[SIZE="5"]اتضح جلياً في الأيام الماضية تقديس العرب للبراغماتية في الأشخاص وليس في المنظومات الحكومية التي يجب أن تكون فوق الأشخاص أياً كانوا وذلك تجلّى حينما همّ الجيش التركي تحركه قوى دولية للانقضاض على الدولة المدنية الديمقراطية في تركيا فنزل الشعب دفاعاً عن الحرية التي ما نالها إلا بعد سنين عجاف من الانقلابات والتوترات وأعطى العالم العربي خصوصاً درساً في الحفاظ على الدولة ومقدراتها ومكتسباتها وقبل ذلك أعطى الجيش درساً بأن مكانهُ الثكنات لحماية الدولة من التدخل الخارجي وليس الطمع فيها والانقضاض عليها .
دولة تركيا هي دولة علمانية مدنية واستراتيجياتها علمانية بحتة تدل عليها سياساتها في الآونة الأخيرة كالتطبيع مع اسرائيل والاعتذار من روسيا وإعادة صياغة الصداقات مع أي دولة حسب مصلحتها وليس على حسب أهواء البعض خارجها والذين يرفعون شعارات هي أكبر بكثير من تركيا الوطنية .
أما الأمور الاجتماعية فلا بأس بإعطاء المسلمين وهم الأغلبية الساحقة عدداً كبيراً من ممارسة معتقداتهم التي حرّمها أتاتورك في ذلك الوقت لإثبات أن الدولة علمانية وهذه الصلاحيات تنسحب على جميع الديانات في هذه الدولة فاليهود والمسيحيين وحتى المذاهب الأخرى تتمتع بنفس الدرجة التي يتمتع بها المسلمون هناك من حرية المعتقد وممارسة الطقوس الدينية في أي مكان في هذه الدولة المدنية .
قبل بضعة أشهر أعلن أردوغان أن بلاده ستظل علمانية وسيحافظ على علمانيتها وديمقراطيتها كما أنه يرى العلمانية بمثابة ضمانة للديمقراطية في البلاد ، وعلى النقيض فقد قال أردوغان في كلمة مسجلة ألقاها عام 1994 إن العقيدة العلمانية التي يقوم عليها النظام التركي لا بد من إلغائها لأن الإسلام والعلمنة لا يمكن أن يتعايشا معاً إلا أن الرجل تراجع عن هذا الكلام وفضّل الدولة العلمانية على ما سواها حسب تصريحاته بل واستشهد مفتخراً بأن 3 دساتير فقط في العالم تحتوي على لفظ العلمانية وهي: الدستور الفرنسي والتركي والإيرلندي.
الأتراك المدنيون الآن منزعجون جداً من التصريحات التي يدلي بها بعض الناشطين السياسين خصوصاً في العالم العربي ومُحرجون منها ولا يرغبون إقحامهم في أي تيار سياسي يحمل الطابع الإسلامي ولكن حينما زايد البعض عليهم لدرجة إطلاق لقب " السلطان العثماني" على أردوغان هنا اضطر مستشار الرئيس التركي للقول أن هناك شعارات ونعرات يطلقها العرب هي أكبر بكثير من دولة تركيا ، وتركيا دولة وطنية أولاً وتراعي المعاهدات الإنسانية ثانياً والدولية ثالثاً وستبقى دولة علمانية مدنية ولا نريد شعارات يغضب منها الغرب وتنافي حلمنا في الدخول في منظومة الإتحاد الأوربي ...
فهل يعي الناشطين العرب ذلك ...[/SIZE]
6 pings