[SIZE=5][B][COLOR=#010101]في أحد الايام , صليت الفجر في جامع الراجحي , في جو مفعم بالإيمان , وتلاوة تخشع لها الجوارح والأبدان , خشع فيها الإمام والمأمومين , وشعرت بدموع المصلين تنسكب من حولي . لحظات أخدتنا الى جنة الدنيا , فما أجملها من لحظات , لو قرأ الأمام عشرات الصفحات لما شعرنا بالوقت والوقفات . وبعد إنتهاء الصلاة , وذكر الورد والأذكار . هممت بالخروج من الجامع , وإذ بأحد الأصدقاء يمسك بيدي , وهو صامت ومبتسم , ونظرات عينيه توحي لي أن قلبه مليئ بكلام يحتاج للبوح به , فسرنا مع بعض حتى أوقفني في مكان منعزل في الجهة الخلفية للجامع . فبادرني بسؤال؟
كيف الإيمان . فقلت له :- نسأل الله الثبات على الحق . فقال : الحق واضح جلي . فقلت له : كلامك صحيح في المفهوم العام , ولكن وضح لي مقصودك لعلنا نكون متفقين . ثم شرد بذهنه لحظات مع أخذ نفس عميق , وبعدها قال :- اقصد بكلامي الهجمة الدولية على الدولة الإسلامية ألا يعني ذلك لك أن الدولة الإسلامية على حق بدليل تكالب العالم بالهجوم عليها . قلت له : هذه المسألة تكلم بها أهل العلم المعتبرين الثقات كثيرا ووضحوا مالبس فيها على الناس بالتفصيل ولم تعد خافية على الجميع ونحن علينا الأخذ بما أفتوا فيه , لكن سوف أضرب لك مثالا , هل سمعت بالإنتربول الدولي أو الشرطة الدولية . قال : نعم . قلت له : ماذا تعرف عنهم . قال : الإنتربول هي إتفاقية دولية للتنسيق بين شرط دول مختلفة وكثيرة جدا لمحاربة الجريمة والقضاء عليها والقبض على المجرمين . ثم قاطعته قائلا له : يعني تعاون دولي بغض النظر عن المعتقدات الدينية للقضاء على الجريمة . قال : نعم . قلت له : فهل تؤيد فكرة الإنتربول أم أنت ضدها . قال : بالعكس الفكرة ممتازة والهدف رائع ومشروع . قلت له : جميل جدا , إذا فلننطلق من هذا الأساس لمتابعة حوارنا . قلت له : لن أخوض في مسائل ومخالفات جمة لا تحصى لتنظيم الدولة ولكن سأتطرق لجزء يسير منها فقط وسوف أسألك سؤلا ؟ ألا تعتقد وبتجرد تام إن ما يفعلونه من قتل للمسلمين وقطع رؤوس من يوحد الله , والحكم على من يخالفهم بأنه مرتد , وتسليط سهامهم في نحور المسلمين , واعتقادهم بمحاربة المسلمين المرتدين حسب قولهم أولى من محاربة اليهود والنصارى , وهذا المعتقد لهم يعني أنهم سوف يحاربون كل المسلمين الذين لا يبايعون خليفتهم , وهذا يعني إستمرار هذا التوجه لسنين طوال . أليس ذلك من أعظم الطوام على الأمة الإسلامية . فتجهم وجه وتغيرت ملامحه وقاطعني قائلا : لا أستطيع مواصلة الإستماع لكلامك لأن إختلافنا يبدو عميقا , قلت له إنتظر مازلنا في بداية الحوار . ثم إستأذن على عجالة وأنصرف ...
هنا تكمن خطورة التطرف والتشدد المنهي عنه في الشرع , ومن أهمها عدم قبول الرأي المخالف . أما أن تكون معي أو تكون عدوي , فالمعروف عن المسلم أنه يهتم بمراقبة عمله مع الله ويلتمس الأعذار لمن حوله , وأما المتشدد المتطرف فيهتم بمراقبة أعمال الأخرين مع الله دون أن يلتمس الأعذار لهم . ان أصحاب الفكر التكفيري يصعب جدا الحوار معهم أو إقناعهم بالتحول عن أفكارهم الضالة , والمقبوض عليهم في الحوادث الإرهابية هم خير دليل على صحة كلامي . فالشبهة في المعتقد يندر من ينجو منها , فهي كالشجرة التي لها جذور متأصلة في الأرض , إذا قصصتها تبقى جذورها في الأرض , ما تلبث أن تنبت من جديد إن وجدت من يسقيها ويرعاها .
أنا لست يائساً من إصلاح أصحاب هذا الفكر , لكني أنبه الى أن مسألة الإصلاح لهم يجب أن تكون مستمرة دون قيدها بزمن أو فترة معينة للحيلولة دون وقوعهم في يوم ما بأيد من يتفننون بسقيا جذور التطرف الذي لم يجلب لنا سوى المأسى , والتضييق , والندم , وفوات مصالح عظيمة للأسلام , وتعثر لحركة الدعوة الإسلامية . فأين المصلحة في ذلك ؟ . إن الوسطية والأخذ من السيرة النبوية السمحة هو المطلوب من الجميع دون لوي لأعناق النصوص . فنحن تعلمنا من ديننا السماحة , والكرم , والعفو , وحسن الخلق , وكل خصائل الخير . يسروا ولا تعسروا , بشروا ولا تنفروا . هذا ما نريد ...
كتبه ..
دوجان الراوي[/COLOR][/B][/SIZE]
6 pings