في أحد البرامج الحوارية التي تقدمها أحد القنوات الفضائية وصف الدكتور محسن العواجي ( الداعية المعروف ) أحد قبائل عنزة بهزيمة دولة فارس وهي معركة ذي قار التي كانت حيثياتها كالتالي :
طلب ملك الفرس كسرى ابرويز من امير العرب النعمان الثالث بن المنذر الرابع المكنَّى بأبي قابوس
ان يزوجه احدى بناته. ولكن النعمان امير العرب وملك الحيرة اعتذر عن تلبية الطلب بحجة انه لا توجد
عنده بنت تليق بمقام كسرى ملك الفرس.
ابو قابوس النعمان الثالث هو صاحب النابغة الذبياني زياد بن معاوية (ت قبيل البعثة النبوية) ودام
حكم النعمان من عام 585م حتى عام 613م.
بعد ان تسلم كسرى رد النعمان غضب غضبا شديدا واعتبر ذلك ترفعا من النعمان عن مصاهرته.
فاحتال للامر وسكت بعض الوقت وبعد مدة ارسل كتابا الى النعمان يطلب حضوره اليه في المدائن
(طيسفون) وذلك سنة 613م فتخوف النعمان من غدر كسرى فحمل اهله وامواله وسلاحه ودروعه
واخذ يتنقل بين قبائل العرب طالبا الاستجارة، فلما وصل الى بني شيبان اجارته هذه القبيلة،
ونصحه هاني بن مسعود الشيباني قائلا له: لا يجوز لمن هو بمثل مقامك ملكا للعرب ان يبقى
دهره طريدا. فالرأي ان تزور كسرى وتأخذ له هدايا… اما اهلك واموالك فهم عندنا بمأمن.
وفعلا كتب النعمان كتابا لكسرى ابرويز يطلب فيه السماح له بزيارته، فلما جاءه الاذن بذلك اخذ معه
هدايا من الخيل ومن عصب (ملابس) اليمن ومن الجواهر والطرف وتوجه الى كسرى فاستقبله وغدر
به بعد ان دعاه لزيارته حيث قيده وسجنه في مدينة «ساباط» ويقال انه بعد سنوات من سجنه ألقاه
كسرى تحت ارجل الفيلة فداسته حتى مات، وفي رواية اخرى انه مات بالطاعون.
ولما وضع كسرى ابرويز ملك الفرس النعمان بن المنذر في السجن طلب من قبيلة بني شيبان
تسليمه كل الاموال والسلاح والدروع العائدة للنعمان، فرفض بنو شيبان هذا الطلب لانه يسود
وجوههم (يحفر ذمتهم) عند العرب، ودارت مفاوضات ومحادثات لينة وشديدة بين سادات بني
شيبان ومناديب (رسل) كسرى، اصر فيها رجال كسرى على طلبهم وهو تسليم اموال وسلاح ودروع
النعمان ورفضوا كل البدائل التي طرحها بنو شيبان.
ويبدو لنا ان الهدف الخفي لكسرى ابرويز هو اخضاع القبائل العربية التي بدأت في هذا الوقت تتمرد
على طاعة اوامر الدولة الفارسية، وما اموال وسلاح النعمان الا حجة لتنفيذ هذا الهدف الخفي.
ولما فشلت المفاوضات، امر كسرى بتشكيل جيش كبير جدا وضع على رأسه القائدين الفارسين
الهامرز والخنابزين مع مجاميع كبيرة من الفيلة لإخافة الجمال والخيول العربية، وامر هذا الجيش
بالتوجه لمحاربة بني شيبان في موسم القيظ (شهر يوليو او اغسطس من سنة 613 م) حيث ان
من عادة العرب في هذا الموسم الحار ان تقطن حول آبارها.
ولما سمع بنو شيبان بهذا الحشد الفارسي الكبير، ارسلوا عددا من رجالهم يجوبون بوادي العرب
طالبين النجدة والمساعدة، فجاءت جموع من الرجال من قبائل عربية عدة فزعة ونخوة لبني شيبان،
وقيلت بهذه المناسبة اشعار كثيرة حفظتها لنا كتب التاريخ والادب العربي، ولايزال بدو اليوم
ينسجون على منوالها اشعارهم وقصيدهم.
على بطحاء (رمال) بادية ابار ذي قار التي تبعد عن الفرات مسافة 80 كم الى جهة الغرب، انتصرت
قبيلة بني شيبان ومعها فروع بكر بن وائل وقبائل عربية اخرى على جيوش كسرى الفرس المسمى
(ابرويز) بعد معركة عنيفة قتل فيها قائدا الجيش الفارسي «الهامرز» وقتله الحوفزان الحارث بن
شريك و«خنابزين» قتله شيخ قبيلة بني عجل ابو معلان حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي -مقطع
الوضن- وسقطت الراية الكسروية المسماة «درفش كافيان» على الارض تدوسها الخيول والجمال
العربية.
لقب شيخ بني عجل حنظلة بن ثعلبة بن سيار بـ «مقطع الوضن» لانه قام قبل المعركة بقطع وضن
هوادج نساء بني عجل مبتدئا بوضين هودج حليلته وقال لرجال قبيلته كلمته المأثورة: «ليدافع كل
رجل منكم عن حليلته».
والوضن: جمع وضين وهو الحزام العريض الذي يشد به هودج المرأة.
وهذه العادة التي استخدمها ابو معدان حنظلة العجلي في معركة ذي قار وهي قطع احزمة الهوادج
وانزالها على الارض مازالت مستخدمة عند عربان البوادي العربية ايام الغزوات والاكاوين (جمع كون –
معركة) خلال العهد العثماني.
وخلال هذه المعركة التي انكسرت فيها هيبة الدولة الفارسية كانت كلمة السر لقبائل العرب التي
تتردد بينهم هي «محمد يا منصور» حيث وصلتهم اخبار دعوة الرسول العربي الكريم محمد صلى
الله عليه وسلم التي بدأت تنتشر في الحجاز ويكثر اتباعها، فزادتهم هذه الاخبار حماسة وشجاعة
وايمانا بالنصر المؤزر. علما ان اكثر هذه القبائل المجتمعة على آبار ذي قار تدين بالنصر انية.
ولما وصلت اخبار هذا النصر الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقال: « هذا اول يوم انتصف
فيه العرب من العجم وبي نصروا».
فيديو :
[SITECODE=”youtube http://www.youtube.com/watch?v=YW8p_wmx_6g”]http://www.youtube.com/watch?v=YW8p_wmx_6g[/SITECODE]
2 pings