وفور أدائه اليمين دعا الملك فيليبي لبقاء اسبانيا موحدة لكن في ظل احترام الاختلافات الثقافية بين اقاليم البلاد وأنهى خطابه بتكرار عبارة “اشكركم” بأربع لغات: القشتالية (لغة إسبانيا الرسمية) ولغة الباسك والقطالونية والغاليسية.
وأصبح فيليبي ملكا بعد ان تخلى والده خوان كارلوس عن العرش في وقت سابق هذا الشهر بعد سلسلة من الفضائح التي دفعت كثيرا من الاسبان للتشكيك في دور النظام الملكي ذاته.
وسيكون أحد أكبر التحديات التي تواجه فيليبي ما إذا كان سيستطيع استغلال دوره الشرفي لدفع الحوار بين قادة اسبانيا وإقليم قطالونيا الغني بشمال شرق البلاد حيث تتنامى حركة انفصالية.
وارتدى الملك الجديد (46 عاما) الملابس العسكرية المزينة بوشاح ملكي وأدى يمين الولاء لدستور اسبانيا قبل أن يلقي كلمة امام الضيوف الذين تجمعوا في مجلس النواب وكرس جزءا كبيرا من خطابه لقضية الوحدة الوطنية.
وقال فيليبي في كلمته “هناك مكان لكل منا داخل اسبانيا موحدة ومتنوعة.”
وشدد على ضرورة احترام الثقافات المتنوعة واللغات داخل اسبانيا في رسالة واضحة لمواطني إقليمي قطالونيا والباسك الذين يسعون للانفصال عن اسبانيا.
لكن اللفتة اللغوية حظيت برد فاتر من قادة اقليمي قطالونيا والباسك الذين كانوا ينصتون للخطاب داخل مجلس النواب وكانوا متحفظين بشكل ملحوظ أثناء تصفيقهم لكلمات الملك.
وبعد مراسم التنصيب استقل الملك فيليبي عربة رولز رويس مكشوفة مع زوجته الملكة لتيثيا أورتيث وهي صحفية سابقة وحفيدة سائق سيارة أجرة. وسار الركب يحيط به الحراس على ظهور الخيول في شارع زينت جوانبه بأزهار حمراء وصفراء وهما لونا علم اسبانيا.
وعلى طول الطريق الذي سلكه الركب اصطف آلاف من المهنئين وبينهم سياح وهم يلوحون بالأعلام ويهتفون “يحيا الملك”.
وزينت مئات الحافلات في مدريد بأعلام اسبانيا كما أعطى القصر 100 ألف علم للمهنئين للتلويح بها لدى مرور الملك الى حفل استقبال يقام في القصر اللمكي.
وشددت السلطات إجراءات الأمن في وسط مدريد وحلقت طائرات الهليكوبتر على ارتفاع منخفض في حين قامت الشرطة بعمليات تفتيش من منزل إلى منزل على طول الطريق الذي سلكه الملك حيث انتشر نحو سبعة آلاف شرطي و120 من القناصة في الشوارع.
وقالت ألبا (20 عاما) التي كانت تقف مع والدتها وشقيقتها وسط الجموع كي تحظى بنظرة خاطفة للملك “الملك الجديد سيشارك بشخصيته وافكاره ويأمل كثير من الناس أن يحدث تغييرا في اسبانيا. أنا شخصيا يحدوني أمل بتحقيق وحدة أعظم (في البلاد).”
ولم تتسم مراسم التنصيب التي أقيمت في مجلس النواب بالكثير من مظاهر الأبهة مقارنة بمراسم التنصيب الملكية في بلدان اخرى بل هي أقرب لعملية قانونية حضرها مشرعون وساسة كبار وبعض أفراد العائلة المالكة. ولم توجه الدعوة لأي زعيم أجنبي.
ويقول مسؤولون في القصر الملكي إن الحدث يتوافق مع حالة التقشف التي تعيشها البلاد حيث يعاني واحد من كل أربعة عمال أسبان من البطالة رغم تعافي الاقتصاد بشكل مبدئي.
وقال فيليبي في خطابه “نحتاج للفوز في معركة خلق وظائف جديدة وهي مبعث القلق الرئيسي لدى الاسبان.”
وقال القصر الملكي إن خوان كارلوس والد فيليبي لم يحضر مراسم التنصيب حتى تتركز الأضواء بالكامل على الملك الجديد.
ولن يحضر الملك السابق وزوجته الملكة صوفيا أيضا حفل الاستقبال الذي يقام بعد الظهر في القصر الملكي مع ألفي مدعو من جميع طبقات المجتمع.
وكانت شعبية خوان كارلوس قد تلقت ضربة قوية بعدما ذهب إلى رحلة سرية لصيد الأفيال في ذروة الأزمة المالية التي عصفت باسبانيا عام 2012.
وأظهر استطلاع حديث للرأي أجراه مركز متروسكوبيا لحساب صحيفة الباييس أنه رغم أن قرار تخلي خوان كارلوس عن العرش لابنه دعم شعبية الأسرة الملكية إلا ان ثلثي المواطنين يؤيدون الآن فكرة إجراء استفتاء على ما إذا كانت اسبانيا ستظل ملكية دستورية.