[SIZE=5][B][COLOR=#030302]تدور أحداث هذه الرواية بين طالب جامعي يسمى (أحمد) وصديق قديم له، يسمى (فهد) يكمل هذا الطالب دراسته الجامعية ويحصل على الزمالة الطبية ويبدأ عمله في مستشفى الطب النفسي، ليقابل له صديقا قديم فقد عقله، ملاحظة: هذه الرواية هي من نسج الخيال.
بينما كنت نائماً في ليالي البرد الذي عم أرجاء مدينتنا، استيقظت على صياح الديك لأصلي صلاة الفجر، ومن ثم أتناول الكعك المفضل مع الحليب الساخن، أتاني اتصال هاتفي من أحد الزملاء يفيد بأنه أتاني قرار مباشرة العمل في مستشفى الطب النفسي، ففرحت بهذا القرار ودعوت جميع الأحبة والأهل إلى حفلة متواضعة هادئة أمام المدافئ الساخنة، فاحتفلنا وفرحنا، حتى أتى اليوم الثاني لأباشر العمل فقابلت أحد الأطباء فقال لي أنت اليوم في هذا القسم، ستقوم بالإشراف على هؤلاء ولم يذكر لي أي أسم منهم، فأتاني الأول: يضحك، وأتاني الآخر: يصفق، فخفت لأنني لم أعلم بأن هذا ما سيحدث لي فكيف سأعيش بين هذا المجتمع الذي لم أفكر كيف أتعامل معه، إنه أمر مخيف حتى وجدت حينها رجل هادئ، وجالس على السرير الأبيض ويرتدي قميصاً أبيض، اقتربت من هذا الرجل رويدا رويدا، فوجدته صامتاً لا يحس بما يجري حوله.. فصافحته بابتسامة وسألته وهو حاني رقبته وقلت له ما أسمك، وقال لي ماذا يعنيك؟! فقلت أنا أسأل فقط، فجاوبني. وإن عرفت الجواب! فهل ستعيد لي وستخفف عني كل هذا العقاب! فجاوبني بنبرة محزنة أنا اسمي (فهد) فقلت له أين تعيش؟! وأين تقطن!؟ فقال أنا هنا أقطن وكنت أعيش بين أيدي والدتي وكانت تعاملني مثل الطفل الرضيع، ولكنها رحلت! وتركتني أصرخ ليل نهار ولا أستطيع أن أجعل كل من حولي ينام، فقام إخوتي بإدخالي إلى هذا المستشفى، كي يعالجوني ويخففوا من وطأة الحزن التي بي، ولكنهم عجزوا نعم عجزوا! فرفع رأسه وقال هل ارتحت الآن، وعرفت حالتي باختصار؟! وأراد أن يكمل فتوقف وتفاجئ عندما كانت عيني أمام عينه وقال!؟ أنت ءأنت أحمد...!!! فنزلت دمعتي حينها وحضنته كما يحضن الخليل خليله.. وكانت تدور بمخيلتي أفكار رمادية، وأتساءل كيف وصل (فهد) زميلي في كلية الطب إلى هذه الحالة! فهدأت أعصاب صديقي وقال لي بكل نبرة هادئة، صدقني يا أحمد إنني فرحت جداً بلقائك وكأنهم كتبوا لي أن أكون حزيناً هذا اليوم ومن ثم أجد السعادة بعينك، ولكن لا تؤاخذني يا أحمد والدتي كانت لي بعد وفاة والدي أكسجين الحياة، وعندها نفذ الأكسجين فقام بأخذ عقلي، وجعلني أنتاب الصراخ كل ليل وأحرقت الدموع أجفاني الرقيقة، فمسحت دموعه بمناديل الأخوة وجعلته يرتاح من هذا الحزن بإعطائه أحد العقاقير المهدئة، فسكن إلى نومه وأخذته أحلام الذكريات القديمة إلى رمادية الرفوف الحزينة، فعدت حينها إلى منزلي وحجرتي فجددت الأجفان دموعها، لأن هذا كان لي الصديق الشقيق، ولم أعلم بأن تقلبات الحال ستجعله طريحاً لآلمه، فنمت حينها ووسادتي يجري عليها نهر من الدموع، حتى استيقظت في اليوم التالي فأتيت إلى المستشفى الذي أعمل به، وسألتهم كيف حال مريضنا (أحمد)؟! فقالوا لي لا نعلم عنه إنه في حجرته، فأتيت إلى حجرته ولم أجده على السرير ورأيت الشبابيك مفتوحة! فأخبرت المستشفى حينها بأنه غير موجود ابحثوا عنه أو أخبرونا أين ذهب، فضج المستشفى بهروب هذا الرجل، وبعد البحث المستمر وجدوه في أحد المجمعات التجارية، وبعد التحقيق معه، عن كيفية هروبه ولماذا هرب؟! قال هربت لكي أشتري هدية لصديقي (أحمد) لأنني لم أبارك له ولم أعلم بأنه تخرج من مدينته الجامعية، وأنا خجول منه لأن له في قلبي مكانة لن تزيلها كثر النوبات والصرخات التي أمر بها، فحزنت حينها وقلت لماذا يا (فهد) تجعلنا نقلق على اختفائك، هل تظن بأنك رخيصُّ علينا، لا داعي لتلك الهدايا يا أخي فأنا هديتي الأولى أن تعود إلى رشدك وأن تتعالج من الذي في جوفك، وأن يقف حزنك، ويبدأ سعيك، لتعود لنا كما عرفناك وعهدناك.. فصمت الجميع وذهب فهد حينها إلى حجرته البيضاء، فبرغم بياض هذه الغرفة إلا أنها تحمل في جوفها أحزاناً سوداء.. لم تزل عن ساكنيها، فمرّت الأيام وأنا أذهب كل يومٍ إلى عملي وأطمئن على صحة صديقي، حتى أتى ذلك اليوم فدخلت حينها إلى حجرة (فهد) فوجدتهُ مبتسماً، نائماً بهدوء ولا أسمع سوى رياح الشبابيك المفتوحة، وحاولت أن أوقظه من نومه، وحركت جسمه فلا حركة ولا صوت، فوضعت آذني على نبضه.. ورأيت بأن نبضه توقف، فتحدثت معه وقلت له لماذا يا (فهد) رحلت، لماذا لم تستأذن في الرحيل، أدركت حينها بأن ألم الرحيل كبير، ويأتي بلا استئذان رحل (فهد) وبقيا حيًا بقلوبنا، ولم تغير حالته العقلية والنفسية "طهارة قلبه"، فلقد كان طاهراً مثل بياض الثلج حينها، وضعت اللحاف على رأسه وغادرت، وخلفي بحر من الأحزان.
كتبه:
وليد الرويلي[/COLOR][/B][/SIZE]
4 pings