[COLOR=#0F0F07][B][SIZE=5]أقام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي ندوة بعنوان: «مدينة وعد الشمال.. والمسؤولية الاجتماعية» الأسبوع الماضي بمدينة سكاكا بمنطقة الجوف، ضمن فعاليات منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية في دورته الثامنة، والتي يعقدها سنوياً بالتناوب بين منطقة الجوف سنة ومحافظة الغاط سنة، وكنا ضمن المدعوين للحضور، فمنذ اللحظة الأولى التي تطأ قدماك أرض الجوف، تحس أن هناك ورشة عمل قائمة، فمنشآت جامعة الجوف تقابلك أولاً بعد خروجك من المطار، وحتى تصل مدينة سكاكا التي تحتضنها سلسلة جبال الجيال أو (القيال) من الغرب والنفود من الشرق، وتحرسها قلعة زعبل من الشمال الغربي، وتجمع بين التنمية الحديثة، فالمباني الحديثة ظاهرة، كمبنى الأمانة والجوف بلازا، وكذلك مشروع مدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز الطبية والتي ستخدم كل مناطق شمال المملكة، إذ ستشمل خدماتها منطقة الجوف والحدود الشمالية وتبوك وحائل، ووجود بعض الأنماط القديمة كالآثار وبقايا دور طين وبساتين (حوط) داخل المدينة.
أظهرت أوراق العمل التي قدمت في المنتدى، وكذلك مجسم المدينة المعروض، أن مدينة وعد الشمال التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين تقع على مساحة 440 كم مربع ومجهزة بكل ما يحتاجه سكانها للعمل في شركة معادن، التي تتولى تعدين الفوسفات واستخرجه، ويقول المهندس سعود السعدون من معادن إن الشركة وظفت 2400 شخص، هم من نواة من سيعمل في مشروع معادن، وهم من أبناء منطقة الحدود الشمالية بشكل خاص والشمال بشكل عام، وتم إرسالهم للتدريب والتعليم، وكذلك فرضت الشركة على المقاولين توظيف 12 في المئة من أبناء المنطقة تطبيقاً للسعودة، كما تفرض الشركة الاستفادة من المصادر والموارد والاحتياجات بقدر 10 في المئة من المنطقة الشمالية، فالصناعات التي ستكون في المنطقة هي صناعة الفوسفات والصناعات التحويلية والاستثمار الصناعي المستقبلي.
كما بينت أوراق العمل أن الفرق والاختلاف بين وعد الشمال وبقية المدن الاقتصادية، هو تطلع خادم الحرمين الشريفين لمعالجة بطء التنمية في المناطق التي لم تشملها التنمية ومن ضمنها مناطق الشمال، وهو ما ركز عليه الدكتور محمد الهذلول في ورقته، ولذلك يؤكد أن نجاح المشروع في كونه مخططاً مسبقاً بما يشمل السكن والتدريب والاستثمار، وكونه كذلك يقع في منطقة بأمس الحاجة إليه، وتوقيته استراتيجي وفي غاية الأهمية، ويورد كذلك الدكتور حسان أبوحليقة، عن تجربة الجبيل وينبع أن صحيفة Financial Times اللندنية كتبت خبراً بعنوان دعهم يحلمونlet them dream، مشككة بجدوى المشروع، وبقدرة المملكة على التنفيذ، وها نحن نرى الجبيل وينبع، وبإصرار من الحكومة، من أكبر المشاريع الاقتصادية في الشرق الأوسط، ولذلك يجب أن يكون وعد الشمال نموذجاً لمشروع متكامل، وجد ليعطي المجتمع حاجته، ومنها خلق فرص وظيفية من خلال تطوير مدينة صناعية متكاملة، تتكون من جزء تنموي للبنية التحتية، وجزء اقتصادي للمستثمرين، كما فعلت أرامكو في الشرقية، وبقية المناطق التي عملت فيها، وهو ما يعني أن تقوم معادن بتطوير المجتمع المحلي من خلال توفير فرص العمل وخلق مدينة متكاملة، تتوفر فيها الطرق البرية والسكك الحديدية، ويصبح الشمال منطقة صناعية منتجة وليست مصدرة فقط للمواد الخام، والسعي للتكامل بينها وبين بقية المناطق، في التصنيع والإنتاج وتطوير وتنمية الموارد الأخرى في الشمال، مثل زراعة الزيتون والاستفادة من الخامات الأخرى في المنطقة، أياً كان نوعها، وتنمية الاقتصاد المحلي من القطاع الخاص، وإيجاد منشآت اقتصادية إنتاجية محلية في كل مناطق الشمال الأخرى.
نقطة أثيرت في المنتدى وفي غاية الأهمية، وهي ضرورة مشاركات الجامعات في المناطق الشمالية في مشروع وعد الشمال لشركة معادن، كجامعات الحدود الشمالية والجوف وحائل وتبوك، كما حصل بين شركة أرامكو وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فالتعاون بين مشروع وعد الشمال الذي تشرف عليه شركة معادن والجامعات يخلق بيئة بحثية علمية وعملية بين الطرفين ويساعد في تنمية المنطقة المستدامة، ويكون مصدر دخل للبحوث في الجامعات، سواء عن طريق تمويل كراسٍ بحثية أو تمويل مراكز البحوث، ويمكن ابتعاث طلاب لتلك الجامعات للدراسة في تخصصات محددة تحتاج لها شركة معادن والشركات الملحقة بها.
لقد خلص المنتدى في النهاية إلى نقاط عدة مهمة منها: أهمية طرح المسؤولية الاجتماعية في هذا الوقت بالذات، وخلال بداية العمل بمدينة وعد الشمال، لتستفيد منه الأطراف كافة في المشروع، وينعكس مستقبلاً بشكل إيجابي ليس فقط على المنطقة، بل على المجتمع كافة.
وكذلك يرى المشاركون أن هناك نقطة مهمة أخرى هي أهمية وضع تشريع لموضوع المسؤولية الاجتماعية على مستوى الشركات والقطاعات، وهذا هو دور مجلس الشورى لمناقشة هذا الموضوع، وكذلك التعاون مع الجامعات من خلال مراكز الأبحاث أو الكراسي البحثية، ولا تقتصر على جامعات معينة، بل تشمل الجامعات كافة ومراكز الأبحاث في المملكة، وفتح أبواب المشروع للكفاءات كافة من أبناء المنطقة، كما حصل في المنطقة الشرقية عندما فتحت أرامكو أبوابها لأبناء المملكة كافة للعمل بها. وهناك نقطة مهمة أثيرت في المنتدى، وهي وجوب تدخل الدولة من خلال إنشاء هيئة ملكية كالهيئة الملكية في الجبيل وينبع، أو ضمها للهيئة الملكية للجبيل وينبع، لتساعد على سرعة الإنجاز ومساعدة «معادن» في سرعة الإنجاز.
الأحلام في كثير من الأحيان تتحول إلى واقع، لكن أن يصبح جبل أم وعال معلماً سياحياً، هو أبعد من الخيال نفسه، خصوصاً من يعرف أم وعال وتاريخها، فهي تقع في حماد طريف، وكانت معلماً للبادية، فمن كان يظن أن هذا الجبل سيكون ضمن حدود مدينة اقتصادية ومعلماً من معالمها، فكل ما نعرفه بعض الروايات التي يتناقلها لنا أهلنا عن أم وعال وشعرة الماء الموجود فيها، ووعيلة الملاصقة لها.
كل الشكر والتقدير لمنتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات على إقامة هذه الندوة الهامة، واستضافة هذه الكوكبة من الخبراء في الاقتصاد والإدارة، للتحدث عن رافد جديد من روافد الاقتصاد في مملكتنا الحبيبة.[/SIZE][/B][/COLOR]