسير إلى عالم مجهول ولا نعلم هل وصلنا إليه أم مازال له بقيه.
أتكلم هنا وانا أبذل جهداً جباراً للمقاومة إلا أنني ربما اقتربت من مرحلة اليأس التحولات خطيرة والقادم مذهل وفق ما يجري على المستوى الاجتماعي. ربما يتفق معي قلة ومن المؤكد أن الكثير يختلفون مع ما ذهبت إليه وأسأل الله وحده أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه أما الباطل فهو باطل والله من وراء القصد.
كتبة عريف حسيان الرويلي