الملاريا هو مرض طفيلي معدي يسببه كائن طفيلي يسمى متصورة أو (Plasmodium)، ينتقل هذا الطفيلي بواسطة البعوض ويتسلل داخل كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان فيدمرها، ويترافق ذلك مع مجموعة من الأعراض أهمها الحمى، فقر الدم وتضخم الطحال. كلمة ملاريا باللاتينية تعني الهواء الفاسد لان القدماء كانوا يعتقدون أن الملاريا ينقلها هواء المستنقعات لهذا كان الإنجليز يسمونها حمى المستنقعات والعرب يطلقون عليها البرداء لأنها تسبب الرعشة الشديدة.
عندما أكتشف العالم الفرنسى (الفونس لافيران) حقيقة الطفيلي المسبب لمرض الملاريا و علاقته بالبعوض والمستنقعات الآسنة تم مكافأته بجائزة نوبل عام ١٩٠٧م.
فإكتشاف حقيقة المرض و مسبباته يجعل من السهل التعامل معه و القضاء عليه.
الآن فى مجتمعاتنا يوجد مستنقعات من نوع آخر و بعوض أكثر خطورة من بعوض الملاريا وهو ينتشر في الكثير من الحارات والأحياء و إذا لم نتنبه لخطره سيفتك بنا و نحن نتفرج عليه غير آبهين.
المخدرات هي المستنقع و مروجي المخدرات هم البعوض و الإدمان هو الملاريا.
البعض منا استشعر الخطر فوضع شبك حامي على النوافذ حتى لا يدخل البعوض إلى بيته ويلدغ أفراد أسرته والبعض قام برش المبيدات التى تقتل البعوض و البعض استعمل الناموسية و البعض الاخر استعمل الصاعق الكهربائي لطرد العوض.
كلا اجتهد حسب مقدرته المادية و المعرفية لحماية نفسه و أفراد أسرته لكن يبقى الخطر قائم و البعوض ينتظرهم خارج المنزل فى الشارع و المدرسة و منزل الأقارب.
لأننا للأسف الشديد لم نذهب إلى أصل المشكلة التى نعاني منها و اكتفينا بالحلول الترقيعية المؤقته فبقينا ندور في نفس الدائرة التى للأسف تأخذ بالاتساع يوما بعد الآخر.
أذا لم نغير نظرتنا للبعوض ونحتقره ونكرهه ونقتنع بإنه حشرة مؤذية يعيش على دمائنا وينقل لنا الأمراض ونعمل على تجفيف المستنقعات التى يعيش فيها فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه و لن تنفعنا الامصال و التلقيحات.
تجفيف المستنقعات يحتاج فى البداية أن يكون سكان الحي وأهل الرأى فيه مدركين لخطورة الوضع فيقومون بالرفع للمسئولين في الإمارة مبينين أن الوضع أصبح وباء و لابد للدولة أن تقوم باستنفار جميع طاقاتها لمواجهته و يكون الأهالي جهة رقابية على الجهات الحكومية التى تقصر فى عملها و خصوصا مكافحة المخدرات فهى الجهة الحكومية المسئوله عن تجفيف مستنقعات الوباء و القضاء على البعوض ( المروجين ) فحكومتنا الرشيدة و لله الحمد عندما تستشعر أن هناك خطر يهدد الصحة العامة أو السلم الإجتماعي أو الأمن الوطني فإنها لا تألوا جهدا بتوفير جميع متطلبات الحل مادية كانت أو بشرية ولكن يجب أن تصل الصورة واضحة لأصحاب القرار و حجم المشكلة التى نعانى منها و لنا بالحرب على الإرهاب و حماية الحد الجنوبي خير مثال.
ما سبق من مقارنة بين مرض الملاريا وإدمان المخدرات هو محاولة لاستشعار حجم المشكلة وأنها ترقى لمستوى الوباء الذى يحتم علينا كأفراد و حكومة أن ندق ناقوس الخطر و نعلن حالة الطوارئ و الاستنفار العام و أن لا نكون ذلك المتفرج السلبي الجبان صاحب الفاه الفاغر الذى يكتفى بالتفرج علينا و نحن نتساقط بسبب لسعات هذا البعوض القذر مبرراً للبعوض الطفيلي سلوكه القذر بأن الحاجة دفعته و أنه منا و فينا وأنه سيستحرم دمائنا بينما الواقع يقول إن المروج (البعوض) لا يحرم و لا يحلل وأن كل الدماء عنده مستباحة و ذات لون و طعم واحد فتجد هذا البعوض عندما ينقض على ضحيته يردد بإنتشاء ابيات عنترة العبسي التي يقول فيها:
جادت له كفي بعاجل طعنةٍ
بمثقفٍ صدق الكعوب مقوم
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
ليس الكريم على القنا بمحرم
فتركته جزر السباع ينشنه
يقضمن حسن بنانه والمعصم
نعم ليس الكريم على القنا بمحرمِ
فالمدمن ليس كما يصوره البعض بانه إنسان سيء الخلق منحرف السلوك و لكنه في الحقيقة ضحية بعوض لا يفرق بين كريم أو لئيم بين صغير أو كبير بين قريب أو بعيد، جميعنا معرضون اليوم أو غدا لهجمات هذا البعوض فدعونا نتكاتف و نقوم بردم المستنقعات و مطاردة البعوض واحتواء الأفراد المصابين بهذا الوباء و معالجتهم لأنهم كانوا للأسف ضحية غفلتنا و تجاهلنا لحجم المشكلة التي سببها وجود المستنقعات و البعوض من حولنا.
عزيزي القارئ أقترح من اليوم فصاعدا أن نستبدل بعض الكلمات بكلمات أخرى تساعدنا على تغيير النظرة للمشكلة مما يساعدنا في حلها.
مروج نستبدلها ببعوضة
مروجون نستبدلها ببعوض
مخدرات نستبدلها بمستنقع
إدمان نستبدلها بوباء
مدمن نستبدلها بمصاب
نستبدلها بحُماة البعوض
شايز عوض
1 ping