[SIZE=6]عندما تصل إلى مرحلة تستطيع فيها صناعة المبررات التي تكفي لإقناعك بأن تكون سعيدا على أي حال فإما أن تكون أحمقا مجنونا و إما أن تكون عبقريا جاوز مرحلة الأغلال اللامنطقية و أنا بالفعل أسعى للوصول إلى مرحلة " صناعة المبررات الكافية " و سواء كنت حينها مجنونا أم عبقريا فإنني في نتيجتي الجديدة سأكون سعيدا على أي حال و لن أهتم لكل هذا الهراء المتعلق بالعبقرية و الجنون !!.
كلنا نتفق في رغباتنا لأننا نستخدم نفس اللواقط التي نلتقط با ما يدور حولنا في الحياة و كذلك ما يدور فينا في حالة " الهروب إلى الداخل " و لكننا و إن أتفقنا في عدد أعيننا و ايدينا و آذاننا و كل حواسنا فنحن نختلف فقط في كيفية فرز ما مر علينا و تحليله على نحو صحيح مجد ٍ ! . بل إن بعضنا يستثمر غباءه في فهم ما مضى حتى يجني من ورائه الكثير من الأشياء كما بكت الخنساء على أخوتها و رثتهم حتى صارت مضربا للمثل و لو أنها غسلت شعرها و جدلت جدائلها و تجملت لزوجها لكان خيرا لها و لزوجها و لكنها كانت ترى أنها جزء بسيط من كل كبير قد رحل و أنها أبدا لن تكون شيئا بعده فهي تداري " لا شيئيتها " بالحزن الوفي و كم من حزين لا يمثل حزنه في الحقيقة سوى الشعور بالنقص على شيء كان يحسب أنه لن يكمل بدونه .
و إن قيل بأنه الحب فالحب ذاته هو شعور بالنقص تجاه شخص نعتقد أنه سيوفر لنا ما ينقصنا بشدة و لو أن هناك رجلا خلق وحيدا على كوكب آخر ثم وضع بعد بلوغه بين مجموعة من النساء لن يشعر بالحب و الشوق الذي نشعر به اليوم حتى و إن شعر بشيء " جنسي فطري " تجاههن و لكنه لن يذبل و لن يكتب القصائد في فقدانهن و لكن لأننا نرى الناس من حولنا فنحن نعاني بقدر ما نحاكي ما يجري حولنا مع أننا لو راجعنا نقصنا الذي نشعر به لوجدنا أنه مجرد شعور بالحرمان من شيء لم يحرم منه الآخرون حتى و إن كان فناءه بالكلية لن ينقص منا قدر خردلة و حينها سنتورط بشعور نقص فينا ليس له وجود حقيقي أصلا و كذلك الحال بالنسبة للمال و الجمال و كل شيء مشاع للممارسة الجماعية و الملكية الخاصة للجميع , هو في حقيقته " نقص الشعور بمحاكاة الآخرين " ! . هذا ما تحدث عنه أحد الأدباء الغربيين و سماه " إما كمال الحياة و إما كمال العمل " فكل شخص متعلق بشيء ما سيصل إلى مفترق طرق يختار فيه إما كمال ما كان يهتم به و إما كمال الحياة ككائن اجتماعي يشارك الآخرين كل شيء قابل للمشاركة و سيدفع ثمن ذلك النقص الواضح فيما كان يحب .
هذه الحياة تسرقنا من أنفسنا لنصبح " نسخا اجتماعية متشابهة " ليس لها ما يميزها فكلنا نسعى لنفس الأشياء و نحزن لنفس الأشياء و نسعد بنفس الأشياء و نستخدم في نفس الأشياء و في ظل الاعلام اليوم تستطيع أن تصنع في نصف ساعة مليون عاشق لنانسي عجرم و مليون مشجع لريال مدريد و مليون زبون لأي سلعة أخرى غير نانسي و ريال مدريد , حياة هي عبارة عن مصنع للسلع و مصنع للمتسوقين أو قل المساقين , لا فرق ! .
لهذا سنصل يوما ما إلى مرحلة أصبح فيها أنت أنا و أنا أنت و كلنا كلنا غير تفاصيل بسيطة جدا للغاية تقررها حتمية القدر و سطوة الماديات الغير قابلة للسيطرة عليها و كما يقول المثل الفرنسي :
عندما نرقص على نفس الموسيقى فكلنا سنؤدي نفس الحركات !!.[/SIZE]
كتبه : جميل الرويلي
[url]http://twitter.com/#!/yatmz[/url]
2 pings