[SIZE=5][B]حين تذهب إلى دولة أوروبية وتنظر كيف يسير كل شيء بهدوء و كأن سكان المدينة تناولوا شحنة باخرة من المهدئات فصاروا كلهم بهذا الود وهذه اللطافة تسأل نفسك : لماذا لا يحدث هذا في مجتمعنا ؟! . لماذا حين تواجهنا أي مشكلة نجد أن هاجس القوة والعنف كحل للمشكلة هو أول ما يطفو لسطح تفكيرنا ؟ . العنف ليس القتل و اطلاق الرصاص أو اللكم والضرب والرفس فحتى نظراتك الغاضبة المقرفة التي توزعها على الناس هي نوع من العنف . صراخك في وجه طفلك باستمرار هو نوع من العنف . دخولك للمتجر أو الصيدلية وتجاوز كل الناس أمامك وأنت تشير بإصبعك للبائع كأنك توبخه :" عندك الفلاني ؟ بكم ؟ " والناس قبلك ينتظرون في سكون ليأتي دورهم هو نوع من العنف . حيك المؤامرات والدسائس ومحاولة إذلال الناس في لقمة عيشهم هو نوع من العنف . إرسالك لمقطع شخص يجز رأسه بسكين لأصدقائك على الواتس هو نوع من العنف الغير مبرر . ممارستنا للحياة بالطبقة الخشنة المحجرفة من مشاعرنا و أفكارنا هو نوع من العنف . العنف الاجتماعي ببساطة هو أن تلغي الجمال و الذوق من تعاملاتك الحياتية لتفسد على الآخرين حياتهم !.
بحثت عن أسباب العنف و ما الذي يصنع المجتمعات العنيفة فوجدت الفقر و الجهل و انعدام العدالة هي التي تصنع ذلك بشكل واضح . نحن في السعودية نعيش بحالة جيدة ماديا و نتلقى التعليم المجاني حتى نتخرج من الجامعة و نشتري كل الأدوات الحديثة التي تشتريها الشعوب المتحضرة اليوم ولدينا محاكم و قضاة و مؤسسات تعنى بتحقيق العدالة على الأقل على مستوى الأفراد العاديين من الناس . لماذا إذن نعيش هذه الحالة من الجلافة والعاطفة الذئبية ؟ لماذا لدينا هذا الكم الهائل من الريبة تجاه بعضنا البعض والرغبة بالسيطرة و الاستحواذ والصدام والاقصاء للآخرين ؟. أعتقد أن الثقافة الاجتماعية لها دور كبير و أعتقد أننا شعب كان تطوره المادي أسرع من تطوره الفكري والنفسي فصرنا نعيش حالة من الفصام الاجتماعي !. ربما الوقت كفيل بأن يحل كل ذلك وربما هو التورط بتبعات الأجيال السابقة الذي لن يزول إلا بزوال الجيل نفسه لتفرض النظرية المادية للتاريخ نفسها رغم أنف الجميع !.
كل شيء قابل للإدمان بما في ذلك صفاتنا البشرية . حين تعيش ليوم واحد في مجتمعات هادئة وديعة ستدرك أنك في الحقيقة لم تكن شخصا طبيعيا وأنك كنت تعيش حياة متشنجة وعصابية وأن كثرة العنف حولك و في كل مكان ترتاده جعلك تظن أن هذا هو الوضع الطبيعي مع أن هذا غير صحيح !. الهدوء و السلام هو أصل كل شعور سعيد تذكر هذا دائما , وتذكر أنك كلما أفرغت نفسك من الداخل كلما حصلت على كم أكبر من نفسك ومن الشعور بها . أحاول جاهدا أن أتدارك حياتي من العنف والقسوة والضجيج و أدعوك أيضا لتفعل ذلك . جرب أن يمر يوما واحدا في حياتك لم تصرخ فيه ولم تشتم ولم تتلفظ بتذمر و لم تكن فيه سببا مباشرا في تكدير حياة أحد ممن رأيتهم ذلك اليوم وستدرك حينها أهمية ما حدثتك عنه هنا !.
[/B]
[COLOR=#FF0017]كتبه : جميل بن مونس الرويلي[/COLOR][/SIZE]
4 pings