من يقرأ العنوان يتبادر لذهنه أنني أعيش أيامي الأخيرة وأكتب وصيتي أو أنني أقوم بتسويق نوع من كاميرات التصوير موصياً باقتنائها، لكن الحقيقة لا هذه ولا تلك، إنني لا أكتب وصية ولا أسوق لمنتج وكل مافي الأمر أن هذه من مفارقات وجمال اللغة العربية حمالة الأوجه عند كتابتها.
وصيتي عبارة عن واو عطف ومعطوف عليه فليس المقصود بها الوصية لكن قصدت بها صيتي أي سمعتي أو شهرتي وهي كلمة مأخوذة من الصيت الذي تصف به العرب الشخص المشهور فيقال فلان ذائع الصيت.
الصيت كلمة فصيحة وعامية بنفس الوقت وأكثر من شهرها بالعامية إذا تجاوزنا صيتي أرامكو و التابلاين الذي كان بمثابة المنبهه لعمال الشركة لأوقات الدوام و فترة الغداء هو مسلسل غليص وخصوصاً (الشيخ مناع) عندما قال لجلسائه ( ماريد تحمدوني ببيتي ، أريد تحمدوني بين العربان ، أريد صيتي ياصل لكل العربان).
مناع يطلب من رجاله أن يمدحوه بين العربان لأن في ذلك الزمن لم يكن هناك كاميرا بيد أصحابه يصورون بها ولائمه وذبائحه التي تعكس كرمه وجوده حسب وجهة نظره ويقومون ببثها عبر وسائل التواصل وخصوصا السناب.
الآن مشاهير السناب أصبحوا يقومون بدور أصحاب مناع وأصبح صاحب الدعوة أو الوليمة أسير لسحر كاميراتهم وبريق فلاشاتها فأصبح يترقب خروج الجوالات من الجيوب وبدأ الكاميرات بالتصوير كي يذيع صيته بين العربان.
للأسف أن الكريم بالفطرة ومتصنع الكرم و مشاهير السناب ومستخدميه تم إستدراجهم بمعرفتهم أو بدونها لشراك الكاميرا حتى أدمنوها فأصبحوا نسخة مطورة من (الشيخ مناع) ورجاله.
إلى هنا يعتبر الوضع بالنسبة للكريم تحت السيطرة و الأضرار مادية فقط لكن الخطورة عندما يدخل على الخط أشخاص سيكوباتيين مثل (غليص ولد رماح) الذي يعرف نقاط ضعف (مناع) وأنه أصبح أسير للمدح فأخذ يردد على مسامعه عبارة (صيتك بين العربان ذعار) هنا يكون الكريم بالفطرة ومتصنع الكرم قد أضافوا لخسائرهم المادية خسائر معنوية عندما أصبحوا ألعوبة بيد الوصوليون من المداحين فانكشفوا للمجتمع وأصبحوا محل تندره وسخريته.
لا أحد يزايد على صفة الكرم و الصيت الطيب وإنهما من الخصال المحمودة التي يحث عليها الدين والعرف لكن عندما يقع صاحبهم في شراك وسائل التواصل و أضوائها البراقة فإنه يبدأ تدريجيا بتقمص شخصية مناع عندما يردد ( أريد صيتي ياصل لكل العربان).
كل ماعليك عزيزي القارئ عندما تشاهد كاميرا تصوير في مناسبة تذكر مناع ورجاله وغليص ودهائه وقرر ماهو الدور الذي ستقوم بتجسيده على خشبة المسرح في هذه المسرحية الهزلية فإذا كان هناك دور يقال لك فيه (اُنجُ سعد فقد هلك سعيد) فعض عليه بالنواجذ.
إضاءة شعرية للشاعر الرزين (رزين الثلابي)
من يوم ما سوو جهاز وشريحة
لي قلب ناغزني ولي عين رفت
ما عاد أحد يحسب حساب الفضيحة
أغلب عقول المسلمين إستخفت
اللي تحسبه ضلع محد يزيحه
من وين ما لاح الفلاش يتلفت
يا مصورين الضيف عند الذبيحة
أوضاعكم صارت من الزفت لأزفت