التجمع بعد تفرق والوحدة بعد شتات هو العنوان الأبرز لليوم الوطني السعودي، الذي كلل فيه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – بفضل الله- جهوده المضنية بإعلان انضواء جميع أراضي البلاد تحت راية واحدة هي راية المملكة العربية السعودية؛ كان ذلك تحديدًا في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932.
لا شك أنه يوم تاريخي لم يأتي من فراغ؛ بل سبقه كد وجهد سياسي وحربي جبار استمر على مدى أكثر من ثلاثين عامًا، استطاع فيها الملك عبد العزيز بسط سيطرته وتوحيد جموع المواطنين حينذاك على قلب رجل واحد.
لقد كان ذلك اليوم نقطة انطلاق حقيقية لمصير الجزيرة العربية، استعادت فيه منطقتنا ودولتنا ما تستحقه من مكانة طبيعية وسط أقرانها من دول العالم، ولم يكن لهذه المكانة والسمو أن يكونا لولا هذا التوحد الذي أقره الملك المؤسس، وتلك رسالة ضمنية تؤكد لما أن في وحدتنا الدائمة خلف القيادة كل ما نتمناه من رخاء وإنجاز.
على جانب متصل حري بنا أن نستغل هذا اليوم والاحتفال به في غرس قيم الوطنية في نفوس النشء والأطفال والشباب من أبناء هذا الوطن، فهم الحاضر والمستقبل الذي سيحمل شعلة المملكة لتعلو فوق هام السحاب، ولن يكون غرس الانتماء والوطنية إلا من خلال فعاليات ثقافية وميدانية تُعنَى بالتجول وسط التاريخ وتبيان المجهودات الشاقة والتضحيات الكبيرة التي قام بها الأجداد، وبالتوازي فعاليات أخرى تُعنَى بالحاضر وتبين ما تم إنجازه والآفاق المستقبلية المتوقعة ودورنا فيها، فضلا عن مشاركات واقعية تُعنى برفع الوعي والتنمية الذاتية والمساهمة المجتمعية.
في الإطار ذاته يبرز لنا التعليم كأداة مهمة من أدوات ترسيخ الوطنية في النفوس وغرس روح الانتماء إلى هذا الوطن، ورغم المحتوى الوطني الفعال الموجود في المناهج الدراسية، إلا أنني أعتقد أننا ما زلنا في حاجة لتبيان ما يتم إنجازه على الأرض لطلاب وطالبات المراحل المختلفة، ليس بالمناهج فقط وإنما من خلال عمل البرامج والفعاليات النوعية وكذلك من خلال تنظيم رحلات وزيارات ميدانية لمواقع العمل في المشاريع الوطنية المختلفة، إن هذا من شأنه أن يضع أبناءنا موقع الفخر والمسؤولية، الفخر بما يتم إنجازه، والمسؤولية التي تحتم عليهم استكمال هذه الرسالة والمشاركة الفاعلة فيها.
إن الاستعداد للمستقبل لا يقل أهمية عن بناء الحاضر، فهو الصلة التي بها سيستمر الإنجاز وسيتقدم وطننا إلى الأمام، وليس لدينا أهم من الإنسان كي نستثمر فيه، فهو باني الحضارة وموجّه دفة الأيام إلى حيث نأمل من حال، وما نشهده حاليًا من خطو راسخ نحو المستقبل عبر رؤية 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يبشر بما لا يدع مجالًا للشك بمستقبل مشرق نطلّ به على العالم من زوايا اقتصادية وحضارية عديدة، تنوع حقيقي يثري مجتمعنا ويقوي فينا روح الانتماء ويشغلنا بما فيه الخير لذاتنا ووطننا.
1 ping