ضبابية المصطلحات والمفاهيم مدعاة للكثير من التأويلات والتفسيرات والتي ربما جعلها البعض وفق أهوائه ومعتقداته ومصالحه الخاصة .
متدين , ملتزم ,مطوع , مسرف , مجاهد ,علماني ,شفافية ,بخيل أو كريم , وغيرها من المصطلحات لطالما طرقت أبواب آذاننا سابقا ولاحقا ,وكل شخص أو فئة يفسرها بحسب اتجاهاته وانتماءته ,وأخطر من ذلك أنها جعلت تلك التفسيرات منطلقا لها في تقسيم الناس وتصنيفهم بحسب هؤلاء من أجل أن يكونوا هم الفئة الصالحة .
بل إن ذلك تعدى إلى أن يفسر الإرهاب وتأليب الناس والسعي في إشاعة الفتنة بأنه تغيير للمنكر وفق معتقد تلك الفئات, وهو بالأساس مبرر ووسيلة للسيطرة وفرض تلك المعتقدات على فئة المتحمسين والساذجين والمغفلين وربما الناقمين أيضا .
الفقير والمسكين هما فئتان موجودتان في كل مجتمع مهما كان غناه إلا عدم وجود تفسير واضح ومقنن لهما يجعل ذلك مدعاة لحرمان أصحاب هذه الفئتين من بعض الدعم المالي المقدم من الجهات الخيرية أو بعض برامج الدعم الحكومي .
ربما تجد أن هناك فقير أو مسكين وراتبه يصل لعشرة آلاف أو أكثر لكن التزاماته المالية عالية جدا, تجعله مكبلا بالديون فيعجز عن الوفاء بأبسط احتياجات من يعول من أسرته ,وربما قد يقع في منظومة ( إيقاف الخدمات والمنع من السفر) بحجة ضمان حقوق الدائنين وهذا حق مشروع إلا انه قد يقف عاجزا عن إيجاد حلول من أجل الوفاء بالتزامات عائلته والخدمات الهامة مثل الكهرباء والماء وكذلك تخلفه عن الوفاء بحقوق الدائنين فيقف في المنتصف.
إن كل معاني الفقر تنطبق عليه إلا رقم راتبه يحول بينه وبين الحصول على خدمات الدعم الحكومي من حساب مواطن وضمان اجتماعي وغيرهما من خدمات نبيلة وفرتها الدولة أعزها الله لتخفيف عبء الحياة على المواطنين .
وكذلك هي الجمعيات وباذلي الخير عندما يعلم أنك تحصل على راتب يعرض عنك إعراض الممتعض وكأنه يؤنبك على موقفك أمامه معتقدا بأن ماتعيشه هو من صنع سوء تدبيرك .
نحن بحاجة إلى تقنين مصطلح الفقير والمسكين حتى لانسهم في إيذاء فئات من المجتمع تعيش كل معاني الفقر لكنها تصمت على استحياء فتطرق أبواب شركات التمويل والبنوك وشريطية الجشع فيقعون لقمة سائغة لهؤلاء ويبقون أسرى لنفق الديون الطائلة .
يرى خبير التنمية الدكتور الرمضي الصقري بأن : ( الفقر أنواع فقر نسبي وفقر مدقع وثقافة لها معاييرها يمكن أن تكتسب من البيئة الاجتماعية ويعتبر الفقر في العصر الحديث سياسات تنموية لذلك تتنوع تدخلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمستدامة حاليا).
نحن بحاجة لإيجاد مؤشر للفقر فلربما سيسهم ذلك في إيضاح الصورة أمام الجهات المعنية لتضع سقف أعلى وأدنى للدخل الشهري الذي يدخل على الأسرة وليس الراتب والذي بناءا عليه يدخل الفرد أو يخرج من دائرة الفقر وهذا بلاشك سيسهم في رسم سياسات جيدة ومؤثرة على المجتمع في مكافحة تصحر المال .