الحلم الذي راود معظم سكان منطقة الجوف، في أن يشاهدوا القطارات السريعة ذات التقنية العالية، تخترق الرمال لتنقل الركاب بين المدن، أصبح اليوم حقيقة بعد أن اكتملت أخيراً أعمال مد الخط الحديدي، ووصل أول قطارات الركاب إلى المملكة منذ نحو شهرين. ويخضع القطار حالياً للاختبارت التشغيلية، تمهيداً لانطلاقه بشكل رسمي خلال عام 2016.
ويعقد سكان منطقة الجوف كثيراً من الآمال على قطار الشمال عند تشغيله، فهم ينتظرون باهتمام بالغ انطلاق أولى رحلات نقل الركاب والبضائع من محطة الجوف وإليها. ويأملون بنجاحه بقدر النجاح الكبير الذي حققته الشركة السعودية للخطوط الحديدية «سار»، على مستوى خط المعادن، في نقل ملايين الأطنان من معادن الفوسفات والبوكسايت، من منجمي حزم الجلاميد (شمال المملكة) في عام 2011، والبعيثة في القصيم عام 2014، إلى معامل التكرير في رأس الخير على الخليج العربي.
وأكد محافظ دومة الجندل الدكتور طلال التمياط أن قطارات «سار» ستوافر خدمة النقل للمواطنين والمقيمين في قطارات حديثة ومتقدمة، كما أن تشغيل القطارات سيقدم الدعم الاقتصادي للمنطقة، معرباً عن امتنانه لما تقدمه القيادة من خدمات للمواطنين في سبيل راحتهم، مبيناً أن محطات الركاب ستسهم في دعم اقتصاد المنطقة، وكذلك الأنشطة والفعاليات السياحية التي تقام في المدن مثل مهرجان الزيتون، كما ستدعم خطة الهيئة العامة للسياحة والآثار لاستثمار المواقع التاريخية والأثرية في المنطقة، ما سيوافر عائداً اقتصادياً للسكان. وقال التمياط: «سيكون قطار «سار» عند تشغيله أحد العوامل المهمة، التي ستدعم المهرجان وتزيد من كثافة الإقبال عليه».
إلى ذلك أعرب سلطان الرويلي (من قرية أصفان) عن سعادته الغامرة لاكتمال مشروع خط الشمال، وانتهاء الإنشاءات في محطة الركاب بالجوف، وقال: «الآن يمكنني أن أشعر بالغبطة وأتحدث مع الآخرين عن أن الحلم الذي طال انتظاره أصبح حقيقة، فقطار الركاب سيكون على مقربة من بيتي خلال الأيام القليلة المقبلة». ويرى الرويلي أن مرور القطار على مقربة من قريته الصغيرة، من شأنه أن يعزز مجالات التطوير فيها ويدعم المداخيل الاقتصادية لسكانها، مبيناً أن المحطة وسكة الحديد لا يفصلهما عن القرية سوى كيلو مترات قليلة. من جهته أكد ممدوح المرعي (من سكان دومة الجندل) أن قطار الركاب سيقدم خدمة نقل كبيرة طال انتظارها لأهالي الجوف ولسكان الشمال كافة.
وأشار إلى أن المنطقة تفتقر إلى وسائل النقل العام، في ظل قلة الرحلات الجوية المجدولة، من مطارات المنطقة إلى مدن المملكة الأخرى والعكس، مضيفاً: «عانينا في الأعوام الماضية من صعوبة التنقل إلى بقية مناطق المملكة، حتى افتتح الطريق السريع أخيراً»، مبيناً أن قطار «سار» سيقدم خدمة نقل مريحة وسريعة وآمنة لأبناء المنطقة عند تشغيله خلال الأيام المقبلة. ويلفت ياسر السرحاني (من دومة الجندل) إلى أن محطات الركاب، ستفتح فرص عمل لشباب القرى والمدن المحيطة بمحطة الركاب، داعياً «سار» إلى تحقيق تطلعات المواطنين هناك، في تعيين أبنائهم في أقسام المحطة وخدماتها المتعددة، لكي تسهم في رفع المستوى المعيشي وتنعش اقتصاد تلك المدن بشكل عام.
من جانبه، أكد عضو المجلس المحلي في محافظة دومة الجندل الدكتور حجاج المرعي، أن خط سكة الحديد ومحطة الركاب «ستدعم بلا شك مهرجان التمور والزيتون السنوي في المنطقة، الذي يحظى بإقبال كبير من الزوار من معظم مناطق المملكة، نظراً إلى جودة منتجاتهم»، مضيفاً: «سيكون قطار «سار» عند تشغيله أحد العوامل المهمة، التي ستدعم المهرجانات وتزيد من كثافة الإقبال عليها».
فيما أكد مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة «سار» سليمان الخويطر أن شركة «سار» تتابع حالياً الأعمال النهائية لمقاول الإنشاءات، إيذاناً بالبدء في إجراءات تسلم مشاريع محطات الركاب الست، ومن بينها محطة الجوف، إذ لم يتبق سوى أجزاء بسيطة جداً في معظم المواقع، موضحاً أن تشغيل تلك المحطات سيكون بالتزامن مع انطلاق رحلات قطار «سار» للركاب، الذي يخضع حالياً لمرحلة الاختبارات التشغيلية. وكشف الخويطر عن أن المساحة الإجمالية لموقع المحطة الواحدة تبلغ 137217 متراً مربعاً، مضيفاً أن مبنى المحطة يتكون من ثلاثة طوابق، «إذ يشمل المبنى صالة للوصول، وأخرى للمغادرة، ومنطقة لشحن الحقائب، وساحة للمطاعم، ومحالاً تجارية، إضافة إلى مكاتب الخدمات السياحية وتأجير السيارات ومكتب للبريد، ومركز للاتصالات والتحكم لمتابعة القطارات ورصيفين للركاب، بمساحة قدرها 20,000 متر مربع ومسجد يتسع 300 مصل».
وعن سعة قطارات «سار» للركاب، أوضح أن القطار النهاري يتسع 444 راكباً في الرحلة الواحدة، فيما يبلغ عدد المقاعد المخصصة للركاب في القطار الليلي 377 مقعداً، مبيناً أن أسعار تذاكر الرحلات بين المدن، سيتم تحديدها قبيل التشغيل الفعلي لقطارات الركاب. يذكر أن الشركة السعودية للخطوط الحديدية «سار» أنشئت عام 2006، بهدف تنفيذ وتشغيل شبكة خطوط حديدية تربط بين عدد من مدن المملكة، لتوفير وسيلة نقل آمنة للركاب بين المناطق، وتكون وسيلة ذات اعتمادية عالية في نقل البضائع من خلال ست محطات للركاب أنشأتها في كل من الرياض، والمجمعة، والقصيم، وحائل، والجوف، والقريات، وعلى خط التعدين الذي يمتد مسافة 1400 كيلومتر، نجحت «سار» خلال خمس سنوات في تدشين باكورة خدماتها من مناجم الفوسفات بحزم الجلاميد في أقصى الحدود الشمالية للمملكة مروراً بمنجم البوكسايت في «البعيثة» بمنطقة القصيم، ووصولاً إلى معامل التكرير في رأس الخير على الخليج العربي.
2 pings