لا اعلم مالذي جعلني ادخل تلك الغرفة المظلمة ذات الأدراج القديمة التي يعلوها غبار السنين يبدو انني كنت ابحث عن شيء ما قبل ان ادخل في دوامة الذكريات التي لم احضرها ، والوجوه التي لم اشاهدها ، والأحداث التي لم اعاصرها ، والأماكن التي لم اعايشها بل ارتسمت في مخيلتي وانا انفض الغبار عن البوم الصور الضخم والذي يحتوي على مجموعة كبيرة من الصور كان قد زودني بها الفاضل طلال عربي الدغمي والفاضل محمد مصطفى الخناني وهي مجموعات ضخمه لقدامى "التابلاين" .
كنت اتصفح هذه الصور وكأني اشاهدها لأول مره وأمعنت النظر في "خواجات" التابلاين وهم مبتسمين في الصور يتحلق حولهم عدد من ابناء البادية الذين لم يحسنوا القراءة ولا الكتابة في ذلك الوقت ، ولكن الخواجة صنع منهم مولدات انسانية ضخت الذهب الأسود في شرايين الجزيرة العربية معلنةً حياةً جديدة يقودها شباب لا يقرأون ولا يكتبون .
شاهدت الصور المشابهة لهذه الصورة ففيها الخواجه يقف بين الأعراب امام لوح خشبي يعلمهم اساسيات المهنة في مكان اشبه بالفصل الدراسي ، وصورة أخرى لنفس الأعراب في مكان مزدحم بالمعدات والخواجة يقف ايضاً يدربهم على تشغيل هذه المعدات، وهناك ايضاً في مكان اشبه بالمعمل يدرب الخواجات ابناء البادية ليلحقوا بركب الحضارة ، ناهيك عن اعمال الخواجات المشرفة من بناء المساجد والمدارس والأعمال الإجتماعية وشق الطرق واطلاق الهاتف وغيرها الكثير في طريف وعرعر ورفحاء وعدد من مدن المملكة .
دققت النظر في الصور المشابهة واهملت غيرها وانا احاول الربط بين التابلاين والمدينة الصناعية في وعد الشمال ولكن شتان بين الفريقين ، فالتابلاين قاده الخواجات الذين قاموا بإحتواء ابناء الشمال في طريف وعرعر وجميع مدن المملكة حتى قاد ابناء البادية في المملكة شركات عملاقة على مستوى العالم كسابك وارامكو ومعادن وغيرها بل وأصبحوا يفاوضون الدول العظمى ويتدخلون في اسعار البترول صعوداً ونزولاً ، هذا ما فعله خواجات التابلاين بنا .
والآن بعد خمسين عاماً تأتي هذي القيادات التي انتجها خواجات التابلاين لتلفظ ابنائها امام بوابات الشركات في "وعد الشمال" بلا تدريب ولا تطوير ولا اهتمام فجّل الوظائف المعروضة عليهم هي حارس بوابه وامن ومراسل ومعقب وهم شباب في عمر الزهور يتم سرقة السنين منهم بلا اي مستقبل ويتم في المقابل استقدام الخبراء من خارج المملكة كما قال الدكتور علي التواتي وهو عرّاب وعد الشمال والمهتم الأول بترسية هذا المشروع العملاق في طريف .
نعم بعد خمسين عاماً سيُذهل "جون ماكنجي" وهو احد رواد التدريب والتطوير لابناء البادية الشمالية في التابلاين فالتاريخ يعيد نفسه ولكن هذه المرة اكثر جوراً على ابنائنا في وعد الشمال .
اخيراً نقول : هذا مافعله خواجات التابلاين سابقاً
فأروني ماذا انتم فاعلون يا سعوديي وعد الشمال ...
كتبه : منصور جابي المتعب الرويلي
14 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓