[SIZE=5]أحب هذه الملكة
أحببت أن أتحدث إليكم حديثاً ذو شجون عن ملكة لبست تاج العفاف،وحملت وسام عاطفة الكون، هذه الملكة لم يرد اسمها في كتب التاريخ كملكة سبأ، ولم تذكر في إخبارية الفضائيات كملكة من ملكات دولنا الحاضرة.
هذه الملكة تعيش بيننا تأكل معنا ،وتشرب معنا،فما أعظمها من ملكة !! ترى منا التقصير والهون،وأقل درجات العون، وترضى بالقليل،وتراه يستحق الجميل،ومع ذلك تصبر وتقابل ذلك كله بالعفو والصفح والغفران،فما أعظمها من ملكة!!ناهيك عن الإساءة لها تعمداً أو بالغمز واللمز، وما أشبه ذلك من إهانة وتعدي وتطاول..ومع هذا تعفو !وتصفح !فما أعظمها من ملكة !!
في سنين خلت،وأيام مضت،مرت علي قضيةً بالمحكمة تشكو فيها هذه الملكة حزنها وبثها إلى الله وحدة، حيث اعتدى عليها من ا حسنت إليه فقابل الإحسان بالإساءة، والبر بالعقوق،والوفاء بالجفاء، ومع هذا كله جاءت وهي على استحياء من أمرها، تحمل عصاها وقد لف وجهها بالشاش الأبيض، ليكون شاهداً لها عند الله،وهو المحيط بكل شيء،و شهادة لأهل الأرض على الظلم والجور،فما من شبر في جسدها، إلا وتجد فيه بصمة عار لمن فعلها ،وخزية عار لمن صنعها (وعند الله تجتمع الخصوم) جاءت وقد أذاقها هذا الذئب البشري اللئيم،من العذاب الأليم،ما فج صمتها لتصرخ في وجوهنا تطلب أطلاق صراحة فوراً ،وأنها مسامحة لوجه الله تعالى من أهان،وما بدر منه و كان.
أيها الأخوة الأعزاء،أيها الأخوة النبلاء، لو أن واحداً منا انتفخ بطنه ساعةً واحده ماذا يكون من أمره؟والى أين مستقره؟ تجده من طبيبٍ إلى طبيب ،ومن أخصائي باطنية إلى أخصائي قلب يبحث عن العلاج، يسأل أصدقائه عن أخصائي عالج مثل هذه الحالة، فمنهم من يقول له فلان مثلك انتفخ بطنه فمات فيزيد همه،ويشتد غمه،وآخر ينصحه بالعلاج بالخارج،فدوائهم في بلادنا غير دارج،كل هذا وذاك بسبب انتفاخ بطنه ساعة واحده،فما بالكم بمن انتفخ بطنه ستة آلاف وأربع مئة وثمانين ساعة (6480) هذا الرقم يقدر بتسعة أشهر،هل عرفتم هذه الملكة !! إنها الأم ولنا تضم،،إنها الوالدة وفي قلوبنا خالدة،إنها العزيزة وحبنا فيها غريزة ،إنها النظيفة وعلى أمورنا لطيفة،إنها الطاهرة وعلى راحتنا ساهرة،إنها النقية وفي أمانتها تقية،إنها الحبيبة ولهمومنا طبيبة،إنها اللينة و دموعها بينة، إنها الغالية وفي ديننا عالية، إنها محدودبة الظهر العاطفية, [COLOR=#FF0017]قال تعالى:(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) سورة ابراهيم 41.[/COLOR]
أيها العاق،تذكر إذا بلغت التراق،والتفت الساق بالساق،إلى ربك يومئذٍ المساق، هذه رسالة من محب، وناصح لك أمين ،قبل أن يأتيك الموت وتقول ربي ارجعون لعلي اعمل صالحاً لما تركت، كلا إنها كلمة ً هو قائلها إنهم إليها لا يرجعون،
أيها العاق، دعائها شفائك،وصدرها غذائك،وظهرها مركبك تسهر لتنام أنت، وتجوع لتشبع أنت، وتحزن لتفرح أنت، هذه الملكة، هل تستحق منك العقوق،وسرقة الحقوق.
أيها العاق،لو أحسن إليك حيوان مرة واحدة،لما نسيت الجميل له،فكيف بأمك،ومن بأحضانها تضمك، فلا زال بعض الأمهات ترضى بالبر القليل لكف الأذى عنها ولازالت دموعها تدمع ألماً وقهراً على عقوق ابنها.
أمسلم تربى على الإسلام ؟يعق والدية !! أنها جريمة كبرى [COLOR=#FF0017]يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلم:)ثلاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى(. أخرجه أحمد والنسائي[/COLOR]
فالوالدة لسان حالها: يقول احدودب ظهري، وارتعشت أطرافي، وأنهكتني الأمراض، وزارتني الأسقام، لا أقوم إلا بصعوبة، ولا أتكلم إلا بجهد، ولا اجلس إلا بمشقة ..
يا بني: لن ارفع الشكوى ولن أبث الحزن لأنها إذا ارتفعت فوق الغمام إلى رب السماء والأرض، أصابك شؤم العقوق وحرمان الحقوق ونزلت بك العقوبة،وحلت بدارك المصيبة ،لا ..لا ..لن افعل ذلك ،،فقط اطلب لك الهداية والتوفيق يا بني !!
اتق الله في أمك ،وأعيذك أن تكون ممن عناهم [COLOR=#FF0008]قول الرسول صلى الله عليه وسلم (رَغِمَ أَنف ثُمَ رَغِمَ أَنف ثُمَ رَغِمَ أَنف قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ الله قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبويهِ عِنْدَ الْكِبَرَ أَحدُهُمَا أَو كِليهِمَا فَلمْ يَدْخُل الْجَنّةَ) رواه مسلم[/COLOR]
ربي أوزعني أن اشكر نعمتك، وأوصل رسالتك، لمن كان له قلب سليم،فلنتسابق إلى بر الوالدين، ولنتذكر أن الهوان لمن يعقهما،ألم يجعل الله حق الوالدين مقرونا بحقه [COLOR=#FF0026]بقوله تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) [الإسراء:23].[/COLOR]
[COLOR=#FF0008]وقوله جلَّ وعلا: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14].[/COLOR]
فضيلة الشيخ الدكتور:
منيف بن سالم الديدب [/SIZE]